الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صيحة الأيكونومست .. تأملوا السطور .. وأغلقوا الجحور..!


في الثاني من شهر آب أغسطس 2016 خرجت علينا النيويورك تايمز الصحيفة الأمريكية الواسعة الانتشار بعنوان خاطف خلفه ما يعرفه المراقبون والساسة يتحدث عن انحسار نفوذ مصر في المنطقة وانكفائها على مشاكلها الداخلية مما يخفف من ميزان ثقلها وأهميتها بمقاييس السياسة الدولية وما يتفرع منها وعنها من دعم ورعاية..

وعلى المشهد يشهد حال وزارة الخارجية وتحرك الدولة المصرية حول مجالها الجيوسياسي الذى انحصر إلى داخل حدودها وترك فراغا أمنيا إقليما هائلا ملأ بعضه الإرهاب وما بقي شغلته القوى الإقليمية المتنافسة وما جلبه أو سيجلبه ذلك التراجع من مخاطر حول سياسة تتقلص رؤيتها وتتراجع استراتيجيتها وتتخلف قوتها الناعمة عن التأثير والتحرك في ملفات إقليمية شائكة بعضها يمس الأمن المصري في الصميم ...!!

ليست إلا أربعة أيام من نفس الشهر مضت بعد ذلك حتى خرجت علينا المجلة البريطانية الرصينة الأيكونومست في السادس من آب - أغسطس بعدد عن مصر ... حمل عنوان ... خراب مصر ..

المثير في الأمر أن غلاف العدد حمل صورة لجنرال على جمل بمواجهة قرص للشمس يميل للغروب وخط يأخذ طريقه إلى أو من قمة الأهرامات الثلاثة نزولا أو صعودا فيما صورة لهرم رابع متقلصا في الظل يحكي بأن طريقنا على الأفول بات قريبا والجنرال يتأمل مشهدا يخطفنا فيه الغروب إلى الليل ...!!

المجلة متخصصة في شئون المال والاقتصاد .. معروف عنها رصانتها المطلقة وصلتها القوية بدوائر النفوذ المالي والقرار الاقتصادي في الغرب وفي الشرق ومراكز تواجد الأسواق في قارات العالم ...!

المجلة لا تكتب تقاريرها بأسماء صحفيين ومحللين محترفين ومعروفين ... بل تصدر كل مواضيعها تعبيرا عن رأي هيئة التحرير ...وحول رؤيتها يميل هوى من يرسمون خارطة العالم المالية وبالتبعية السياسية أيضا..!
ووفقا لسطورها تدور خطط القرار الغربي وتوجه الاستثمار العالمي ..

وعندما يتم تناول مصر بهذا الشكل السلبي فهذا يعني أن اشارات سلبية قد صدرت لدوائر الاستثمار الدولية ..
في النهاية لن يترك العالم مصر في مستنقع الغرق لأن تبعات ذلك مرعبة على قاراته المأهولة ..
ولكنه أيضا لن يتم الدفع بلا مقابل ولا الاستثمار في غيب يفقد فيه صاحب المال صرر الدنانير ويعود خالي الوفاض ..
ولربما يستمر الأمر يدور في دوائر الأزمة والإملاءات ..

المجلة تناولت الوضع المصري الاقتصادي على طبيعته صورت أزماته .. تحدثت عن انغلاق مساراته ... وتوقعت المزيد من المصاعب والتخريب خلف سياسات فاشلة تقودها مجموعة اقتصادية عنيدة لا تنوى الاعتراف بحجم المصيبة التي يلاحظها الناس كل يوم في حوارينا حول صعوبة المعيشة في بيئة مخنوقة بالفساد الإداري وجنون الأسعار وتهاوي قيمة العملة الوطنية واثر ذلك على مدخرات المصريين وزيادة التضخم وهروب الاستثمار وتباطؤ الاقتصاد وعدم القدرة على وضع حلول ناجحة تتسم بالعدالة والشفافية وقادرة على مواجهة الأزمات المتوارثة التي ربما تدفعنا للانهيار بمجرد توقف حقن التسخين الخليجية وتراكم المزيد من الديون الخارجية ..!

زحفت المجلة ناحية السياسي ووضعت حلا يصنع في الأفق حالة تؤدي إلى رفع بعض الضغوط عن الدولة المصرية بدفع سياسات التراحم والترابط من جديد عبر توسيع نطاق المشاركة وإصلاح ملف الحريات ورفع القبضة الأمنية التي تعيش حول دوائر الاشتباه وما صنعه ويصنعه ذلك من تشرذم الجبهة الداخلية مما يعرض الوطن لمحنه التفكك ..!

المجلة التي يعرف نهجها المتقنون .. لم تعرض سطورها التي أزعجت البعض إلا صورا من الوقائع والحواري ... ولم تظهر لنا إلا عوراتنا التي نحاول أن نداريها بالصراخ..!!

ففي البيئات الليبرالية الحرة تعالج مشاكل المجتمعات بالشفافية لا التكتم ومن هنا أرادت المجلة أن تخوض معنا بكل وضوح التجربة دون أن تعرف أننا من التراث قد نقلنا الحجاب والنقاب أيضا إلى السياسي والاقتصادي واصبحت الدعايات تصنع واقعا ماكرا يخذل الحق ويمنع الاعتراف بما يدور حولنا من مخاطر وعليه تدور باقي الملفات ..!!

ربما غمست المجلة الاقتصادية يدها في السياسي المحرم شرقيا عندما طالبت الرئيس بعدم الترشح مرة أخرى وفتح الباب أمام تهوية سياسية جديدة ربما تغير هواء المناخ المأزوم في البلد .. ولكن ما الحيلة عندما تشتبك في الشرق الملفات وتصبح عمليه الإنقاذ محتاجه لإبر لا تصل للعمق إلا بوخز الجلد والصب مباشرة في العضلات ...!

هنا هاج متسولو نوتة النفاق ... وأخذت المجلة الرصينة نصيبها من ألقاب العمالة بجوار النيويورك تايمز التي تعمل كصف خامس في الشتات وفقا لتصور طبقة الشمشرجية الإعلامية والسياسية الجديدة ..!!
وبدلا من الإمعان في السطور وأخذ ما يفيد منها وجعله بين العيون كدستور نفعا للناس وخدمة للوطن .. ذهب المزايدون للطعن والتبرير ..

وحلقه تدور بنا هكذا لا يمكن أن تنبئ بخير ... بقدر ما تقول ما يكفي عن خراب مصر التي جعلته المجلة الرصينة عنوان عددها الذى لا يمكن أن يأتي اعتباطا فيهين ثقافة المراقبين ويدين معارف قوم عالمين .....
وحول المشهد تعيش الصعوبات والإملاءات التي فرضتها ملفات التفاوض على قرض صندوق البنك الدولي وما سيسفر عنه من ضغوط يعاني منها غالبية المصريين .. فترقبوا .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط