الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تجميد أم تجديد الخطاب الديني


قرار تطبيق نظام الخطبة الموحدة والمكتوبة الذى اتخذه وزير الأوقاف هل يعد تجميدا للخطاب الدينى أم تجديدا للخطاب الدينى؟ وزارة الأوقاف من المؤسسات الدينية المعنية بالخطاب الدينى وكنا نأمل أن تخرج علينا بقرارات تعطى بصيص نور وأمل فى تجديد الخطاب الديني ؛ فإذا بالقرار تلو القرار ما يثير لدينا مخاوف كثيرة تجاه التجديد فى الخطاب الدينى.

ويجعلنا نتساءل هل اعتماد الوزارة على خطبة موحدة مكتوبة من عقل واحد يفرض على جميع العلماء والخطباء والجمهور المعنى فى كافة أنحاء الجمهورية يعد من باب التجديد أم التجميد ؟ هل ما يصلح لتناوله من موضوعات للناس فى الوجه القبلى هو نفس ما يحتاج إليه أهل الوجه البحرى ؟

وهل ما يصلح للوسط المتعلم هو نفس ما يصلح للوسط الذى يغلب عليه الأميين؟ إن كل من يعمل بالحقل الدعوى وأولهم الوزير يعلم أن الداعية قد يذهب لإلقاء خطبة أو درس ويعده إعدادا جيدا ثم يفاجأ بنوعية جمهور او مشكلة لا يصلح لها ما أعده فيقوم بتغيير الموضوع وطريقة الطرح والتناول حسب ما يناسب حالة الجمهور.

 فكيف يتسنى ذلك مع الخطبة الموحدة والمكتوبة وهل ذلك يعد تجديدا أم تجميدا للخطاب الدينى؟ لا يمكننى فى ظل الظروف الصعبة التى قد تعانيها المؤسسات الدينية أن ألقى باللوم على وزير الأوقاف لأنه فكر وقرر ما يراه من وجهة نظره مناسبا.

 وما يعتقد أنه الحل الأمثل لمشاكل الوزارة ، ولكن هل فكر في الحالة النفسية للخطيب الذى يفرض عليه ورقة ليقرأها حال تعامل الوزارة معه كآلة ليس لها عقل أو روح ونفس ؟ ولماذا نجد الصمت الرهيب من الدعاة المعنيين بالأمر؟

ولماذا لا يقدمون الحلول للمشاكل التى تعانى منها الوزارة ويساهمون بحل مشاكل الوزارة والجماهير فى نفس الوقت قد يكون السبب الرئيس في تطبيق الخطبة المكتوبة عدم قدرة المفتشين والمديرين بالأوقاف على أداء عملهم بالشكل المطلوب من متابعة الأئمة والخطباء وإلزامهم بتعاليم الوزارة.

وقد يكون ضعف الأداء والمراقبة أو التكاسل فى أداء المهام الموكلة إليهم وإيثار السكون والراحة على العمل والمراقبة والمتابعة.ولكن قطعا الحل ليس فى تجميد الخطاب الدينى وإذا كان قرار وزارة الأوقاف بالالتزام بالخطبة الموحدة وقراءتها من ورقة أو أي جهاز إلكتروني أمر معمول به فى كثير من الدول العربية.

لكن الأمر لا يجب أن يقتصر على هذا النوع من الإلقاء للخطبة لأنه هناك أيضا لا يقتصر على هذا النوع فقط من الخطب والدروس بل هو جزء من كل.

وعلماء الازهر الشريف ووزارة الأوقاف المصرية هم على رأس قائمة من تحترم عقولهم وقدرتهم على تحمل المسئولية وأمانة الكلمة كل الدول العربية ولذا لا تلزمهم ابدا بالخطبة المكتوبة فكيف يتم التعامل معهم بهذا الشكل الذى لا يليق بوزارة الأوقاف إن قرار الخطبة المكتوبة لم يراع كل الجوانب.

فلا يمكن إلزام الجميع به فمثلًا كبار العلماء والمفتى وأساتذة الجامعة ووكيل شيخ الأزهر ورئيس مجمع البحوث الإسلامية هل سيقبلون القراءة من ورقة أيا من كان كاتبها وتفرض عليهم الخطبة بهذا الشكل وهل ستقبل منهم الجماهير هذا النوع من الأداء ومحو شخصيتهم وتحجيم اداءهم العلمى والدعوى.

 إننى أدعو وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، الى النظر في هذا القرار ومشاركة الجمهور المتلقى والمعنى بالخطاب الدينى بعمل استفتاء جماهيرى على ذلك الشكل من الخطبة فهذا أدنى حق للجمهور المتلقى، والذى لم نجد له أي اعتبار عند اتخاذ القرار.

 فالواجب أن يتم إجراء استبيانً جماهيريً واستطلاع رأى لهذا الأمر ليعرف رغبة الجمهور ومدى تقبله لهذه النوعية من الإلقاء والمخاطبة الجماهيرية قبل أن يتخذ فيه القرار. كما يجب استشارة العلماء والخطباء فى الخطبة المكتوبة لأنهم من سينفذ القرار أعتقد أن تلك الطريقة التى يتعامل بها الوزير مع الأمور وحلوله التى يقوم بها لمواجهة المشاكل التي تعترض الوزارة تحتاج لمراجعة كبيرة ودراسة مستفيضة.

وإذا كان هناك مشكلة فى التزام الدعاة بالموضوعات الهامة للأمة أو سياسة الوزارة الدعوية فيمكن كحل لهذه المشكلة إشراك الجماهير فى المراقبة والمتابعة، وذلك بنشر القوانين التى يجب أن يلتزم بها الخطباء وإشراك الجماهير بمتابعة الإدارات بمدى التزام الإمام أو الخطيب بتلك القوانين من عدم التزامهم.وليتحمل من لا يلتزم نتيجة عدم التزامه ماديا وقضاءيا واجتماعيا وحتى نخرج من دائرة التجميد إلى سماء ورحابة التجديد.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط