الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زوجة مسيحية تروى مأساتها: المخدرات أفقدت زوجى رجولته..المحكمة:"لا طلاق إلا لعلة الزنا"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تشير عقارب الساعة إلى التاسعة صباحا، تتخطى الزوجة الثلاثينية الباب الحديدى المفضى إلى الطابق الأول من المبنى القديم لمحكمة الأسرة بمصر الجديدة بخطوات مترددة وعين قلقة، متجاوزة موجات الزحام المتلاطمة وأجسام الحاضرين المتلاصقة كالبنيان المرصوص، وبعين متفحصة أخذت الزوجة الثلاثينية تتنقل بجسدها المنهك بين مكاتب وأروقة المحكمة، بدت كالغارقة التى تبحث عن منقذ لها من زوج أفقدته المخدرات عقله ورجولته بحسب روايتها.

تقول الزوجة فى بداية روايتها:"كانت حياتنا مثالا للحياة المثالية الهادئة، وكان زوجى مثلا للرجل المحب لبيته وزوجته، الغيور عليها من أنفاسها وأعين أقرب الناس إليها، والمخلص لها كإخلاص الثائر الحق لوطنه، كان يقتطع من زاده ليطعم أطفاله، ويضحى بمظهره فى مقابل أن يكسوهم بأفضل الثياب، حتى رقى فى عمله، وذاق طعم المال، وتسلل أصدقاء السوء إليه، فسيطروا على عقله، وعلموه كيف يشد الأنفاس ويبتلع أقراص الترامادول المخدرة،ويقضى ليله يستنشق المساحيق البيضاء على مرأى ومسمعى من صغاره دون حياء".

تعتدل الزوجة فى جلستها وترتب أوراقها وهى تواصل حكايتها:"بعدها تحول زوجى إلى رجل قاسى القلب، لايعبأ إلا بنفسه فقط، وبتوفير حاجاته من السم الأبيض والأقراص المخدرة،لايقوى حتى على الحركة، وإن سار خطوة بدا كالذى يتخبط من المس، لا يفيق من تأثير المخدرات، ولا يستحى أن يتعاطها فى حضرة زوجته، بل ويدعو أصدقاءه المدمنين ليستمتعوا بلحظات سعادتهم الزائفة فى منزله، وعندما كنت أعلن رفضى لممارسته، كان يوجه لى الصفعات واللكمات والركلات وينهال على جسدى الهزيل بعصاه الغليظة، ورغم ذلك تحمل وصبرت لعل يتغير حاله، وخوفا من تحرش أحد المنتشين الذين كانوا يتجولون فى منزلى بحرية وكأنه طريق عام أو تهجمهم على ورجلى غائب عن الوعى، بت أبات ليلى جالسة على حافة سريرى مرتدية كامل ملابسى وقابضة على أطرافها بقوة حتى ينصرفوا".

تتدافع الكلمات على لسان الزوجة الشابة:"المخدرات لم تفقد زوجى عقله فقط بل أفقدته رجولته أيضا، وبات عاجزا عن لقائى، حاولت كثيرا إقناعه بالخضوع للعلاج لكنه كان دائما مايرفض، ويؤكد أنه سليم، وتحت تأثير إلحاحى وإثبات عدم صحة كلماتى وافق على الخضوع للفحص، الذى أكد إصابته بالعجز الكامل بسبب إدمانه، حينها لجأت إلى محكمة الأسرة وطلبت الانفصال عنه وقدمت مايثبت عجزه، لكنهم رفضوا طلبى وقالوا لى :"لا طلاق إلى لعلة الزنا"، وعليك أن تتحملى وتصبرى، أهذا عدل؟!، أمن المعقول أن أعيش مع رجل لم يعد قادرا حتى على إعطائى أبسط حقوقى وأنا لازلت فى عز شبابى، ألست بشرا ولى احتياجات؟!، أليس هذا يفتح باب الخطيئة على مصرعيه".

تنهى الزوجة روايتها بصوت تتلون نبراته بالبكاء:"الآن لم يعد أمامى خيارا أخر سوى أن أغير ملتى كى أتمكن من الانفصال، لكن تغير الملة أصبح خيارا متاحا للأغنياء فقط، وأنا بالكاد أدبر مصروفاتى، حيث يتطلب الأمر دفع مصاريف تغيير ملة تصل إلى 35 ألف جنيه، يتم دفعها إلى رجال الدين فى الطائفة الجديدة التى أنوى الانضمام إليها وعادة ماتتم في لبنان، خاصة بعد استجابة روؤساء الطوائف المسيحية الأخرى بمصر لطلب البابا المتنيح شنودة الثالث بعدم السماح للأقباط الأرثوذكس بتغيير الملة داخل مصر، للحفاظ على العلاقات بين الكنائس، وحتى هذه لاتعترف بها الكنيسة، وحتى إذا حصلت على حكم محكمة بالطلاق، فلابد أن أعود للكنيسة لكى تبت فيه، وللأسف هذه الأمور تستغرق وقتا طويلا، فأنا فى الحالتين "ميتة ميتة" لكن ما باليد حيلة".

صرابامون الطافش المحامى المتخصص فى مسائل الأحوال الشخصية قال إن تعديلات لائحة 1938 للأقباط الأرثوذوكس تسببت فى أزمة كبيرة بين الأزواج الراغبين فى الإنفصال، فبعد أن كانت لائحة 1938 تقر تسع حالات للطلاق وظل العمل بها لسنوات، قرر البابا شنودة الثالث تعديلها فى عام 2008 وقصر الطلاق على حالتى تغيير الديانة وثبوت علة الزنا على أحد الزوجين، ومن هنا بدأ التناحر بين الأزواج والزوجات للحصول على حريتهم، وصاروا يهربون من تعديلات اللائحة باللجوء إلى تغيير دياناتهم باعتبارها أصبحت الورقة والأسرع والأسهل لتلك الحالات، وهو ما يعتبر حكم بنبذهم بين عائلاتهم.

وتابع المحامى المتخصص فى مسائل الأحوال الشخصية حديثه قائلا :"ومن كان منهم صاحب مال يتحايل على اللائحة بشراء شهادة تغيير ملة وطائفة من أحد تجار الدين، وفى هذه الحالة تحتكم المحكمة الى الشريعة الاسلامية وتطبق أحكام الطلاق، ومنهم من وصل به الأمر إلى تلفيق إتهام بالزنا للطرف الأخر والإكراه على التوقيع للمساومة بعدم الطعن على شهادات تغيير الملة والطائفة، أو التخلص منه بالقتل – مثلما فعلت سيدة المنيا وسيدة المرج اللتان قتلتا أزواجهما طمعًا فى الحصول على حريتهما"، مضيفا:"لائحة 2008 جعلت لا خيار أمام هؤلاء المنكوبين إما أن يقتلوا مبادئهم ويلتفوا على نصوصها بالمال وتارة بالتخلى عن معتقداتهم بغية الحصول على الحرية،وإما أن يقتلوا مشاعرهم التى وهبها لهم الله، ويرتضوا بالحكم عليهم بألا يكون لهم الحق حتى فى الحياة الطبيعية السوية والمستقرة"، "الطافش" أنهى حديثه قائلا إن إرساء مبدأ دولة المؤسسات هو السبيل الوحيد لحل مشاكل الأقباط ، فهم مصريون أولا وأخيرا.