الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رانز فانون ... والبحث عن الاستقلال الثقافي


مفكر أفريقي آخر ولد في جزر المارتنيك بالكاريبي مثله مثل كافة المفكرين الأفارقة كانت أفكاره من رحم المعاناة التي شكلت بعدا إنسانيا عند الأفارقة بوجه عام والمثقفين وأصحاب الرؤي بشكل خاص وهو أحدهم يبحث مثلهم عن طريق لتحقيق الاستقلال وتقليل معاناة الزنوج الذين عاشوا حقيقة المعاناة ومازالوا.

كان فانون معتزا بأصوله الزنجية الأفريقية وكان يرفض كل أشكال الاستعمار وممارساته وانتقد بشدة تغييب اللغات الأفريقية ومحوها عمدا من قبل الاستعمار الفرنسي الذي مهد لأن تنطق الألسنة الأفريقية باللغة الفرنسية التي أدت بطبيعة الحال - والكلام له - إلي ضياع الهوية والثقافة الأفريقية الخالصة وتداعي الحضارة الزنجية لأن لغة اللسان تدعم من ينطق بها علي مستوي العالم وذهب إلي بعد سياسي آخر، مؤكدا أن تغيير اللغات الأفريقية قوض الثقافة الأفريقية بأكملها ودعم من سلطات المستعمر واصفا ذلك بأنها أحد وسائل الاضطهاد الفرنسي ألا وهي الحرب علي الهوية والحضارة الأفريقية ، كل هذا ومفكرنا عاش فترة داخل الجيش الفرنسي بل وقاتل تحت لواءه في الحرب العالمية الثانية ، رحل إلي الجزائر وعمل كطبيب وهي وظيفته الأساسية ومجال تخصصه العلمي حيث كان بالأصل طبيبا نفسيا، وانضم إلي جبهة التحرير الجزائرية وفي ظل عضويته أصدر كتابه "المعذبون في الأرض" يمثل ظلا لآرائه التي كانت تدور حول اشتراكيته التي كان يميل لها معظم المفكرين الأفارقة لأنهم جمعيا ضد الإمبريالية الاستعمارية الغربية ، عاش حياته يبحث عن الاستقلال الثقافي لأنه يري في ذلك الاستقلال الحقيقي ورفض كل أدوار التبعية للغرب الذي مارس كل أنواع الاضطهاد للأفارقة.

وقد يكون من المفيد هنا أن نؤكد أن ممارسات الغرب الاستعمارية في الماضي والحاضر كانت تكرس لمقولات ثابتة عند الغرب عموما بأننا نمارس دورنا التنويري في ظلام هذه القارة وهو أمر مخالف للحقيقة وخصوصا في ظل حاجة الغرب لمواردنا الكثيرة والمتنوعة والتي كان يحتاجها الغرب قديما ومازال يحتاجها الآن علي الرغم من انتشار مقولات حديثة تؤكد بأن الاعتماد علي موارد العالم الثالث ومنها أفريقيا بطبيعة الحال ستقل تدريجيا بما يؤدي إلي رجوع هذه الدول إلي الصيغة الهامشية في التعامل الدولي وإن كانت عليها حتي الآن إلا أن ذلك يتم بحسابات المصالح ولكن المؤسف أنهم يروجون الآن إلي عدم الحاجة لهذه الموارد ويصبح السؤال لستم في حاجة إلي الموارد فهل يمكنكم الاستغناء عنا كمستهلكين؟؟ ستظل حاجتكم إلينا كمستهلكين إلا إذا بحثنا عن الفرار من شبكات وخيوط التبعية المعقدة والرجوع إلي هويتنا التي نادي بها فانون منذ زمن بعيد بل ونادي أيضا بالتحرر الثقافي والاستيقاظ من غيبوبة الاعتماد علي الرجل الأبيض ورفض كل الثقافة الغربية والعودة إلي الكرامة الأفريقية وعدم الاكتفاء بالاستقلال السياسي ونادي بالوحدة في جنبات القارة بعيدا عن كل الأشكال التي أدت إلي الصراعات ومنها الجانب الإثني بالأساس وذهب إلي اعتبار الغرب ومعهم أمريكا عنوانا للظلم والقهر، مؤكدا علي تعالي قيم الإنسانية في تعامل الغرب مع بعضهم البعض.

تبقي لنا في النهاية كلمة علي الرغم من مرور ما يزيد عن نصف قرن علي رحيل فانون إلا أن الرجل تكلم بلسان حال اليوم.. فهل يمكن أن نستمع لصراخ الرجل وأفكاره التي لم تمت بعد؟؟
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط