الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الحكومات الدينية.. حكومات ميليشياوية .. تركيا نموذجا !!


لا يمكن أن يكون قادرا على الحكم بلا ضغينة للخصوم ذلك الحكم الذى يتدثر بشعارات دينية....
فهو في حقيقته لا يؤمن إلا بمنظومته الإيديولوجية حتى وإن لم يصل إلى منصة الحكم إلا وفقا لأيديولوجيا أخرى عابرة ادعاها وركب عليها وتبناها حتى يصعد على درجاتها ثم يبدأ أول ما يبدأ بتحطيم هذا الدرج الذي لا يسمح لأحد آخر بالصعود عليه ولا يستطيع غيره الوصول إليه ولن يكون بمقدوره أيضا النزول لا رغبة ولا قدرة إلا بهدم كامل البنيان ...!!

وبناء على ذلك تفعل حكومات الإسلاميين في المنطقة وحتى في الدولة العلمانية الصافية تركيا .. والتي استخدم فيها الإسلاميون الأتراك نظم الدولة الحديثة ومؤسساتها الدستورية وبناءها العلماني الذى يعمل على التمكين لحقوق الإنسان ويدفع في اتجاه ترسيخ مبادئ الدستور والقانون ... !

حتى أرادها أردوغان خلافة على منهاج قطف الرؤوس وسحق الخصوم عبر ترتيبات ميليشياوية برع فيها أعضاء حزبه مع من استدعاهم من دواعش الداخل والخارج وسلحهم ليوم حسيكه يدبره لخصومه في مواجهة كل مؤسسات الدولة التركية ودستورها كما فعل مؤخرا عبر ما أسماه بالانقلاب العسكري على حكومته التي تستثمر في الإرهاب الذى وصل إلى عمق أنقرة..

وما هي إلا عدة ساعات فقط مضت على الانتفاضة التي قام بها أكثر من 60 في المائة من أفرع القوات المسلحة التركية لمواجهة ارتهان تركيا الأردوغانيه لمشاريع الإرهاب المتوحش في منطقه الشرق الاوسط والذى أخذ يفجر في الأسواق والميادين وطال مؤخرا رمزا سياديا للأمن القومي في البلد وهو مطار أتاتورك الدولي الذى جعله أردوغان وحكومته معبرا للإرهاب والإرهابيين من كل أنحاء العالم إلى العراق وبلاد الشام ..

ما هي إلا سويعات وسمعنا عن استبعاد وإقالات لعشرات الألاف من الموظفين في كافة أنحاء الدولة التركية بدءا من المدارس الأهلية ومدارس التعليم بكافه مستوياته ونطاقات الحكم المدني والعسكري وقطاع الشرطة والقضاء فيما يعرف بمذبحة مدنية ضد الشعب التركي بحجه الاشتباه بالاشتراك فيما اسماه انقلابا عسكريا على حكومته قبل أن يتعرض المشهد لتحقيق يسمح له بتمرير إدعاءاته ..!!

وهنا يصبح لعلامة الاستفهام متى الحق في أن تأخذ وقتها وحقها في الاستعراض ...
متى علم بهم أردوغان وتعرف على الشبهات ؟
ومتى أحاط علما بتورط كل هذه الأعداد الهائلة في عرض الجغرافيا وطولها مع اختلاف المؤسسات وطبيعة عملها إلا أن تكون كشوفا معدة سلفا وضع عليها حكمه الديمقراطي ما يشاء من عناوين الإدانة ...؟
وعلى هذا الأساس ضع خلف متى ما تشاء ..!!
وهي بوحيها وعبقريتها قادرة على إسقاط مكره وإفشال حبكته ...!!

إنها تصرفات نظام هتلري يختمر ضميره بالإجرام ضد شعبه وعالمه ... ويؤكد أن الانتفاضة المسلحة ستبدأ على غير توقع البعض بأنها تلملم ذيلها وتنفض الغبار عن نعشها الذى رفضت الإدارات الدينية بتركيا التي أذلتها ديمقراطية أردوغان أن يصلى على ضحايا المحاولة في تلبس وخلط جديد بين الحق والباطل .. وبين الإيمان لله والإيمان للسلطان ... وهكذا تمارس الحكومات الدينية مخاطرها على النظام الساسي والنظام العقائدي أيضا لأي شعب يُبتلى بها ...!!

والآن ما هو رأي أردوغان يا ترى لو فعلت الحكومة المصرية مثلا مع خصومها ما يفعله اليوم مع خصومه الذين قاموا لشرف تركيا من أجل المحافظة على السطور العلمانية التي كانت وراء نهضتها وحرصا منهم على عدم تحول تركيا لصومال جديد يعبث فيها الإرهاب ويعيرها التخلف من جديد ..!

ما هي السطور التي ستحشرها الأبجدية بفمه يا ترى وهو يتحدث مثلا عن المظلومين والمطرودين بالشبهات من وظائفهم وقد حطم أسرهم وأوقف أمالهم ... ؟
ماذا سيكون قوله عن بشار الأسد وهو يرى شبيحته الأتراك يسحلون الجنود ويقودونهم عراة أمام شعبهم في الميادين ... فيما يقطف دواعشه رؤوس جنود الشعب التركي دون أن يوفر لهم محاكمة عادلة عملا بالدستور واحتراما للقيم التي بها سرق الدولة التركية وحولها إلى مقر ومعبر للإرهاب الدولي الذى يشرف على إسقاط كامل المنطقة في حضن أجندة الفوضى الخلاقة التي تعمل وفقا لأفكار ورؤية السيدة كونداليزا ريس وزيرة خارجيه أمريكا السابقة ..؟

لم تنجُ دولة حكمها تيار النفاق .. ولن ينجو وطن يتساهل مع مثل هذا الوباء ... الذى بات في تركيا يسحق باسم الشرعية فيما يرفض أن يقاوم غيره باسم الشرعية وحقوق الأوطان في الأمن والاستقرار أيضا ..!!

ما رأيناه من فعل ميليشيات أردوغان ذكرنا بمشروع الحكومات الدينية في المنطقة التي لا تحكم برأي الشعب ولا قيم الديمقراطية ويكفيها أن تحصل على تأييد ميليشياوي يوفر لها الاستقرار والبقاء وصفع الخصوم وقطف الرؤوس كما فعلت حكومة الإخوان في مصر وحماس في غزة واليوم أردوغان في أنقرة..!!

وتبقى في النهاية خيبة الرؤية من خيبة التشخيص لمن يدافعون عن أردوغان بصفته خليفة مسلما يمثل شرعية دينية ودستورية تسمح له بمواجهة خصومه وتغيير مجرى الدولة عبر تصفية الجميع ليبقى الوطن لحزبه وملمعي الأحذية الذين يناصرون رعونته.. نحب أن نزيدهم بصيرة بالحقيقة التي تقول ..

لقد أصدر خليفتكم في عهده فقط ترخيصا لأكثر من 15 ألف بيت دعارة يعمل فيها أكثر من 300 ألف عاهرة وكلهم بالطبع مسجلون عند الدولة ويدفعون الضرائب النظامية المقررة.. حتى وصل دخل تركيا من الدعارة لأكثر من 4 مليارات دولار .... مما يعني أن دخل مجرى الدعارة في تركيا هو أعظم وأكثر من دخل مجرى قناة السويس في مصر ..

ولم ينبري ساقط هنا أو هناك ليحدثنا عن عمق المجرى وأهميته الاستراتيجية ولا دورة الحلال أو الحرام في إطعام السحت للشعب المسلم الذى يؤمن بأردوغان خليفة للمساطيل في الأرض كما فعلوا عبر عصيانهم للحقيقة وهم يتناولون المشاريع المحيطة بقناه السويس كمجرى عالمي يستغل عبقرية الجغرافيا ليضيف إليها عبقرية التصميم الذى يرفع من مكانة مصر وأهميتها ..!!

والذى يظن الآن أن الانتفاضة العسكرية قد انتهت نقول له من خلال المراقبة الدقيقة لما يقوم به أردوغان من تصفية غير مهنيه ولا أخلاقية ولا قانونية لمواجهة خصومه أن الانتفاضة قد بدأت وأن حكمه الميليشياوى الذى عرى جنود الجيش وقطف رؤوسهم في الشوارع قد شيده على غير أساس ولن يبقى طويلا ظالما لشعبه معتديا على جواره حالما بأضغاثه دون أن يرى مقعده من النار ...!

لربما كان ذلك كافيا لإقناع المتسولين ممن يمدون أيديهم لطعن بلادهم بأن الحكومات الدينية لا يمكن بحال أن تنجو بها الأوطان أو ينتعش بها الأمان .. ولا بديل مطلقا عن حكم دستوري ديمقراطي يوفر الحقوق ويحترم الإنسان ويعلى من قيمة الحريات ويصنع منظومة أمانه بقدر احترامه لحقوق خصومه..

هنا .. وهنا فقط تبدأ المسيرة وينطلق مشروع أي نهضة حقيقية قادرة على امتلاك ناصية المستقبل .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط