الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اللهم لا اعتراض


جاءنى السؤال التالى من أحد الأصدقاء على حسابى بالفيس (د. الهام عندى سؤال من فضلك وأرجو الإجابة عليه، سمعت أن صلاة الألثغ لا تصح وأيضا إمامته للناس وكل من يصلى خلف الألثغ لا تصح صلاته فهل هذا الكلام صحيح؟).

وقد أرسله منذ فترة أولا على الخاص ولم أجبه عليه فكرر سؤاله على الحساب وألمح إلى أننى قد لا أجيب عليه تحرجا فقال : (وأنا ارسلت لك السؤال قبل كده عالخاص لكن حضرتك ما أجبت على سؤالى لعل المانع خير والا عشان فيه شخص مهم الثغ مش هتجاوبى عليا؟)
والحقيقة أنى لم أجبه على سؤاله لأنى لا أعلم إجابته ولكن دفعنى السؤال والتلميح والتصريح للبحث عن إجابته ولذا فقد جمعت أقوال العلماء فيه وما على إلا عرضها فقط بأسلوب سهل وبسيط ليسهل فهمه
ولنبدأ أولا بتعريف الألثغ
الذي يبدل حرفا بحرف ، يسمى (الألثغ) .وقد أولى العلماء اهتماما بالغا بأصحاب اللثغة لما يترتب على اللثغة من تغير فى بعض الحروف وبالتالى تبديل لمعانى الكلمات فقد خصص الكندى الفيلسوف العربى رسالة سماها ( رسالة فى اللثغة ) وأيضا أفرد الحاجظ لها قسما خاصا فى البيان والتبيين والفقهاء أفردوا بابا خاصا لبيان حكم صلاة وإمامة منقوص الحرف ( الألثغ ) وذكروا أن حكمه حسب حالته
الحالة الأولى :
أن تكون لثغته يسيرة ، بحيث ينطق بأصل الحرف ، ولكنه يخل بكماله ، فهذه اللثغة لا تضر ، وله أن يصلي إماما .
قال في "تحفة المنهاج" (2/285) :
" لا تَضُرُّ لُثْغَةٌ يَسِيرَةٌ بِأَنْ لَمْ تَمْنَعْ أَصْلَ مَخْرَجِهِ , وَإِنْ كَانَ غَيْرَ صَافٍ " .
ونقل المرداوي في "الإنصاف" (2/271) عن الْآمِدِيّ قوله : " يَسِيرُ ذَلِكَ – يعني اللُثْغَةٌ - لا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ , وَيَمْنَعُ كَثِيرُهُ "
الحالة الثانية :
أن تكون لثغته شديدة ، بحيث يبدل حرفًا بحرف ، ويستطيع تصحيح نطقه ولكنه لم يفعل ، فهذا لا تصح صلاته ولا إمامته ، إن كان هذا الحرف في الفاتحة .فالذى يبدل الراء ياء ينطق الصراط .الصياط وينطق غير. غيى.
والذى ينطق الضاد ظاء ينطق الضالين الظالين
ولذا قال النووي في المجموع (4/359) :
" تَجِبُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلاةِ بِجَمِيعِ حُرُوفِهَا وَتَشْدِيدَاتِهَا . . . فَلَوْ أَسْقَطَ حَرْفًا مِنْهَا أَوْ خَفَّفَ مُشَدَّدًا أَوْ أَبْدَلَ حَرْفًا بِحَرْفٍ مَعَ صِحَّةِ لِسَانِهِ لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَتُهُ "
وقال أيضًا (4/166) :
" وَالأَلْثَغُ إنْ كَانَ تَمَكَّنَ مِنْ التَّعَلُّمِ فَصَلَاتُهُ فِي نَفْسِهِ بَاطِلَةٌ , فَلا يَجُوزُ الاقْتِدَاءُ بِهِ بِلا خِلافٍ " اهـ .
قال ابن قدامة في "المغني" (2/15) :
" وَمَنْ تَرَكَ حَرْفًا مِنْ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ ; لِعَجْزِهِ عَنْهُ , أَوْ أَبْدَلَهُ بِغَيْرِهِ , كَالأَلْثَغِ الَّذِي يَجْعَلُ الرَّاءَ غَيْنًا . . . إِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى إصْلَاحِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَفْعَلْ , لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ , وَلا صَلاةُ مَنْ يَأْتَمُّ بِهِ "

الثالثة :
أن تكون لثغته شديدة ، بحيث يبدل حرفًا بحرف ، ولكنه لا يستطيع تصحيح نطقه ، فهذا تصح صلاته باتفاق العلماء .لقوله تعالى " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها "
قال النووي في المجموع (4/166) :
" وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ الأَلْثَغُ مِنْ التَّعَلُّمِ بِأَنْ كَانَ لِسَانُهُ لا يُطَاوِعُهُ أَوْ كَانَ الْوَقْتُ ضَيِّقًا , وَلَمْ يَتَمَكَّنْ قَبْلَ ذَلِكَ ; فَصَلاتُهُ فِي نَفْسِهِ صَحِيحَةٌ "
واختلف العلماء هل تصح إمامته أو لا ؟
فذهب كثير من العلماء أو أكثرهم إلى أنها لا تصح ، وذهب آخرون إلى أنها تصح .
ونقل النووي في "المجموع" (4/166) أنه اختار الصحة الْمُزَنِيّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ , وَهُوَ مَذْهَبُ عَطَاءٍ وَقَتَادَةَ .
ونقل في "حاشية ابن عابدين" ( 1/582) عن بعض علماء المذهب الحنفي اختيارهم صحة إمامة الألثغ .
واحتج هؤلاء بأدلة ، منها :
1- قوله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ) البقرة/286. فإذا كان عاجزا عن النطق الصحيح فإنه لا يكلف إلا بما يستطيعه .
2- القياس على العجز عن القيام ، فكما أن القيام ركن لا تصح صلاة الفريضة إلا به ، ويسقط بالعجز عنه ، وتصح إمامة العاجز عنه ، فكذلك إمامة الألثغ لأنه عاجز عن النطق الصحيح .
انظر : "المجموع" (4/166) .

وعلى أصح الأقوال أن إمامة الألثغ تصح ، وإن كان يبدل حرفًا بحرف ، ما دامت هذه قدرته ، ولكن مع هذا ينبغي أن يُختار من يُصلي من الجماعة إنسانٌ ليس فيه عيب ، احتياطًا ، وخروجًا من الخلاف "
أما فى إلقاء الخطبة والدرس على الناس فقد كان واصل بن عطاء الله تلميذ الحسن البصرى على ما وهبه الله من فطانة وفصاحة وحسن تصرف في القول كان صاحب عاهة في نطق حرف الراء إلا أنه كان يحرص على تجنب الراء فى كلامه وكان واصل يحسن التأتي لهذا العيب المحرج في النطق، فيجانب لفظ الراء إلى سواه من الحروف، فيجعل البر قمحًا، والفراش مضجعًا، والمطر غيثًا، والحفر نبشًا، وقد سجل لنا العلماء خطبة كاملة لواصل بن عطاء تجنب فيها حرف الراء.
وخلاصة القول أن الألثغ صلاته صحيحة بلا خلاف ، إذا كان منفردا أو مأموما , وأما إن كان إماما ففيها خلاف بين الفقهاء غلا أنه يستحب أن يصلى بالناس الأصح لسانا والأندى صوتا أما فى الخطبة والدرس فالأفضل أن يحاول تجنب ذلك كما كان يفعل واصل بن عطاء الله
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط