الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مائة وخمسون سنة برلمان !!


اليوم يمر 150 عاما علي تأسيس البرلمان في مصر وهو واحد من أقدم البرلمانات في العالم .. حيث بدأنا حياة برلمانية يمارس فيها الشعب سلطاته الرقابية والتشريعية علي حكوماته المتتالية .. واليوم بعد أن عاد البرلمان لممارسة دوره مرة أخري .. هل تليق ممارساته بتاريخنا الطويل وأين دوره الرقابي التشريعي .. هل يمارس دوره كما يجب ويليق ببرلمان له مثل هذا التاريخ العريق ودولة صاحبة أقدم حضارة في العالم.

اليوم جئت الي مدينة شرم الشيخ -التي ظهرت في أبهي وأجمل صورة- .. مع وفد إعلامي كبير لحضور الاحتفال بمرور 150 سنة علي تأسيس البرلمان المصري والذي يلقي إهتماما على أعلى مستوى فيلقى خلاله الرئيس عبد الفتاح السيسي خطابا هاما ويحضره شخصيات برلمانية من 38 دولة..كما يعقد البرلمان الأفريقي مؤتمرا علي هامش الاحتفالية ..

سعادتي كبيرة وفخورة ببرلمان بلدي الذي يعد واحدا من أقدم البرلمانات في العالم.. لكن مع هذا التاريخ الطويل والعريق لابد أن نعيد تقييم الأداء وماقدمه البرلمان خلال الدورة الماضية .. فقد شهدنا العديد من الأزمات المُتلاحقة، بداية من اللحظات الأولى من حلف القسم، وما حدث بين النواب من تجاوزات، مرورًا بتهديدات الانسحاب من البرلمان، وسقوط عضوية البعض.

 أما أبرز الإنجازات فهي إقرار 342 قرارا بقوانين خلال الـ13 جلسة الأولى، وإصدار اللائحة الداخلية للمجلس لأول مرة بقانون طبقًا للدستور. ولكن ماذا عن استجوابات النواب للحكومة لقد لاحظت انه لم يتم ولا إستجواب واحد .. وهي آلية من آليات الرقابة التي يجب أن يمارسها المجلس..

 أيضا رصدنا ظواهر غريبة مثل النائب إلهامي عجينة بتصريحاته غير اللائقة وبعض النواب غير المؤهلين للحياة النيابية وأخرين اعتادوا التزويغ وعدم حضور الجلسات .. وتهافت النواب علي الوزراء للحصول علي توقيعاتهم ..وطرد بعض النواب غير الملتزمين ..

والسؤال هل الحياة البرلمانية لدينا تناسب هذا التاريخ العريق للبرلمان الذي شهد رئاسة 42 رئيسا من أبرز وأقوى الشخصيات في تاريخنا الحديث منهم سعد زغلول ومصطفي النحاس وعدلي يكن وأحمد ماهر وأنور السادات وغيرهم ... وهل يؤدي البرلمان الحالي دوره بالشكل اللائق لشعب كان لديه واحد من أقدم البرلمانات في العصر الحديث بالإضافة إلي أننا في تاريخنا الطويل كان لدينا مجالس للحكماء ومجالس للشوري وغيرها.

نتمني أن يكون هذا الاحتفال بداية أداء البرلمان لدوره الحقيقي في الرقابة علي الحكومة وفي وضع التشريعات وتغيير منظومة القوانين غير الفعالة وتشديد العقوبات في بعض القوانين الأخرى مثل عقوبة الإتجار في البشر والتي تتضمن جرائم مثل خطف الأطفال وسرقة الأعضاء والهجرة غير الشرعية.

كما يجب أن نشعر بالدور الإقتصادي للبرلمان فهو غير واضح لم نجد له أي دور في ظل ارتفاع الأسعار وجنونها وارتفاع سعر الدولار .. كما أن دوره الاجتماعي أيضا غير واضح.
 
لا أعتقد أن هذا الأداء يليق ببرلمان ترجع نشأته إلى عام 1866، وبالتحديد فى 22 أكتوبر 1866 فى عهد الخديو إسماعيل فكان أول مجلس نيابى منتخب في المنطقة ويمتلك اختصاصات نيابية.. بعد أن أخذت لائحته الأساسية الكثير من اللوائح البرلمانية الأوروبية والتى منحته اختصاصا ماليًّا يتيح له الحق فى الاطلاع على ميزانية الحكومة وغيرها .. كما امتلك إختصاصا رقابيا عام 1881 بعد ثورة أحمد عرابي.

وأتمني من خلال مؤتمر شرم الشيخ أن يبدأ البرلمان المصري العودة الي تأثيره العربي والدولي فيبدأ في وضع حلول لقضية الإرهاب بالتعاون مع البرلمان العربي بوضع قاعدة بيانات مشتركة للمسافرين من وإلى الدول العربية كما فعل البرلمان الأوروبي عام 2015 ..عندما وافق على قاعدة بيانات للمسافرين جوا من وإلى الدول الأوروبية ورأت فيه المؤسسات والحكومات الاوروبية ضرورة ملحة لتعقب تحركات الإرهاب وحتى يمكن للسلطات المختصة الإطلاع على تلك البيانات في وقائع الإرهاب العابرة للحدود.

وإبرام وعقد برتوكولات تعاون مع البرلمانات الدولية والعمل على وضع صياغة عالمية لقواعد وقوانين مكافحة الإرهاب فى كل دول العالم .. والعمل على إيجاد مؤسسات معتدلة لجذب الشباب وتقديم بدائل للفكر المتطرف.

أما من الناحية الرقابية فالمطلوب تفعيل مشروع تجديد الخطاب الديني لمواجهة الإرهاب .. ومراقبة المؤسسات التعليمية وممارستها لدورها في نبذ العنف والتطرف ..وتقديم مناهج تحث علي التسامح والتعاون، بالإضافة إلي الكثير من المشروعات الاقتصادية والاجتماعية التي يجب أن يعمل عليها النواب.
 
هذا البرلمان العريق شهد لحظات تاريخية فارقة غيرت مجرى الحياة السياسية ليس في مصر فقط ، ولكنها استطاعت التأثير أيضا في المنظومة الإقليمية والدولية.

أتمني أن يعود برلماننا العريق إلي ممارسة أدواره الرقابية والتشريعية بقوة وبأداء يناسب 150 سنة من الحياة النيابية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط