الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نحن إلى أين ذاهبون (1)


تأملت العديد من المشاهد الجارية على المشهد المصري في آن ؛ فأصابني منها ألم من داخلي إلى أن ارتسمت على ملامحي و تعابيري الخارجية ومازال ينمو هذا الاثر حتى كدت أن أكون موسوما بهذا الوسم الذي أراه سمتًا لأغلب المصريين.

رأيت أن أهم ما يلون المشهد الحديث أمام عيني ممزوجا بالحيرة والتيه في التفرقة ما بين الصواب والخطأ،وأصعب شيء علي النفس وأخاله المعضلة السائدة على نوادينا الحياتية هو القدرة على التفريق ما بين الصواب والخطأ.

فالكثير من المعايير والمقاييس لم تعد المتداولة في آن، فلم يك للرطل والأوقية استخدام للمعاملات ، ولم يكن للآداب والقدرة على تقديم الاحترام للآخر وجود في معاملاتنا، وصارت السخرية ورفض الانتماء والتباهي بخلع الهوية مادة جاذبة في النوادي والمنتديات.

في ظني أن ما نعيشه اليوم ما هو إلا حلقة من حلقات التتابع والتسلسل الطبيعي إثر الوقوع في هاوية السيطرة الغربية ، ففي المراحل المتقدمة من التسلسل التعليمي الذي تجرعناه طوعا وكرها وخاصة في مناهج التاريخ ، وأنا مازلت أحبو في الخيالات والتأملات الطفولية الساذجة ، ولم أخطُ على نعومة الأظافر الفكرية إلا القليل ، سمعت وقرأت عن مدى قوة مصر عبر تتابع الأزمان والسنين ولم تك هذه القوة قوامها الأول الآلة الحربية أو المعدة العسكرية بل كان عمادها الإيمان واليقين والتمسك بالهوية المصرية ، وعلى أثر ذلك كان يطرق ذهني سؤال: وماذا لو أدرك الغرب هذا السلاح الرادع الذي أبقى مصر ومصريتها لأبنائها والوطن العربي بأثره؟!.

وبعد أن نضجت تأملاتي وشابت أحلامي وجدت أن المقصد الأول للغرب النيل من كنانة العرب الممثلة في مصرنا ووجدت من خلال المشاهدات اليومية والتأملات أن الهدف كائن في المواطن المصري ذاته، فلم تك للصفات التي وصفنا بها عبر السنين وجودا بارزا إلا من رحم الله ، ولم أجد توحدا في الرأي إلا وقد غيب أو خون أو صار أضحوكة الجهلاء والسفهاء.

ألم تك التكنولوجيا المنادية إلى التنوير العصري مادة للتراشق والتجهيل وتغيب عقول الشباب المتعلمين منهم وأنصاف التعلم، ألم تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي في هدم الكثير من محاولات الصحوة من النكسات والكبوات.

أنا لا أقلل من الوافد العلمي ومستحدثاته ولكن ألوم على من يستخدمه ومنْ لم يوجه ويرشد بكيفية الاستخدام وتجنب الأخطار.

ألم تك لبعض وسائل الإعلام ومتصدريها دور في الإعلام والإخبار بمستحدثات الحوادث وطوارئ الكوارث جنبا إلى جنب مع التغيب والتشتيت للمواطن البسيط القارئ منهم والمشاهد ، ولا عجب إن كان من يرتاد منابر الإعلام أناسا لا يجيدون بناء جملة عربية صحيحة ، وينصبون أنفسهم شعراء تخصص رثاء على ما هلك وفنى من تراث وأمجاد الثقافة الفائتة.

يا سادة .. لعل التشخيص حينا يكون خيرا من العلاج ذاته ، بيد أن الرؤية البسيطة التي لاحت أمامي قد تكون عونا و دليلا لكل من أحب الوطن وقد تكون لبنة البناء والتعمير لأصحاب القلوب الخالية من الحقد والكراهية والداعية إلى الإصلاح و التعمير، وهذه الفكرة أخالها كائنة في البحث عن القدوة والدليل الحي الذي بدونه تنعدم الصحوة و البناء ، فالتاريخ يا سادة لا يسمح لدخول أبواب المجد للأمم إلا بقائد أرشد ووجه ، وضحى وتحمل.

وإذا ما أفاض الله – سبحانه و تعالى – بنعمائه علينا بالقائد فلا خوض في نزاهته ولا تخوين لأفعاله، ونجنب الجهلاء نوادينا الذين لا يجدون لهم كيانا إلا بالإعلاء من قيمة السخرية والحض من التعليم ذاته وإلا فلا صحوة ولا عودة.

يا سادة أفيقوا.. إن مادة السخرية والتراشق صارت بمثقال ذهب في زمن أوطاننا تنادينا إلى التوحد والصبر والمثابرة لتوحيد الصف ، أين أسلحتنا الرادعة التي حيرت الأعداء والغزاة ، أين عقيدتنا التي تعلمنا منها قول الحق – سبحانه وتعالى - : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ ) } الحجرات:11{
فهذا النداء الإلهي موجه للمؤمنين الذين يُنهون عن السخرية ، وهذا ما أخاله أمرا هاما في أيام صار كل مواطن عالما وصار كل فرد سياسيا ، وأضحى كل مصلٍ فقيها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط