الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بالفيديو.. "صدى البلد" يحاور أقدم وأشهر صانع لـ "العرقسوس" في مصر.. مهنة عمرها 140 عاما.. الأصل "عم غريب" والابن فتحي يكمل المسيرة

صدى البلد

"صدى البلد" تحاور أقدم وأشهر صانع لـ "العرقسوس" في مصر...
*والدي أول من نقل صناعة العرقسوس.. وسيد جلال أفضل سياسي عرفته مصر
*شوال العرقسوس وصل سعره الى ألفين جنيه.. واللبن البودرة بـ 900 جنيه
*العرقسوس لم يعد مثل الماضي.. ومرارته الشديدة بسبب تركه على الشجر
*حضرت حفل زواج الملك من ناريمان.. وتناولت شوكولاتة الزفاف


قبل 140 عامًا أدخل السوريون مشروب العرقسوس الشهير إلى مصر، واحتكروا صناعته بينهم حتى استطاع قلائل من المصريين الدخول الى هذه الصناعة، لكن لم يكن لأحد أن يتخيل أن أحد هؤلاء القلائل، هو أول من عمل بها مع السوريون، والذي عاش ومات بين شوارع حي باب الشعرية العريق، حيث صار الرجل يحمل أدواته ويصول بين شوارع القاهرة رافعًا الصاجات بين يديه ينادي على عشاق المشروب من بين المصريين.

لم يكن "العم غريب" يعلم أنه سيكون مخلدًا في التاريخ بين المصريين وعشاق المشروب، خاصة بعدما قاد نجله "فتحي" الرجل الثمانيني مسيرته حتى الآن، يقدم المشروبات الطبيعية وعلى رأسها العرقسوس، باحثًا عن تخليد اسم والده كأول مصري يعمل في صناعة عصير العرقسوس السوري، ليلتقي به "صدى البلد" ويفتح صفحة جديدة مع صناع مصر من أصحاب المهن المختلفة، حيث يجلس "عم فتحي" كما يحب أن يناديه الجميع من زبائنه ورواده في محله الصغير بشارع بورسعيد بحي باب الشعرية وحوله مجموعة من الشباب يتجاوز عددهم الستة يعملون بالمحل لتقديم كافة الطلبات التي يتهافت عليها الجمهور من كافة أنحاء مصر.

يروي "عم فتحي" حكاية اسرة مصرية أولى عملت ومازالت متمسكة بالعمل في العرقسوس والمشروبات الطبيعية، حكاية عائلته بداية من والده مرورا به وبأخيه، ونجله، يعملون في نفس المجال، حيث أكد أنه بدأ ممارسة نشاط العرقسوس منذ أن كان في السادسة من عمره، حيث كان يساعد والده في تحضير العرقسوس، ونقله من المنزل الى المحل الصغير الذي كان يمتلكه في شارع "الخليج المصري" الذي عرف بعد ذلك باسم شارع بورسعيد.

وأوضح أنه رفض قرار والده بترك المجال، بعدما انتشرت محال العصائر في كافة أنحاء مصر، وأكد أن التحدي بدأ في أربعينيات القرن الماضي عندما قرر مع أخيه على فتح المحل واستكمال مشوار أبيه في العرقسوس، وهو ما تم حتى بدأ الأخوين في التفكير جديًا في العمل بالمشروبات الحديثة والصناعية، منها التمر هندي وغيرها من المشروبات التي تتكون من اللون وغيره من مكسبات الطعم، حتى جاء قرار والده صارمًا قائلًا: "انتم اجتننتم عايزين تشربوا الناس بودرة وتضروهم أكتر من روي عطشهم".

أضاف عم فتحي: "بعدها قررنا الاحتفاظ بالمشروبات الخمسة الطبيعية وهم العرقسوس، السوبيا، التمر هندي، الدوم، والخروب"، لإرضاء والدي والاحتفاظ بالعادات الأصيلة التي وضعها لنا، وأشار الرجل الثمانيني في حديثه قائلًا: "ما زلت احتفظ بزبائني من كل أنحاء مصر، لكنهم يأتون كل فترة يأخذون كميات كبيرة مما يحتاجونه لأن المواصلات باتت صعبة بين حي مثل مصر الجديدة وغيرهم".

وتابع: "الحياة خلال الحكم الملكي كانت أفضل بطبيعة الحال، لأنها كانت تورث الصفات الجميلة بين البشر فلم يكن هناك أي تجاوزات بين ابناء المناطق المختلفة، وكانت الحياة بسيطة وبها أصول وكل الأشياء ممكنة، بعكس الفترة الحالية فمن الجائز أن يصادفني طفل بسباب وشتائم بالرغم من أن عمره لم يتجاوز 13 عامًا ولا أستطيع الرد عليه لأنني في الأساس أحتفظ بصفات لم يكتسها هؤلاء حاليًا".

وقال: "حضرت زفاف الملك فاروق على ناريمان في قصر عابدين وظللت ابحث عن الشوكولاتة التي كان الملك يلقيها على الشعب: "كان طعمها شوكولاتة بجد مش زي دلوقت"، كان وقتها الملك فاروق يشعر بحبه للنساء وهو ملك وحر في كل اللى بيعمله.

وكشف عم فتحي عن أن شوال العرقسوس المميز وصل سعره الى ألفي جنيه كخام وليس متاحا بشدة بينما كان سعره في الماضي 15 جنيهًا فقط: "حد يصدق الأسعار دي يا ناس"، سعر لبن البودرة ايضًا وصل الى 900 جنيه "الفرنساوي"، علشان السوبيا تطلع طعمها زي زمان.

وعن العرقسوس أكد عم فتحي أنه لم يعد مثل الماضي وبات به مرارة شديدة بسبب السوريون الذي يتركونه على الشجر تتساقط عليه الأمطار فلم يعد العرقسوس مثل الماضي وعليهم أن يحسنوا من زراعتهم حتى يستطيعون مواصلة الحفاظ على تاريخهم في المشروب.

وأردف أن حي باب الشعرية سيظل في أذهان الجميع فمن بين ابنائه "سيد جلال" عضو مجلس الشعب الأسبق والذي تجمل المستشفى العام اسمه فهو أفضل سياسي عرفته القاهرة، بعدما تحول من "عربجي" لسائق ثم لمناضل سياسي وعضو مجلس الشعب، طالب وقتها ابناء دائرته ممن ناصروه في الانتخابات بعشرة جنيهات حتى استطاع بناء المستشفى التي حولتها الدولة الى مستشفى عام، مؤكدًا انه يتمنى رؤية أشباه الرجل لخدمة الحي وأبنائه.

وأنهي عم فتحي حديثه قائلا: "لا أبحث عن المال حتى افتتح فروعًا جديدة وأنشرها في القاهرة، لأن زبائني يأتونني، كما أن كل ما أربحه أنفقه على ابني وابنتاي، ولدي معاش من اتحاد الاذاعة والتلفزيون يكفيني أنا وزوجتي، وذهبت العام الحالي أنا و13 فردًا من أسرتي الى زيارة البيت الحرام جميعًا حتى أتمكن من ختام حياتي بالشكل الذي يرضي الله".

من جانبه، قال هاني فتحي غريب، النجل الوحيد لعم غريب: "أتمني أن أواصل رحلة عائلتي مع صناعة المشروبات الطبيعية"، مشيرًا الى أنه يبحث حالياُ عن الاستمرارية حتى يخلد اسم جده على مدار التاريخ.

وأكدت زوجة عم فتحي ما قاله الابن وكشفت عن تدخلها في بعض الملاحظات حتى يتسنى لهم الحفاظ على الزبائن.