الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"الادوية المغشوشة سم قاتل" .."هيومن ألبيومن" موت خلال 48 ساعة ..70 مليار دولار عائدات حجم التجارة فى غياب الرقابة

الأدوية المغشوشة-
الأدوية المغشوشة- أرشيفية

احذر الادوية المغشوشة سم قاتل
صيدلي:
حقن "الهيومن البيومن" تقتل مرضى الكبد في 48 ساعة
70 مليار دولار عائدات الأدوية المغشوشة
"هيئة خاصة بالدواء" .. قانون ينتظر موافقة بالبرلمان لإنقاذ الضحايا
د. محمد عبد الجواد :
"عقدة الخواجة" خلقت أدوية مغشوشة بسوق الدواء


الأدوية المغشوشة باتت قضية أمن قومي حيث تعد سلعة إستراتيجية سيطر عليها الغش والتهريب بغياب الرقابة الدوائية والتي تعد المسئول الاول أمام هذه الكارثة والمريض هو الضحية بين الطرفين يشعر بمرارة الألم في رحلة البحث عن الشفاء التي تنتهي بالموت في صمت دون أن يشعر به الآخرون ليعيد إلى الذاكرة ويرسخ بها مقولة الافلام "الدواء فيه سم قاتل".

يقول الدكتور محمد مصطفي أبو القاسم، مدير إدارة الأبحاث والتطوير بشركة سبأ للأدوية، إن تداول الأدوية المغشوشة في السوق المصري أصبحت ظاهرة منتشرة بشكل يدفع المريض مقابلها ثمن حياته، لافتًا إلى أن هناك حالات كثيرة سجلت وفاة بسبب انتشار أدوية "بير السلم" التي تنتجها بعض الجهات المجهولة المصدر في شقق أو مخازن بعيدا وبغياب من الرقابة الدوائية، وتلجأ بعض الصيدليات لشرائها لانخفاض ثمنها لحد كبير.

وأوضح "أبو القاسم" في تصريح خــاص لـ"صدى البلد"، أن هناك كثيرا من الصيدليات التي تمتلئ بالأدوية المغشوشة، والتي لا يستطيع المريض التفرقة بينها وبين الأصلية عند شرائها، مشيرًا إلى أن غياب الرقابة الدوائية والمسئول الأول هي إدارة الصيدلة المفترض عملها التفتيش الدوري على كافة الصيدليات، وذلك عن طريق الحملات التفتيشية الدورية كل أسبوع لرصد كافة المخالفات.

وأضاف"أبوالقاسم"، أن عائدات الأدوية المغشوشة والمقلدة تصل لـ70 مليار دولار على مستوى العالم، وأغلب هذه الادوية تتمثل في أدوية الفم، موضحًا أن الكارثة الكبرى في غش الحقن، والتي لم تعالج في الحال كباقي أنواع الأدوية الأخري، لأنها تؤدي إلى خلل في جميع وظائف الجسم ما يؤدي إلى وفاة المريض في فترة لا تتعدي 48 ساعة.

واستكمل، وخير دليل على ذلك ظهور حقن هيومن البيومن "Human albumin" مغشوشة وهو عقار يستخدم عن طريق الحقن لمرضى الكبد كبروتين للدم، كما أنه لا ينتج محليًا وهو من الأدوية المستوردة، والتي يوجد بها نقص شديد مع أزمة ارتفاع الدولار ويصل سعر العبوة الواحدة 315 جنيها، وغير متوفر في التأمين الصحي، مؤكدا أن أصحاب النفوس الضعيفة، وعديمي الضمير استغلوا هذا النقص، وقاموا بغشه وطرحه في الاسواق، ما تسبب في القتل المتعمد لمرضى يبحثون عن الشفاء.

"هيئة دوائية جديدة"

ومن جهتها، أكدت الدكتورة هالة عادلي، رئيس شركة خدمات الدم بالمصل واللقاح، أن منظومة الرقابة على الدواء في مصر عملية معقدة جدا يصعب اختراقها، إذ يمر المستحضر بـ4 عمليات تحليل للتأكد من جودته قبل طرحه في السوق، لافتة إلى أن نسبة الدواء المغشوش في السوق المصرية لا تتعدى 6.5% في مقابل السوق السعودية التي تصل نسبة الدواء المغشوش فيها إلى 18.5%.

وقالت "عادلي"، في تصريح لـ"صدى البلد": "لا يمكن الجزم بأن هناك سوقا خالية من الغش، فغش الدواء موجود في العالم كله، لكن جهاز الرقابة على الدواء في مصر قوي ومعقد، حيث إنه يمتلك هيئة مستقلة تحت مسمى "هيئة الرقابة" وهي مسئولة عن متابعة السوق الدوائية في مصر، وإجراء تفتيش دوري على الصيدليات، كما أن عدد موزعي الدواء في مصر قليل، وهذا يسهل مهمة جهاز الرقابة، وليس هناك جهات عديدة".

وأضافت: "انتشار الدواء المغشوش مسئولية الصيدلي في المقام الأول، لأن عليه أن يتحرى الدقة في مصادر الدواء الذي يقوم بشرائه، حيث إن هناك مخازن بير السلم ومخازن غير مرخصة تشتري الدواء من مصادر مجهولة وتقوم بتوزيعه على الصيدليات، ولا يوجد موزع معتمد يقوم بدفع دواء مغشوش في السوق".

وأوضحت أن الدواء المستورد لا يدخل إلى السوق المصرية إلا بشهادات عالمية معتمدة، ولا يفرج عنه من الجمارك إلا بهذه الشهادات، وأن الدواء يمر بـ4 مراحل للتحليل والتأكد من جودته وصلاحيته قبل طرحه في السوق، حيث تقوم هيئة الرقابة الدوائية بتحليل المادة الخام للتأكد من صلاحيتها، ثم المصنع الذي يستخدم المادة الخام لتصنيع منتجه، ثم يتم أخذ عينة منه بعد تصنيعه لتحليلها والتأكد من صلاحيتها، أخيرا يعود إلى هيئة الرقابة الدوائية التي تقوم بتحليل عينة عشوائية منه للتأكد من صحته ومن ثم طرحه في السوق.

وبخصوص قانون إنشاء هيئة خاصة بالدواء، أوضحت أن القانون يناقش الآن في مجلس الشعب وفي انتظار إقراره؛ لأنه سيعمل على تنظيم السوق الدوائية في مصر، حيث إنه في العالم كله الدواء مفصول عن وزارة الصحة، فوزير الصحة دائما يكون طبيبا بشريا، والطبيب البشري ليس لديه اطلاع كامل على عملية تصنيع الجواء، لذا إذا كان للدواء هيئة مستقلة يرأسها ذوو الخبرة في مجال تصنيع الدواء، فهذا سينظم السوق أكثر ويمنع انتشار غش الدواء.

وأكد الدكتور محمد عبد الجواد، نقيب الصيادلة السابق، أنه في السوق المصرية يصعب جدا غش الدواء، إذ إن سلسلة تصنيع الدواء وطرحه تمر برقابة قوية بداية من الاستيراد مرورا بالتحليل وتكرار التحليل والتصنيع والتوزيع والصيدلية، لافتا إلى أن الدواء المغشوش موجود في الصيدليات التي تتعامل مع مصادر مجهولة وتحصل على الدواء من مصادر غير موثوقة.

وقال "عبد الجواد"، في تصريح لـ"صدى البلد"، إن هناك سلاسل صيدليات كبرى تقوم بإدخال كميات كبيرة من الأدوية مجهولة المصدر لتحقيق هامش ربح كبير، ويمكن تقسيم الدواء المغشوش إلى 3 مجموعات، الأولى وهي الأدوية الحديثة التي تظهر في أنحاء العالم وتحتاج إلى وقت لدخول مصر فيتم غشها في الصيدليات الكبرى اعتمادا على سمعتها وهذه نسبتها قليلة، والمجموعة الثانية هي الأدوية المصنعة في مصر، وهذه الصيدليات تقوم بضربها وادعاء أنها مستوردة اعتمادا على عقدة الخواجة التي يتميز بها المصريون مثل "الفلاجيل" وهو منتج مصري 100% وتم إصدار آخر مستورد وهو مغشوش.

وأضاف: "والمجموعة الثالثة هي الأخطر وهي أيضا المهربة التي لا تخضع للرقابة وتدخل من الحدود إلى الصيدليات مباشرة، والخطورة كبيرة في الدواء المهرب لأنه غير معروف المصدر ولا يخضع للرقابة أو تحاليل التأكد من صلاحيته"، لافتا إلى منظمة الصحة العالمية لها شعار يخص الدواء وهو أن "الدواء غير معلوم المصدر دواء مغشوش" لأنه لا يخضع للرقابة.

وأوضح نقيب الصيادلة السابق أن "منظومة الرقابة الدوائية في مصر من أفضل المنظومات عالميا وهي أعقدها أيضا، فنحن في مصر على سبيل المثال نقيس درجة حرارة الدواء داخل مخازن شركات الأدوية المعتمدة أكثر من مرة يوميا للتأكد من عدم تأثرها سلبا بدرجات الحرارة، والسبيل الوحيد للقضاء على غش الدواء هو الحصول عليه من مصدره المعتمد".

"ضبطية رقابية"

كما، حذر الدكتور مصطفى عبدالستار، مدير الشئون القانونية بجهاز حماية المستهلك، من عدم التعامل مع الصيدليات غير الموثوق فيها، التي تتواجد بها الأدوية المغشوشة وغير الصالحة للاستخدام، لافتًا إلى أن كثيرا لقوا حتفهم في صمت، لاستخدامهم لهذه الأدوية.

وأوضح "عبدالستار" في تصريح خاص لـ"صدى البلد"، أن المستهلك يستطيع حماية نفسه من الأدوية المغشوشة والمجهولة المصدر وذلك عن طريق التمعن في الدواء وملاحظة التغير في الغلاف والمظهر والطعم وحدوث أعراض جانبية في حالة تعاطيه، والأهم العودة للطبيب بعد شراء الدواء المدون في الروشتة للتأكد من سلامته.

وأشار إلى أن هناك سوقين للدواء في مصر، سوق رسمي وسوق خارج الصيدليات، ويتم الترويج لسلعته عبر الإعلانات التلفزيونية وغيرها، التي تضلل المستهلكين كأدوية السكر والضغط والكبد والعظام وغيرها وذلك يعد غشا تجاريا، أما الرقابة على الدواء في الصيدليات تكون بالرقابة من إدارة الصيدلة وشرطة التموين، موضحًا أنه في حالة رصد أدوية مغشوشة يتم إغلاق الصيدلية ويحرر محضرا ويحول للنيابة العامة للفصل فيها.
وأكد ضرورة تضافر جهود وزارة الداخلية والتموين للكشف عن هذه المافيا، وضرورة تقديم بلاغات من المواطنين بالأماكن المريبة.

وأكد أنه تم رصد حالات كثيرة من الصيدليات التي تبيع الموت الذي يسكن علب الأدوية تم التعامل معاها بالشكل القانوني ووقفهم نهائيا عن العمل.

"عقوبة المؤبد"

بينما، أكد الدكتور شوقي السيد، الفقيه القانوني، أن قضية الغش في الدواء تنقسم إلى جزأين الأول تحت بند القتل الخطأ وعقوبته تصل إلى المؤبد، والثاني تحت الغش التجاري وعقوبته تصل إلى السجن 3 سنوات.

وقال "السيد" في تصريح لـ"صدى البلد": الغش في الدواء جريمة مركبة إن إنها تحمل صفة القتل الخطأ وهي جناية عقوبتها تبدأ من السجن 3 سنوات إلى 15 عاما وتصل إلى السجن المؤبد، كما أنها تحمل جنحة الغش التجاري وعقوبتها تبدأ من يوم واحد وتصل إلى السجن 3 سنوات.

وطالب بتشديد العقوبة لتكون جناية على طول الخط ولا يجوز تحويلها إلى جنحة.