الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الاستقلال الذي طال انتظاره !!


تعتبر القارة الأفريقية لمن لا يعرفها هي قارة الظلام والتخلف والأمراض والصراعات الممتدة ، هذه المشاهد التي يتم تصديرها إلينا عبر وسائل الإعلام الليبرالية الغربية التي نصدقها في كل شيء بداعي التقدم والرفاهية التي نشاهدها في حياتهم ونحلم بها جميعا.

وبنظرة برجماتية فإن القارة تمثل كنزا هائلا من الموارد الطبيعية والمتعددة والتي كانت دائما تمثل مطمعا داخل العقل الغربي منذ الثورة الصناعية وحتي الآن وجهزت الجيوش في الماضي وحضرت إلينا تحت دعاوي ومزاعم كاذبة منها نشر تعاليم السيد المسيح والقضاء علي التخلف ونشر الثقافة وسلوك التحضر عند الأفارقة وكان الهدف الحقيقي هو نهب الثروات للحفاظ علي رفاهية الغرب واستمرار تدفق الموارد وتشغيل المصانع الأوروبية.

وعلي ذلك كان مفهوم الحفاظ علي هذه الموارد واستمرار تدفقها عاملا رئيسيا في استمرار المستعمر طويلا علي أرضنا السمراء والحفاظ علي ذلك حتي الرحيل عنا بعد استقلال الدول الأفريقية ، ويجب ألا ننسي أن تحقيق الاستقلال كان بثمن باهظ من الأرواح والدماء الأفريقية علي الرغم من أن المشهد النهائي قبيل الاستقلال كان يبدو علي أنه رغبة غربية بالأساس في ظل أجواء ديمقراطية شكلية تحقق معها الاستقلال في النهاية.

حققت الدول الأفريقية الاستقلال بالمعني السياسي مجازا عن المستعمر ولكن مازال هذا الاستقلال منقوصا لدرجة التشكيك في حقيقة الدول الأفريقية بالأساس حيث يري البعض أن ولادة الدول الأفريقية واستقلالها كان استقلالا معيبا، وبنظرة واقعية فإن الدولة في أفريقيا تمثل واقعا قانونيا وسياسيا ولكن الحقيقة علي غير ذلك وبفعل المستعمر الذي كان تخطيطه بارعا ومستترا فقد كان حريصا علي وضع حدود بين الدول الأفريقية تعكس تداخلا واضحا بين الجماعات الإثنية في أكثر من دولة وهذا يعظم من الولاءات القبلية علي حساب الولاء للدول الوليدة المركزية، ويؤدي هذا بطبيعة الحال إلي استمرار الصراعات الإثنية وخصوصا مع ممارسات النخب وأعوان الغرب ذوي البشرة السوداء.

ومن أبرز الأمثلة علي ذلك التداخل بين الجماعات في جنوب السودان وأوغندا وكذلك في رواندا وبروندي والكونغو وكذلك حافظ المستعمر من خلال ممارساته علي تفضيل جماعة علي أخري الذي يخلق بطبيعة الحال الإحساس بعدم العدالة وخصوصا في توزيع الثروة والسلطة وأبرز الأمثلة علي ذلك نيجيريا وكوت ديفوار ومالي، ومع تحقيق الاستقلال وهو أمر للموضوعية تحقق رغما عن المستعمر الذي كان يرغب بالبقاء ولكنه رحل تاركا أعوانه وثقافته ولغته في الديار وأصبح الرابط ممتدا والولاءات له مستمرة وممتدة من النخب التي حكمت ومازالت علي هيئة شرعيات مزيفة ضاعت معها أحلام الشعوب في التنمية والاستقلال والرفاهية وكأن أفريقيا علي موعد وعهد مع الفقر والنهب الممتد سواء كان من المستعمر أو أعوانه من النخب وأصبحت الدول الأفريقية علي موعد آخر من التبعية في جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنبهار بالرفاهية الغربية مشهد دائم الحضور علي الوجوه السمراء الشابة.

ويصبح السؤال هل حلم الاستقلال الحقيقي أصبح سرابا أم مازال للحلم بقية؟؟ أري أنه لا أمل إلا في تحقيق وحدة أفريقية فاعلة وفي جميع النواحي وعلينا ادراك أن انتظار الخير لنا من غيرنا أمر طال انتظاره ولم يتحقق والأمل في شباب أفريقي واعد يحقق حلم آباء الاستقلال وترك الأفكار التقليدية والبعد عن محاكاة الغرب وتبني تنظيم وحدوي واقعي لنصبح في النهاية قارة متكاملة في كل شيء علي المستوي الإقليمي وتدعيم قوتنا بالوحدة الحقيقية علي كافة المستويات، فالاستقلال الحقيقي طال انتظاره ومازالت الشعوب في انتظار التنمية والرفاهية.. فهل يسمع منا أحد؟؟
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط