الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد دعوات تعديله.. رحلة الدستور المصري من 1923 بين الإسقاط والتغيير.. ورياح التعديل تهب على وثيقة 2013

صدى البلد

إشكالية الدستور إشكالية كبيرة عاشتها مصر عبر مختلف الأنظمة، فدستور 1923 الذي أطلق عليه دستور الشعب أسقطه الملك وأعد دستور 1930 الذي اعتبره الشعب أنه دستور الملك وتم النضال من أجل العودة للعمل بدستور 1923، وهو ما أعدته لجنة من الأحرار الدستوريين مشكلة من 30 عضوا كان الهجوم عليها في وقته شرسا، إلا أنها أخرجت دستورا عظيما في الحريات.
وعندما قامت ثورة 1952 أسقطت دستور 1923 وتم تمزيق دستور 1954 والاعتداء على عبد الرازق السنهوري، ولم ير هذا الدستور النور بل ألقي به في صندوق القمامة على الرغم من أن من أعده هم من العقول المفكرة وعملت يوليو بما أسمته "الشرعية الثورية" وأطلق عبد الناصر الميثاق ثم أتبعه ببيان 30 مارس من إجل إطفاء غضب المعارضة، وهي ورقة توصي بوضع دستور للبلاد، وفي 1971 وبعد تولي الرئيس محمد أنور السادات زمام الحكم دعا مجلس الشعب لإعداد دستور دائم للبلاد واستمر هذا الدستور حتى قيام ثورة 25 يناير 2011 والتي قامت ضد نظام مبارك، ثم أعد دستور 2012، ثم التعديلات التي أجريت على الدستور بعد 30 يونيو والثورة ضد الإخوان، ويبدو أن هذه التعديلات لن تكون المحطة الأخيرة بل من المتوقع أن تجرى تعديلات جديدة بعد تعالي الأصوات بضرورة التعديل.
وكانت محطات التعديلات على الدستور كالتالي:
تعديلات 22 مايو 1980
في يوليو عام 1979، تقدم أكثر من ثلث أعضاء مجلس الشعب بثلاثة طلبات متضمنةً مقترحات لتعديل الدستور استنادا لنص المادة 189، وتضمنت هذه المقترحات تعديل بعض المواد، وإضافة مواد جديدة.
وأوكل مجلس الشعب إلى لجنة خاصة مشكلة من رئيس المجلس، و17 عضوا من أعضائه مهمة النظر في هذه الطلبات، وأنهت هذه اللجنة عملها، وعرضت تقريرها على المجلس الذي أقر التعديلات.
عُرضت هذه التعديلات الدستورية على الشعب المصري للاستفتاء عليها في يوم 22 مايو 1980، وتمت الموافقة عليها بأغلبية بلغت 98.86%.
المواد التي خضعت للتعديل هي المادة 1 - المادة 2 - المادة 4 - المادة 5 - المادة 77 وهي هتي تتعلق بفتح مدد الرئاسة وعدن التقيد بفترتين، وتم إضافة باب جديد هو الباب السابع الذي تضمن أحكاما جديدة تخص إنشاء مجلس الشورى وسلطة الصحافة.
تعديلات 25 مايو 2005
تصاعدت حدة الأصوات المطالبة بالإصلاحات الديمقراطية في عهد مبارك مع بداية عام 2005، وتراوحت مطالبها ما بين إدخال تعديلات على البنية الدستورية والتشريعية للحياة السياسية في مصر، ومعارضة التجديد للرئيس السابق حسنى مبارك لفترة رئاسية خامسة، ومواجهة احتمالات توريث السلطة لابنه جمال، أمين السياسات والأمين العام المساعد بالحزب الوطني الديمقراطى.
وفي فبراير 2005، أعلن الرئيس السابق عن مبادرة لتعديل المادة 76 من الدستور، بحيث يكون انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السرى العام المباشر من جميع أفراد الشعب الذين لهم حق الانتخاب، بدلا من اختيار رئيس الجمهورية بطريق الاستفتاء، بعد ترشيح مجلس الشعب لشخص واحد للرئاسة.
ووفقا لنص المادة 189 تقدم بطلب إلى مجلس الشعب بشأن هذا التعديل، وبإضافة مادة جديدة برقم 192 مكررا.
أقر مجلس الشعب في 10 مايو 2005 تعديل المادة 76 من الدستور بعد موافقة 405 من الأعضاء على هذا التعديل.
وطُرحت المادة بشكلها الجديد للاستفتاء الشعبي في 25 مايو 2005، وجاءت الموافقة عليها بنسبة تقريبية بلغت 83% من إجمالي نسبة المشاركين في الاستفتاء.
ارتباطا بالمادة 76 من الدستور، فقد تمت إضافة مادة جديدة هي المادة 192 مكرر، والتي تم فيها تغيير مسمى الاستفتاء إلى الانتخاب في كل المواد التي ترتبط باختيار رئيس الجمهورية.
الشروط التعجيزية التي تضمنتها المادة 76 في صيغتها النهائية التي وافق عليها مجلس الشعب دفعت العديد من الأحزاب السياسية وبعض الحركات السياسية المعارضة إلى مقاطعة الاستفتاء الشعبي والدعوة إلى ذلك، وأيضا مقاطعة الانتخابات الرئاسية التي جرت في سبتمبر 2005 تطبيقا للتعديل المذكور، وتنافس فيها تسعة من مرشحى الأحزاب السياسية مع الرئيس السابق الذي حصل على 88.5% من نسبة الأصوات.
المواد التي خضعت للتعديل هي المادة 76 والمادة 192.
تعديلات 26 مارس 2007
في ديسمبر عام 2006، بعث الرئيس السابق حسنى مبارك برسالة جديدة للبرلمان طلب فيها تعديل 34 مادةً من مواد الدستور، وهو ما يقترب من سدس النصوص الدستورية التي يحتويها دستور عام 1971.
وافق مجلس الشورى في 13 مارس 2007، ومجلس الشعب في 19 مارس 2007 بالأغلبية على التعديلات الدستورية المطروحة.
وفى 26 مارس 2007، أُجرى الاستفتاء على هذه التعديلات للمواد الـ34، ووافق عليها الشعب بنسبة بلغت 75.9%.
أبرز ما تضمنته هذه التعديلات تمثل في الآتى:
إلغاء كل ما يخص الاشتراكية والسلوك الاشتراكى وتحالف قوى الشعب العاملة، وما شابه ذلك.
النص على مبدأ المواطنة واعتبارها الأساس الذي يقوم عليه نظام الحكم (المادة 1).
حظر أى نشاط سياسى أو قيام الأحزاب على أساس الدين أو الجنس أو الأصل (المادة 5).
إنشاء لجنة عليا مستقلة للإشراف على الانتخابات- تكون لها صلاحيات مطلقة (المادة 88).
إحلال مادة مكافحة الإرهاب محل مادة المدعى العام الاشتراكى (المادة 179).
التخفيف (غير المؤثر) من شروط مشاركة الأحزاب السياسية في الانتخابات الرئاسية (المادة 76).
تقنين حماية البيئة واعتبارها واجب وطني (المادة 59).
إسقاط دستور 1971 وقصة دستور 2012
عقب ثورة 25 يناير، تم إيقاف العمل بدستور 1971 وتم إعداد إعلان دستوري لينظم العمل في المرحلة الانتقالية لحين إعداد دستور دائم للبلاد، ومن ثم يعد ذلك إيذانا بنهاية لهذا الدستور والدخول في مرحلة البحث عن دستور جديد يترجم أهداف الثورة، وحاولت جماعة الإخوان المسلمين بكل ما وأتيت من قوة بأن يسيطروا على الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور ومن خلال أول برلمان عقب الثورة أرادوا أن يشكلوا اللجنة برئاسة رئيس مجلس الشعب سعد الكتاتني وتكون اللجنة منبثقة من المجلس، وهو ما رفضته قوة مختلفة وتم الطعن إداريا على هذه اللجنة وتم إسقاطها، وبعد تولى محمد مرسي الرئاسة تم تشكيل لجنة المائة وأرادت الجماعة أن تكون ممثلة من جميع التيارات، إلا أن الإخوان فردوا سيطرتهم في أوقات كثيرة، مما جعل عمرو موسى وجابر نصار وآخرين ينسحبون من اللجنة ويضعونها في مأزق قبل عملية التصويت، إلا أن الإخوان عرضوا الدستور على الاستفتاء وتم تمرير الدستور في ظل أجواء معارضة وانسحابات معارضة لتيار الإخوان من لجنة المائة.
ثورة 30 يونيو وإيقاف العمل بدستور 2012
اشتدت المعارضة ضد جماعة الإخوان المسلمين، خاصة بعد تحديها لفكرة دولة المؤسسات والقانون وتغييرها للنائب العام وغل يد القضاء في حل مجلس الشورى ومحاصرة الدستورية، والتنكيل بالمعارضة والتهديد بميليشيات الجماعة، مما سد الطريق أمام الجميع، وكان لزاما أن نتجه لثورة جديدة وتم إسقاط الإخوان في 30 يونيو بعد عام من الحكم، وإيقاف العمل بالدستور وتشكيل لجنة من 10 أعضاء لتعديل الدستور وتقديم مشروع للتعديلات على لجنة من الخمسين عضو قاموا بإجراء تعديلات جوهرية على دستور 2012 بعد خلافا مجتمعيا حول إعداد دستور جديد أو تعديلات إلى أن توصلوا لجملة توافقية كتبت على غلاف الدستور "الوثيقة الدستورية الجديدة 2013 بعد تعديل دستور 2012 المعطل".

أصوات التغيير

تعالت الأصوات في الآونة الأخيرة، خاصة مع تعديل الحكومة وقرب استكمال الخطوة الثالثة من خارطة الطريق وتشكيل مجلس النواب، بضرورة تعديل الدستور وأن هناك ألغاما في مواد هذا الدستور يجبالحذر منها بل يجب تعديلها، بل إن الرئيس عبد الفتاح السيسي تحدث عن النوايا الطيبة، مشيرا إلى أن الأوطان لا تبنى بحسن النوايا فقط.
ومن أهم الألغام التي يراها المعارضون لدستور لجنة الخمسين، عدم قدرة الرئيس على إحداث تعديل وزاري، والمادة 156 وهي المادة التى تنص على ضرورة موافقة البرلمان على القوانين التي أصدرها الرئيس في مدة لا تتجاوز 15 يوما، وهو ما اعتبره البعض فخا لإسقاط القرارات بقوانين التي أصدرها السيسي، ومادة سحب الثقة من الرئيس البعض يثير تخوفات منها إذا تسلل تيار معين وحاول سحب الثقة من السيسي.