الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

21 جراما!!!


بعيدا عن الهموم اليومية الاقتصادية منها والسياسية، وبعيدا عن الجدال العقيم، وأخبار الدمار والدماء، ثمة امور ابتعدنا عنها بسبب سيطرة كل ما سبق على عقولنا وتفكيرنا، ثمة ملفات جدلية فكرية وانسانية تم تناسيها ونسيانها والتي اذا عدنا اليها ولمناقشتها قد نعود إلى الحظيرة الإنسانية من جديد، ونبتعد عن كوننا مجرد آلات لا هم لها الا العمل والاكل والنوم ومتابعة اخبار القتل او حتى ممارسته احيانا.

من المسائل المنسية مسألة الـ 21 جراما، والتي تصاعد جدلها منذ عشرات السنوات ثم اختفى إلى درجة وكأنها لم توجد من الاساس، خصوصا أنها من المسائل الجدلية الاساسية المتعلقة بالإنسان مهما تقدمت العلوم وانفتحت العقول.

الـ 21 جراما هي نظرية وضعها الطبيب الأمريكي من ولاية ماساشوستس دنكن ماكدوجال، والذي بدأ منذ العام 1907 بإجراء اختبارات على بعض المرضى المشرفين على الموت، ومع قيامه بالتدقيق بالأوزان قبيل وبعيد الوفاة لاحظ تناقص الوزن لـ 21 جراما، ثم اعاد التجربة على 15 كلبا ولم يحصل على النتيجة ذاتها، ونشر نتائج ابحاثه في مجلتي "مجلة المجتمع الأمريكي للأبحاث النفسية" و"مجلة الطب الأمريكية"، على اعتبار أن الوزن الناقص هو وزن الروح التي تغادر الإنسان لدى وفاته، وكان لهذه النظرية نصيب كبير من الجدل العلمي داخل الولايات المتحدة الأمريكية، ولا تزال منتشرة في اماكن أمريكية كثيرة كحقيقة مسلم بها.

فمسألة الجرامات القليلة هذه لو تم التمعن بها لوقف الإنسان كثيرا عند الكثير من الامور التي تواجهه في الحياة اليومية، وبغض النظر عن النظرية وصحتها او عدم صحتها فان اللافت كان اثناء البحث في محركات البحث عن هذه النظرية باللغة العربية، حيث ان معظم العناوين التي احتوت "21 جرام" كانت لفيلم اميركي ناقش هذه القضية وقلة قليلة من المواضيع تناولت الموضوع الاساسي - النظرية لكن بمجرد نقل الخبر المختصر دون اي نقاش او إبداء للرأي، وذلك على عكس المواقع الأمريكية التي تحفل بالعديد من الجدال حول النظرية .

مثل هذه النقاشات لا يجب أن تغيب عن مجتمعاتنا ولا يجب ان تكون من التابوهات التي يمنع الاقتراب منها، بحجة الدخول في الأمور الدينية الممنوعة و تجاوز الخطوط الحمر وهذه من الامور التي تخص العلماء واهل العلم وحدهم، مما ساهم في تحجير العقول ووقف التفكير الابداعي عند حدود معينة.

والنتيجة كانت تسهيل الأمور لحشو العقول بالخرافات الدينية المشبوهة التي لا اساس لها من الصحة لا من قريب ولا من بعيد، من قبل الجماعات المتأسلمة والتي كانت العقول قبل ظهورها وانتشارها بألف خير، ونتج عن هذا التحجر اجيالا كثيرة لا تجيد التفكير المنطقي والتحليل ولا تقدر على ممارسة حقها الوجودي بالفهم ثم الاقتناع، فبات الاقناع الجبري هو الوسيلة الوحيدة...

21 جراما وغيرها الكثير من النظريات يجب أن تعود إلى الواجهة للتخلص من القيود التي فرضتها علينا جماعات سوداء مشبوهة والعودة إلى أمة تقرأ وتحلل وتفهم ...

وللحديث تتمة ...

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط