الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

900 مليون دولار رشاوى مقننة من الأمم المتحدة لبشار لمواصلة الحرب في سوريا.. والجارديان تفضح اتفاق المنظمة مع الأسد من أجل استمرار العبث

صدى البلد

  • الأمم المتحدة مررت مساعدات لنظام الأسد بقيمة 900 مليون دولار عام 2015
  • المنظمة تتعاون مع النظام السوري في الزراعة والسياحة والصحة والطاقة
  • البعثة الإغاثية الأممية توقع عقود تجارة بدماء السوريين

بعد خمس سنوات من الحرب السورية، قتل أكثر من 400 ألف شخص، وشرد أكثر من 11 مليون آخرين، ولا يبدو لهذه الحرب نهاية قريبة بحسب ما يرى محللون.

ويزداد الجدل يوما بعد يوم حول كيفية مساعدة هؤلاء الضحايا، لذلك توجهت الأنظار إلى بعثة إغاثة الأمم المتحدة في سوريا، حيث حدد نظام الأسد قائمة بالكيانات التي يتعين على الأمم المتحدة التعامل معها، وليس مع غيرها.

ومن هنا بدأت المشكلة حيث حصلت صحيفة الجارديان البريطانية على مجموعة من الوثائق المسربة التي تثبت تورط الأمم المتحدة في تحويل أموال تقدر بعشرات الملايين من الدولارات إلى شخصيات تعمل مع النظام السوري أو مقربة منه، تطالهم عقوبات فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

ومنع هؤلاء وصول المساعدات إلى من يحتاجها في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، ما أدى إلى مقتل ألاف الأشخاص، حيث تُظهر الوثائق أن حوالي 900 مليون دولار من بين 1.1 مليار دولار تكلفة خطة استجابة الأمم المتحدة في سوريا قدمت على شكل مساعدات مرت من خلال النظام السوري عام 2015، وسيطرت عليها السلطات السورية.

وتشير الوثائق إلى أن الأمم المتحدة سمحت للنظام بمنع المساعدات عن مناطق معينة في البلاد، كما حدد النظام من سيقوم بتوزيع المساعدات إلى ومن، على الرغم من أن الصور التي تظهر دخول بعثات الأمم المتحدة إلى المناطق المحاصرة، إلا أن النظام حرص على منع دخول بعض الأجهزة مثل حضانات الأطفال، كما منع دخول البعثات التالية إلى مناطق أخرى.

وتقر الحكومة السورية قرارات بهدف تعطيل العمل الإغاثي، مثل منع الاستيراد من تركيا، كما تلزم الأمم المتحدة بشراء الدواء من داخل سوريا، وتعمل منظمات حقوقية في الداخل السوري، يدير أغلبها مقربون من الأسد، بينما تستبعد جمعيات الإغاثة من الأردن وتركيا من العمل في سوريا.

وتتوقع مصادر مطلعة داخل الأمم المتحدة أنه لا يحدث تغيير في خطط الأمم المتحدة الإغاثية في المستقب، حيث تقول الأمم المتحدة أنها تعمل مع الأسد مخافة أن يتم وقفها عن العمل داخل سوريا، إلا أنه يبدو أن بعض العاملين في الأمم المتحدة يشعرون بتأنيب الضمير حول ما يحدث، إذ أن هذا يشكك في مصداقية الأمم المتحدة.

وقامت المنظمة الحقوقية الأشهر في العالم، بمنح عقود بقيمة عشرات الملايين من الدولارات لشخصيات قريبة من الرئيس السوري بشار الأسد، كجزء من برنامج مساعدات يقول البعض أنه يقوي من شوكة الحكومة في دمشق، حسب ما كشفت عنه صحيفة الجارديان البريطانية.

ودفعت بعثة الأمم المتحدة مبالغ مالية كبيرة لرجال أعمال وشركات تقع تحت عقوبات من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، كما دفعت أموالا لهيئات وجمعيات خيرية حكومية، منها ما أسستها أسماء الأسد زوجة بشار نفسها، وأخرى أسسها أحد أٌقرب الشخصيات للأسد وهو رامي مخلوف.

وتقول الأمم المتحدة أنها تعمل مع عدد من الشركاء الذين يوافق عليهم الأسد شخصيا، وأنها تقوم بما يمكنها فعله للتأكد من أن الأموال يتم إنفاقها على النحو السليم.

وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن الهدف من هذه المساعدات هو الوصول لأكبر عدد من المدنيين الضعفاء، مؤكدا أن المحيط غير الآمن في سوريا يزيد التحديات في العثور على شركات أو شركاء يمكنهم العمل في المناطق المحاصرة التي لا يمكن الوصول إليها.

ويخشى مراقبون أن بعثة الأمم المتحدة في سوريا مخترقة، وأن المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية تعطى الأولوية في المساعدات، وأن أموال الأمم المتحدة تستخدم في دعم نظام متهم بقتل مئات الألاف من أبناء شعبه.

وتقول مصادر مطلعة في الأمم المتحدة أن بعثة الأمم المتحدة الإغاثية في سوريا هي الأعلى كلفة والأكثر تعقيدا بين مهام المنظمة الإغاثية على الإطلاق.

إلا أن القرارات الجدلية التي قامت بها الأمم المتحدة كشفها تحقيق قامت به الجارديان شمل مئات العقود التي تم منحتها المنظمة منذ بداية عملياتها الإغاثية في سوريا منذ عام 2011.

ويظهر تعاون الأمم المتحدة مع النظام السوري في عدة مجالات تقدمها الهيئة لبشار الأسد للمزيد من سف الدماء بحسب ما قال محللون ومن هذه


المجالات:
الزراعة
الأمم المتحدة دفعت أكثر من 13 مليون دولار للحكومة السورية لتنمية الزراعة، على الرغم من منع الاتحاد الأوروبي التجارة مع هذه الوزارات خوفا من سوء التصرف في الأموال.

الوقود
دفعت الأمم المتحدة أربعة ملايين دولار إلى أحد شركات الوقود المملوكة للدولة، التي تخضع أيضا لعقوبات الاتحاد الأوروبي.

الصحة
أنفقت منظمة الصحة العالمية 5 ملايين دولارلدعم بنك الدم السوري، الذي تتحكم فيه وزارة الدفاع السورية، وتظهر الوثائق التي حصلت عليها الجارديان أن الأموال التي أنفقت جاءت بشكل مباشر من متبرعين يفرضون عقوبات على النظام السوري، بما فيهم بريطانيا.

وتظهر الوثائق قلق منظمة الصحة العالمية حول ما إذا كانت أكياس الدم ستصل إلى من يحتجونها، أم أنها ستوجه للجيش أولا.

السياحة
ودفعت هيئات الأمم المتحدة أكثر من 9 ملايين دولار إلى الفندق بين عامي 2014-2015، الذي تملك وزارة السياحة السورية ثلثه، الذي يقع تحت عقوبات الأتحاد الأوروبي.

منظمات مجتمع مدني وجمعيات خيرية

تشاركت هيئتان في الأمم المتحدة مع جمعية "الأمانة السورية للتنمية" الخيرية التي تشرف عليها زوجة بشار الأسد، وأنفقت 8.5 مليون دولار، وأسماء الأسد تقع تحت عقوبات كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

كما دفعت يونيسيف 267933 دولار إلى مؤسسة البستان، التي يملكها ويرأسها رامي مخلوف، الرجل الأكثر ثراءا في سوريا، وابن عم وصديق بشار الأسد، كما ترتبط المؤسسة بالعديد من مجموعات الميليشا التابعة للنظام.

شركات
ويملك مخلوف شبكة المحمول السورية "سيرياتيل"، وقد دفعت الأمم المتحدة لها 700 ألف دولار خلال السنوات الأخيرة، ويقع مخلوف على قائمة عقوبات من الاتحاد الأوروبي، كما وصفت أوساط دبلوماسية أمريكية بأنه "الفتى الأول للفساد" في سوريا.

كما أبرمت هيئات الأمم المتحدة عقودا مع شركات يديرها أو ترتبط بشخصيات تشملهم العقوبات.

كما قامت الأمم المتحدة بالتعاقد مع شركة "ترانسوريبنت" على بضائع مقابل أكثر من 386 ألف دولار، على الرغم من أنها مملوكة لشخص يخضع للعقوبات أمريكيا والاتحاد الأوروبي، نظرا لعلاقاته مع النظام السوري، وقالت يونيسيف أن الأموال كانت تهدف إلى دعم عمليات التخزين في حمص وطرطوس.

وقامت "أونروا" يتوقيع عقد بأكثر من 88 ألف دولار مع "ألتون جروب"، التي يملكها سليم ألتون، الذي يقع تحت عقوبات الأمم المتحدة منذ مايو 2012.

وتظهر هذه العقود إسهام أعمال الأمم المتحدة بشكل خفي في إبرام عقود مع أشخاص وشركات منعت أوروبا وأمريكا التعامل معهم.

كما أظهر تحليل لوثائق شراء الأمم المتحدة أن هيئات الأمم المتحدة قامت بأعمال مع 258 شركة سورية على الأقل، ودفعت أموالا تصل إلى 54 مليون دولار و36 مليون يورو، وحتى 30 ألف دولار، وأن كثيرا من هذه الشركات تتصل بالأسد أو بأشخاص قريبين من الأسد.

وتقول الأمم المتحدة إن عملها الإغاثي قد أنقذ حياة ملايين الأشخاص، وتؤكد أنه تعين عليها العمل مع النظام إذا أرادت العمل في سوريا، حيث ذكرت مثالا على ذلك الأموال التي أنفقتها على إقامة موظفيها في فندق فورسيزونز في دمشق.

ودفعت هيئات الأمم المتحدة أكثر من 9 ملايين دولار إلى الفندق بين عامي 2014-15، الذي تملك وزارة السياحة السورية ثلثه، الذي يقع تحت عقوبات الأتحاد الأوروبي.

ويقول متحدث باسم الاتحاد الأوروبي إن العمل في سوريا بعد ست سنوات من الصراع يجبر عمال الإغاثة على اتخاذ قرارات صعبة، مضيفا أن الأمم المتحدة وقعت بين خيارين، وهما إما أن تشتري البضائع والخدمات من أشخاص أوشركات تابعين للنظام أو أن تترك المدنيين دون المساعدات التي قد تننقذ حياتهم، وأكد أن الاختيار بالنسبة للأمم المتحدة كان واضحا، وهو الالتزام بالمدنيين المحتاجين.

وقالت الأمم المتحدة إنه لا ينبغي عليها أن تتقيد بعقوبات الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، وأنها تلتزم فقط بالعقوبات التي تفرضها المنظمة نفسها.

لكن مسئول عامل في المنظمة قال إن بعض هيئات الأمم المتحدة شعرت بعدم الارتياح حول سيطرة النظام السوري على العمل الإغاثي في البلاد.

ويقول المسئول الذي عمل بشكل كبير في الداخل السوري إنه على الرغم من صعوبة العمل في البلاد، إلا أن وضع الأمم المتحدة كان مخزيا، وقال مسئول آخر إن كل الصراعات شكلت أوضاع صعبة في العمل، إلا أن الوضع في سوريا لم يحدث في أي مكان آخر.

وأكد مسئول آخر عمل في سوريا في بداية الأزمة أن فريق الأمم المتحدة علم من الأيام الأولى للصراع أنه لا يوجد في الحكومة السورية وفي الأشخاص المخولين من قبلها للتعامل مع الأمم المتحدة من يناسب مبادئ العمل الإنساني التي تتعلق بالاستقلالية والحياد والنزاهة.

وذكر المسئول أن الأمم المتحدة نحت هذا الاعتبار جانبا على الرغم من أهميته، للاستجابة لطلب القيادات الحكومية للمساعدات الإنسانية، وقد مهد هذا لتورط الأمم المتحدة مع كيانات ترتبط بشكل وثيق مع الحكومة.
وتذكر المصادر أيضا "ثقافة الصمت" حول التعاملت الداخلية لبعثة الأمم المتحدة في سوريا.

وينصح الدكتور رينود ليندرز – الخبير في دراسات الحرب – الأمم المتحدة بأن تراجع إستراتيجيتها، لأنها أصبحت قريبة جدا من النظام في دمشق.

ويؤكد ليندرز أن مسئولي الأمم المتحدة يقولون إن تقديم تنازلات لطلبات الحكومة السورية أمر حتمي، نظرا للحقائق المعقدة والخطيرة على الأرض، وينتقد ليندرز هذه البراجماتية بقوله إنها تفتح الطريق للقرب بشكل مقلق مع النظام.

وقال إن الأمم المتحدة أبرمت عقود شراء مربحة مع مقربين من النظام السوري الذين يستفيدون ماليا من عمليات القمع والوحشية التي سببت أصلا الأزمات الإنسانية في البلاد.

وقال عاملو إغاثة سوريون التقى بهم ليندرز إن مسئولي الأمم المتحدة كان تظهر عليهم متلازمة ستوكهولم، التي يشعر فيها الشخص المخطتف بمشاعر حب نحو الشخص الخاطف.

وقال المسئول في البعثة الإغاثية – الذي سرب الوثائق للجارديان – إن هناك شكوك حول عقود الشراء التي أبرمتها الأمم المتحدة في سوريا.

وقال إن العديد من المنظمات الإنسانية الدولية لا تذكر أسماء الموردين في عقود الشراء، أما الأمم المتحدة فقد قامت على الأقل بذكر أسماء الموردين، مؤكدا قلة الشفافية في عمليات الإغاثة التي تمت في سوريا، وجدد المسئول الطلب بالمزيد من الشفافية في عمليات الإغاثة، وبعمل فحص مستقل حول الأماكن التي تنفق فيها هذه الأموال.

واتهمت جمعية "من أجل سوريا حرة" الأمم المتحدة بانتهاك مبادئها من خلال السماح للنظام بالتحكم في تسليم المساعدات.

وقد دعمت خمسون منظمة حقوقية وإنسانية ومدنية تقريرا يقول أن الأمم المتحدة قد استجابت لمطالب بعدم مساعدة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، مما أدى إلى موت الألاف من المدنيين.

وأكد التقرير أن نظام الأسد كان يتحكم في المساعدات بالتهديد بمنع الأمم المتحدو من العمل في سوريا، حيث استخدم النظام السوري هذا التهديد بشكل مستمرللتحكم في المناطق التي تسلم فيها الأمم المتحدة المساعدات الإنسانية.