الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الدين همٌ بالليل ومذلة بالنهار.. إلا إذا.. (2)


تحدثنا في مقال الأسبوع الماضي عن لجوء مصر إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بهدف تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي، وسنركز في مقال هذا الأسبوع على ماهية سياسات الإصلاح الاقتصادي المتوقع أن تنفذها أي دولة في حالة انتهاجها طريق أي من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي.

فخلال فترة الثمانينيات، بدأت العديد من دول العالم في التوجه نحو الإصلاح الاقتصادي في إطار ما يعرف باتفاق أو إجماع واشنطن Washington Consensus.

ظهر إجماع واشنطن عام 1989، وروج له مجموعة من الاقتصاديين، على رأسهم جون وليامسون John Williamso، ليكون علاجًا ووصفًا من عشرة بنود للدول الفاشلة التي واجهت صعوبات مالية وإدارية واقتصادية وكيفية تنويع اقتصادها وإدارة مواردها الطبيعية، وقد تبنى تلك الدعوة كلٍ من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

وفي التسعينيات من القرن الماضي، بدأ التطبيق الفعلي لبرامج الإصلاح الاقتصادي، وقوبلت بآراء متناقضة، ما بين مؤيد لها وبين منتقد شديد الانتقاد، حيث ظهرت الانتقادات بعد انكشاف الوضع المتردي في أمريكا اللاتينية، ومن بين المنتقدين جوزف ستيجلتز، الحائز على نوبل الاقتصاد عام 2001، ونعوم تشومسكي وجورج سوروس المستثمر العالمي وغيرهم.

ويتضمن اتفاق واشنطن مجموعة من السياسات والتوصيات والمبادئ التوجيهية التي تم التوصل إليها فيما بين أطراف ثلاثة مركزها واشنطن، وهي وزارة الخزانة بالولايات المتحدة الأمريكية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بهدف اعتبارها وصفة معيارية للإصلاح الاقتصادي للدول النامية التي تعاني من تدهور أوضاعها الاقتصادية، وعرفت بـ"وصفة البنك الدولي".

وتم تطبيقها كمرحلة أولية لسياسات الإصلاح الاقتصادي في دول الاتحاد السوفييتي وأوروبا الشرقية المنهارة والبلدان النامية، وتتضمن هذه السياسات والتوصيات والمبادئ العامة عشرة مبادئ أو وصايا تتمحور في النقاط الرئيسية التالية:
- الحد من التدخل الحكومي في الشئون الاقتصادية، وخفض معدلات الإنفاق الحكومي.

- إعادة توجيه الإنفاق العام من الدعم العشوائي إلى الاستثمار في البنية التحتية.

- الإصلاح الضريبي وتوسيع القاعدة الضريبية، ومنها ضريبة القيمة المضافة.

- الحد من معدلات التضخم، وتحديد الأسعار وفقًا لآليات السوق.

- تحرير قطاع التجارة.

- تحرير تدفق الاستثمارات الأجنبية.

- خصخصة مؤسسات الدولة.

- حرية دخول الأسواق وإلغاء اللوائح والقوانين التي تعوق المنافسة.

- تعويم سعر صرف العملة المحلية بحيث يعكس القوة الاقتصادية للدولة.

- مراعاة قوانين وحقوق تملك الأراضي.

وقد شملت مجالات الإصلاح الاقتصادي مجموعة من السياسات الإصلاحية، منها تطبيق سياسات تحرير التجارة، أي حرية الاستيراد والسعي نحو تشجيع الصادرات، بالإضافة إلى سياسة الخصخصة للمشروعات غير الكفء، والعمل على إصلاح النظام الضريبي، الذي ظهرت بوادره بالتوجه نحو إصدار قانون القيمة المضافة.

تلك هي الاشتراطات المتعارف عليها، والتي يضعها صندوق النقد الدولي أمام جميع الدول التي قد تلجأ إليه من أجل تنفيذ برامجها الإصلاحية، وليست شروطا على مصر دون غيرها، أو مصر بصفة شخصية.

فالدولة التي تلجأ إلى صندوق النقد الدولي لتمويل برامجها الإصلاحية، تعلم علم اليقين أن عليها واجب إن صح التعبير، وعليها أن تفي بهذا الواجب، من أجل الحصول على هذا القرض التمويلي.

فشأن صندوق النقد الدولي في ذلك الأمر شأن أي بنك تجاري، قد يلجأ إليه أي فرد في حالة الرغبة في الحصول على قرض لتمويل شراء عقار أو تمويل مشروع تجاري، أو حتى شراء سيارة، فالفرد حينما يلجأ إلى البنك للحصول على القرض التمويلي، فإنه يعلم مسبقًا أن عليه أن يقدم ضمانات، وسيفي بالتزامات محددة.

وإن تمت إجازة التشبيه، فيمكن اعتبار لجوء الفرد إلى البنوك التجارية للحصول على قروض تمويلية، كالدولة التي قد تلجأ إلى صندوق النقد الدولي لتمويل برامجها الإصلاحية، فكلاهما يرغب في العون المادي لتحقيق طموحاته التنموية.

وللحديث بقية، الأسبوع المقبل بإذن الله.


[email protected]
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط