الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيف نربى أبناءنا اجتماعيًا ؟


فى مجالس عديدة يطرح علينا سؤال؛ الأولاد تعبنا أوى يا دكتور مش عارفين نتعامل معهم إزاى؟

ونجد الحيرة واللخبطة ظاهرة على وجوه الأمهات وبعض الآباء، هل نشدد عليهم ونعاقبهم عندما لا يطيعون تنفيذ الأوامر؟ هل الضرب مباح أم خطأ؟ نحن عجزنا فى التعامل معهم، لسنا قادرين على السيطرة عليهم، الأولاد لا يستجيبون لأوامرنا، وغيرها من الأسئلة التى تطرح علينا.

وغالبية من يطرح تلك الأسئلة من المتعلمين الدارسين، والأغرب من ذلك بعضهم من خريجى كليات التربية ورياض الأطفال وعلم النفس والخدمة الاجتماعية، أى خريجى كليات لصيقة الصلة بل فى نفس تخصص موضوعنا وهو تربية الأبناء ورعايتهم.

وقد أعطى علماء النفس والاجتماع أربعة أجوبة عن كيف تؤهل الأسرة الأطفال اجتماعيًا؟ ويقول المتخصصون فى التعلم الاجتماعى إن الأطفال يتعلمون كثيرًا من خلال القدوة أو المحاكاة للآباء والأمهات، فيقلد الولد أو البنت الآباء فى تصرفاتهم، يتكلمون مثلهم ويسلكون نفس السلوك الذى يصدر من الآباء والأمهات، فإذا كان الأبوان مؤهلين اجتماعيا بشكل جيد، وملتزمين بقوانين التربية ويحترمون السلطة والعادات والتقاليد الإيجابية، فإن الأطفال سيتبعون خطاهما، أما إذا كان الأبوان يتجاوزان القانون ويتحايلان عليه فإن أطفالهما سيتبعان النهج نفسه.

وعبر بعض العلماء مثل ألبرت باندورا من منظري التعلم الاجتماعى من جامعة ستانفورد عن قلقهم الشديد حيال التأثير السلبي لمشاهد العنف بالتليفزيون والألفاظ النابية التى تترامى على مسامع الأطفال لما لها من تأثير محتمل على البناء المعرفى والانفعالى والسلوكى للأطفال الذين قد يتخذون من العدوان والانهيار الأخلاقى مثلًا يحتذى به.

وهناك طرح آخر للتكيف الاجتماعى وهو التكيف السلوكى من خلال عالم النفس الشهير سكينر وتلامذته، ويأتى هذا الطرح من خلال أطر الثواب والعقاب، حيث أظهر هذا الأسلوب من خلال البحث والتجريب أن الآباء الذين يكافئون أطفالهم لتعلمهم القوانين والصواب والخطأ والعيب والممنوع، ويحجبون المكافآت عندما لا يلتزم الأطفال باتباع القوانين، يصبح أطفالهم قادرين على التكيف مع النظام الاجتماعى الأوسع سواء فى المدرسة أو فى نطاق العائله الأكبر، وبالمقابل فإن الآباء الذين لا يكافئون التصرف الذى يحترم القانون ويكافئون كسر القانون يصبح لديهم أطفالًا يتحدون الأعراف الاجتماعية.

وكثيرًا ما يغفل الآباء نظام المكافآت على سلوك أبنائهم الإيجابى، ويهتمون فقط بنظام العقاب والتفنن والإبداع فى طرق وأساليب العقاب، خاصة البدنى الذى كثيرا ما تمارسه الأسرة بشكل انتقامى عدائى وليس بأسلوب تعليمى تربوى للوصول لتشكيل سلوك الطفل بأسلوب مرن وصحيح.

ونجد أن التدرج فى تعلم الأطفال القوانين والقواعد المنظمة مهم للتكيف والإدراك للبيئة الاجتماعية، فبعض القوانين والقواعد الاجتماعية أسهل فهمًا من سواها، لذا علينا التدرج فى التعلم والتدريب حسب التطور العقلى للطفل والعمر الزمنى والفروق بين الأطفال بعضهم البعض، وعلينا جميعًا آباء وأمهات أن نعلم أن الكائنات البشرية معقدة ونحن بجميع الاحتمالات نتعلم الأشياء بأكثر من طريقة واحدة.

وأنصح جميع الآباء والأمهات؛ علينا جميعًا أن نكون قدوة، فالأطفال يتعلمون أسرع بالاقتداء ومحاكاة سلوك الكبار ثم الثواب والعقاب، والعقاب ليس ضربًا بل بالحرمان من الأشياء المحببة للطفل بشكل متدرج تُراعى فيه المرحلة العمرية للطفل ورغباته والمدة الزمنية للحرمان من الأشياء كعقاب للطفل مع الشرح لأسلوب ومدة وزمن العقاب.

ولا نغفل المكافأة على السلوك الإيجابى حتى نشعر الطفل بالعدالة ونشكل سلوكه بشكل معتدل، والاهتمام بالمكافآت الرمزية كالربت على الرأس أو كلمة حلوة أو حضن دافئ.

على الآباء والأمهات التعرف على أساليب التربية وقوانينها من خلال الاطلاع والبحث فى الكتب المتخصصة وحضور الدورات التدريبية والمحاضرات والندوات، وعلى المدرسة العودة إلى نظام مجلس الآباء والالتزام به داخل مدارسنا.

من حقنا وحق أولادنا أن ننشئ جيلا واعيا ناضجا ملتزما بالقوانين والقواعد النفسية والاجتماعية والعقلية والسلوكية فى التعامل مع المجتمع من حوله، من حقنا جيل متكيف مع المجتمع.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط