الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سر تسمية يوم عرفة بهذا الاسم

صدى البلد

قال الدكتور علي جمعة، مُفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف،إن في تسمية يوم عرفة بهذا الاسم، أقوال كثيرة للفقهاء.

وأوضح «جمعة» في إجابته عن سؤال: «لماذا سُمي يوم عرفة بهذا الاسم؟»، أن من تلك الأقوال: أن آدم عندما نزل من جنته سواء أكانت في السماء أو في الأرض تعرَّف على حواء في هذا المكان، منوهًا بأن في ذلك دلالة على قِدم ذلك المكان، وتلك المشاعر من القِدم من أول الخليقة.

وأضاف أن ذلك يتناسب مع وصف الله سبحانه وتعالى لهذه الأماكن بالقداسة والحرمة، وطلب صريح بقوله تعالى: «وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ»، مشيرًا إلى أن هذا فيه طلب صريح من إبراهيم لربه بركة هذا المكان كله كأن هذا المكان مَرْضي عليه من الله وعليه تنزل الرحمات منذ خلق الله تعالى الخلق.

جدير بالذكر أن العلماء اختلفوا في المعنى الذي لأجله قيل للموقف عرفات وليوم الوقوف بها عرفة، فقال الضحاك: إن آدم لما أهبط وقع في الهند وحواء بجدة فجعل آدم يطلب حواء وهي تطلبه, فاجتمعا بعرفات يوم عرفة وتعارفا فسمي اليوم عرفة والموضع عرفات.
وعن السُّدي قال: إنَّها سميت عرفات؛ لأن هاجر حملت إسماعيل عليه السَّلام فأخرجته من عند سارة, وكان إبراهيم غائبًا فلما قدم لَمْ يَرَ إسماعيل, فحدثته سارة بالذي صنعت هاجر, فانطلق في طلب إسماعيل فوجده مع هاجر بعرفات فعرفه فسميت عرفات.

وعن علي بن الأشدق عن عبد الله بن حراد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن إبراهيم غدا من فلسطين فحلفت سارة أن لا ينزل عن ظهر دابته حتَّى يرجع إليها من الغيرة, فأتى إسماعيل ثمَّ رجع, فحبسته سارة سنة, ثمَّ استأذنها فأذنت له, فخرج حتَّى بلغ مكَّة وجبالها, فبات ليلة يسير ويسعى, حتَّى أذن الله عزَّ وجلَّ له في ثلث الليل الأخير عند سند جبل عرفة، فلما أصبح عرف البلاد والطريق فجعل الله عزَّ وجلَّ عرفة حيث عرف فقال: اجعل بيتك أحبَّ بلادك إليك حتَّى يهوي الله قلوب المسلمين مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ».

وعن عطاء قال: إنَّما سميت عرفات لأن جبرئيل عليه السَّلام كان يُرِي إبراهيمَ المناسك ويقول: عرفت, ثمَّ يُرِيهِ, فيقول: عرفت, فسميت عرفات.

وروى سعيد بن المسيب عن علي رضي الله عنه قال: بعث الله عزَّ وجلَّ جبرئيل إلى إبراهيم فحج به حتَّى إذا جاء عرفات قال: قد عرفت، وكان قد أتاها مرة قبل ذلك فسميت عرفات.

وورد عن ابن عبَّاس قال: إنَّما سمي عرفة لأن جبرئيل عليه السَّلام أرى إبراهيم فيه بقاع مكَّة ومشاهدها, وكان يقول: يا إبراهيم هذا موضع كذا, وهذا موضع كذا, ويقول: قد عرفت، قد عرفت.

وروى أسباط عن السُّدي قال: لما أَذَّنَ إبراهيم بالناس فأجابوه بالتلبية, وأتاه من أتاه أمرهو الله أن يخرج إلى عرفات فنعتها له فلمَّا خرج وبلغ الشجرة المستقبلة للشيطان فرماه بسبع حصيات يُكبِّر مع كلِّ حصاة, فطار فوقع على الجمرة الثانية فرماه وكبَّر فطار, فوقع على الجمرة الثالثة, فرماه وكبَّر, فلما رأى إنه لا يطيقه ذهب، فانطلق إبراهيم حتَّى وقف بعرفات، فلما نظر إليها عرفها بالنعت فقال: عرفت، فسمي عرفات بذلك.

وسمي ذلك اليوم عرفة لأن إبراهيم رأى ليلة التروية في منامه أن يؤمر بذبح ابنه فلما أصبح يومه أجمع - أي فكر - أَمِنَ الله هذا الحكم أَمْ مِنَ الشيطان, وسمي اليوم من فكرته تروية ثمَّ رأى ليلة عرفة ذلك ثانيًا فلما أصبح عرف أن ذلك من الله, فسمي اليوم يوم عرفة.

وقال بعضهم: سميت بذلك لأن الناس يعترفون في هذا اليوم على ذلك الموقف بالذنوب, والأصل نسيان آدم عليه السَّلام لما أمر بالحجِّ وقف بعرفات يوم عرفة قال: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ، وقيل: هي مأخوذة من العُرْف، قال الله تعالى وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ؛ أي: طِيبَهَا.