الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«انفخ فلوس».. «السجاير» رفعت نسبة الفقر في الأسرة المصرية.. ثمن «أرخص علبة» لـ10 أعوام يؤسس لمشروع بـ100 ألف جنيه.. ومنطق المدخن «خربانة خربانة»

مدخن - أرشيفية
مدخن - أرشيفية

  • خبراء اقتصاد:
  • ثمن "علبة السجاير" يوميا لـ10 أعوام يوازي قيمة مشروع بـ100 ألف جنيه
  • الدولة توجه رسوم السجائر لخدمة التأمين الصحي
  • الدولة بريئة من غلاء السجائر.. والمواطن أمام "خيارين"
  • أحمد فخري "طبيب نفسي":
  • "خربانة خربانة" منطق المدخنين بعد غلاء أسعار "السجاير"
  • "المدخنين" مرضى نفسيون يعوضون النقص بالسيجارة
  • طبيب أمراض صدرية وباطنية:
  • بسبب «السجاير» ميزانية الأسر المصرية تنفق على "مرض السرطان"
  • %86 من المصابين بالسرطان "مدخنون"
"عبء لا تتحمله أسر المدخنين" جاء قرار وزارة المالية برفع أسعار السجائر وتطبيقه فوريا بمثابة عبء جديد لا يتحمله أسر المدخنين، ولا سيما محدودي الدخل الذي أعدمتهم الظروف الاقتصادية الطاحنة، حيث يقتطع المدخن من الدخل اليومي لأسرته دون النظر إلى الفقر الذي يلحق بهم مقابل دخان في الهواء، إضافة إلى الضرر الصحي الذي سيلحق بهم.

فهل هذه الزيادة ستحد من المدخنين؟ وكيف ستؤثر على الطبقات المحدودة الدخل؟ وكيف ساهم التدخين في زيادة معدلات الفقر؟
فالتحقيق التالي يجيب عن هذه الأسئلة.

"سجاير بالدولار"
قال الدكتور مصطفى النشرتي، الخبير الاقتصادي، إن ارتفاع أسعار السجائر يرجع إلى تكلفة إنتاجها من قيمة تبغ لا يتم إنتاجه محليا وتستورده الشركات من الخارج بالدولار.

وأضاف "النشرتي"، أن الدولة ليس لها دخل في تلك الزيادات، وإنما الزيادة من الشركات المنتجة للسجائر لارتفاع تكاليف الإنتاج لأن بقاء السعر كما هو عليه يجعل الشركات تتكبد الخسائر، موضحا أن الدولة تفرض رسوما على التبغ الذي تستورده الشركات وتوجه هذه الرسوم إلى التأمين الصحي لغير القادرين.

وأوضح أن المواطن في هذه الحالة أمامه اختياران، إما ينتقل من نوع إلى آخر للسجائر الأقل سعرا أو أن يرفض الاستمرار في عملية الشراء.

المدخنون أنواع
من جهته، قال الدكتور أحمد فخري، استشاري علم النفس وتعديل السلوكيات بجامعة عين شمس، إن مادة النيكوتين الموجودة بالسجائر لها تأثير على الجهاز العصبي للإنسان، ومع بدء تناولها يشعر المدخن بأنها تقلل من توتره وأفعاله السلوكية.

وأضاف "فخري"، في تصريح خاص لـ"صدى البلد"، أن العوامل الاقتصادية والاجتماعية في أسلوب الحياة تؤثر على المدخن، فكلما كان أسلوب الحياة ضبابيا وغير مستقر كلما زاد المواطن من حجم وعدد ما يتناوله من التدخين، لأنه يعمل حينها بمقولة "خربانة خربانة" ويمثلها بضياع العمر لأن الأمر أصبح لا يشكل فرقا معه في ظل ظروف صعبة.

وأوضح أن ارتفاع أسعار السجائر يخلق نوعين من المدخنين الأول نوع يفضل الترشيد في الاستهلاك وهؤلاء من لديهم إرادة وحرص على المال، والنوع الآخر ترتفع نسبة تدخينه بعد غلاء السعر مقنعا نفسه بأن الغلاء ضمن الأزمات الاجتماعية، وهؤلاء في الغالب لم يتدربوا على مواجهة الأزمات.

ولفت إلى أن تلك الزيادة المادية التي تضاف على "علبة الدخان" تزيد من مشاكل الأسرة وتصعدها إلى الزيادة الأعباء الاقتصادية على المواطن، مشيرا إلى أن الحل يكمن في تعليم المواطن كيفية تحديد الاستهلاك المناسب والحدود المسموح بها وتقدير أولوياته.

3500 سنويًا خسارة
في السياق ذاته، قال الدكتور مختار الشريف، الخبير الاقتصادي، إن السجائر من السلع الاستهلاكية غير الضرورية، وبالتالي زيادة أسعارها لمحاربة ارتفاع معدلات المرض الذي تكلف معالجته مبالغ مالية كبيرة وقد تودي بحياة الشخص، يعد خطوة جيدة.

وأضاف "الشريف"، في تصريح لـ"صدى البلد"، أن معدل استهلاك المواطن العادي خلال العام من علب السجائر الأقل فئة الـ10 جنيهات، يصل إلى 3 آلاف و600 جنيه سنويا، ومواصلة التدخين لـ10 أعوام مثلا، يكلف المدخن الواحد 36 ألف جنيه بجانب الأضرار الصحية.

وتابع: "بينما تكلفة الفاتورة السنوية من استهلاكه للنوع الأفضل من السجائر التي تباع بـ27 جنيها للعلبة، تبلغ ما يقرب من 10 آلاف جنيه في العام بما يعني 100 ألف خلال 10 سنوات، أي أن المدخن يكون قد أهدر مبلغا كان يكفيه لافتتاح مشروع كبير ومصدر رزق"، مطالبا بتوجيه جزء من ضرائب هذه السجائر إلى بعض بنود الصحة التي لا تجد مصادر تمويل.

%86 سرطانات
كما قال الدكتور طه عبد الحميد، أستاذ أمراض باطنية وصدرية بطب الأزهر، إن الارتفاعات المتتالية لأسعار السجائر لم تؤثر إطلاقًا على المدخنين في الحد من هذه الظاهرة السلبية، برغم الظروف المريرة التي تعاني من الأسر، حيث إن المدخن في النهاية يركز على تعويض حالة من النقص يشعر بها.

وأضاف عبد الحميد، في تصريح خــاص لـ"صدى البلد"، أن المدخن إنسان مريض نفسيا قبل أن يصاب بالأمراض الجسدية، لأنه يعاني من نقص نفسي يعوضه بالسيجارة أمام الآخرين ظنا منه أنها رجولة، موضحًا أن الكثيرين لا يستطيعون القيام بأي عمل أو حتى الحديث قبل أن يشعل السيجار دون مراعاة الآخرين، إضافة إلى أنه غير أمين على أسرته التي يقتطع من دخلها اليومي للتدخين وتحقيق رغبته المريضة تاركًا وراءه فقرا وجوعا دون مبالاة.

وأوضح أن 86% من حالات السرطان سببها التدخين، مشيرًا إلى أن التدخين يصيب الجهاز التنفسي بالأمراض المزمنة كالالتهاب الرئوي والأزمات الربوية وصولا لسرطان الرئة، كما يصيب الجهاز الدوري ويضخم عضلة القلب ويسبب قصورا في الدورة الدموية وانسدادا في الشريان التاجي، إضافة لإصابة الجهاز التناسلي بضعف الخصوبة.

وأشار "عبد الحميد"، إلى أن المدخن يحول أفراد أسرته ولا سيما الأطفال لمدخنين سلبيين وأكثر تضررا وعرضه للإصابة بالأمراض السرطانية، مؤكدًا أن المواد المحترقة داخل السيجارة ينتج عنها ¾ بنزوبيرين وقار، الذي يتسبب في الإصابة بالأمراض السرطانية المتعددة.

ولفت إلى أنه عند إصابة المدخن بهذه الأمراض الخطرة يتحول دخله كله إلى بند "العلاج"، وهذه سلبية أخرى للتدخين.