الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ننشر حيثيات الأمور المستعجلة بوقف حكم القضاء الإداري ببطلان اتفاقية "تيران وصنافير"

صدى البلد

أودعت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة حيثيات الحكم الصادر بتاريخ ٢٩ سبتمبر الماضي والذي قضي قبول الاستشكال المقام من المحامى أشرف فرحات لوقف حكم الذي أصدرته محكمة القضاء الإدارى والقاضي بوقف تنفيذ اتفاقية ترسيم الحدود التى وقعت بين مصر والسعودية.

واستندت الحيثيات على أن المادة ١٧ من قانون السلطة القضائيه نصت علي أنه "ليس للمحاكم أن تتدخل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في أعمال السيادة، كما نصت المادة ١١ من قانون مجلس الدولة رقم ٤٧ على: "لا تختص محاكم مجلس الدولة بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة"، موضحة أن أعمال السيادة هي الأعمال التى تصدر من الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة ، وتباشر بمقتضي هذه للسلطة العليا تنظيم علاقتها بالسلطات العامة الأخرى داخلية كانت أو خارجية، وما تتخذه اضطراريا للمحافظة كيان الدولة في الداخل وحفاظًا علي سياستها في الخارج.

وأضافت الحيثيات إنه استقر في يقين أحكام محكمة النقض على أنه يتعذر وضع تعريف جامع مانع لأعمال السيادة أو حصر دقيق لها إلا أن ثمة عناصر تميزها عن الأعمال الإدارية العادية، ومن أهمها تلك الصبغة السياسية البارزة فيها لما يحيطها من اعتبارات سياسية وبالتالي هى تصدر من للسلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم فينعقد لها في نطاق وظيفتها السياسية سلطة عليا لتحقيق مصلحة الجماعة كلها، والسهر علي احترام دستورها والإشراف علي علاقتها مع الدول الأخرى وتأمين سلامتها وأمنها في الداخل والخارج ، فالأعمال التى تصدر في هذا النطاق غير قابلة بطبيعتها لان تكون محلًا للتقاضي لما يكتنفها من اعتبار سياسي يبرز تخويل السلطة التنفيذية الحق في اتخاذ ما ترى فيه صالحًا للوطن وأمنه وسلامته دون تعقيب من القضاء أو بسط للرقابة عليها.

وأكدت حيثيات الحكم ان أحكام المحكمة الدستورية العليا استقرت علي انه إذا كانت الرقابة القضائية علي دستورية القوانين واللوائح تجد أساسًا لها -كأصل عام - في مبدأ الشرعية وسيادة القانون الذي أرساه الدستور، غير أنه يرد علي هذا الأصل ما استقر عليه الفقه والقضاء من استبعاد أعمال السيادة من مجال الرقابة القضائية علي اساس ان طبيعتها تنأي أن تكون محلًا لدعوى قضائية، وإذا كانت نظرية أعمال السيادة في أصلها الفرنسي قضائية المنشأ فإنها في مصر ذات أساس تشريعي يرجع إلى بدايه التنظيم القضائي الحديث الذي أقره.

واستندت الحيثيات على انه لما كانت المادة الخامسة من الدستور الحالى تنص على أن يقوم النظام السياسي على أسس التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمى للسلطة والفصل بين السلطات والتوازن بينهما وتلازم المسؤلية مع السلطه واحترام حقوق الإنسان وحرياته وذلك على الوجه المبين للدستور ومن ثم فإن جوهر مبدأ الفصل بين السلطات هو الفصل بين وظائف الدولة فصلًا عضويًا أو شكليات بمعنى تخصيص عضو مستقل لكل وظيفة من وظائف الدولة فيكون هناك جهاز خاص للتشريع وآخر للتنفيذ وجهاز ثالث للقضاء، ومتى تحقق ذلك أصبح لكل عضو اختصاص محدد لا يمكن الخروج عليه دون الاعتداء على اختصاص الأعضاء الآخرين، وذلك في إطار الدستور والقوانين ألمنظمه وهو ما يؤدي إلى ضمان احترام مبدأ سياده القانون في الدوله ، وضمان احترام كل سلطة لحدودها الدستورية واحترامها لقواعد القانون

وأوضحت حيثيات الحكم أنه ولما كانت الماده ١٥١ من الدستور الحالي نصت علي ان يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية ويبرم المعاهدات ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لاحكام الدستور، ومفاد ذلك أن رئيس الجمهورية هو ممثل الدولة في علاقتها الخارجية بالدول، ومن ثم فإن مجلس النواب دون غيره هو المنوط بالبت في أمر الاتفاقيات والمعاهدات .

وذكرت المحكمة في أسباب حكمها أنه لما كان البادي من ظاهر الأوراق أن الحكم المستشكل فيه قد قضي في امر يتعلق في شأن من شئون الدولة وعلاقتها بدولة أجنبية أخرى مما قد يؤثر بالسلب أو الإيجاب على مصلحة الوطن، وذلك علي حسب وجه نظر كل مواطن ، وكان المستشكل والمتدخلين انضماميًا من مواطني جمهورية مصر العربية ومن ثم تتوافر لهم الصفة والمصلحة في إقامة الأشكال.

وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها أن استبعاد أعمال السيادة من ولاية القضاء إنما يأتي تحقيقًا لاعتبارات سياسية تقتضي - بسبب طبيعة هذه الأعمال واتصالها بنظام الدولة السياسي اتصالًا وثيقًا او بسيادتها في الداخل والخارج - والذي ينأ به عن نطاق الرقابة القضائية وذلك لدواعي الحفاظ علي كيان الدولة في الداخل والذود عن سيادتها في الخارج ورعاية مصالحها العليا، ومن ثم تبدو الحكمة من استبعاد هذه الأعمال من ولاية القضاء متمثلة في اتصالها بسيادة الدولة في الداخل والخارج، وفي أنها لا تقبل بطبيعتها علي ما سلف بيانه ان تكون محلًا للتقاضي لما يحيط بها من اعتبارات سياسية تبرر تخويل السلطة التنفيذية سلطه تقديرية أوسع مدي وأبعد نطاقًا تحقيقًا لصالح الوطن وسلامته دون تخويل القضاء سلطة التعقيب علي ما تتخذه من إجراءات في هذا الصدد.

واستطردت المحكمة في أسباب حكمها: " لما كان يتعين على المحكمة بعدما كشفت وأظهرت حقيقة حكم القضاء الإداري وصدوره معدومًا عديم الحجية وأنه لا ولاية لها في إصداره، وأن في تنفيذه عدوان صارخ على أحكام الدستور والقانون والإخلال بالمبادئ الدستورية والنيل من سيادة الدولة، أن تتصدى لهذا الحكم المنعدم وتقضي بوقف تنفيذه بصفة مطلقة.

وانهت المحكمة حيثيات حكمها في تعريفها لأعمال السيادة لحكم سابق أصدرته المحكمة الدستورية العليا عام 1990، ولحكم أصدرته محكمة القضاء الإداري في فبراير 2015 بعدم اختصاصها بنظر دعوى لإلغاء الاتفاق المبرم بين مصر وقبرص لتحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة بين الدولتين باعتباره من أعمال السيادة التي استقر القضاء على عدم بسط رقابته عليها.