الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

غدا.. العالم يحيى "اليوم العالمي للطفلة"

صدى البلد

يحيي العالم غدا "الثلاثاء" اليوم العالمي للطفلة 2016 تحت شعار "تقدم الفتيات = إحراز تقدم في الأهداف"، حيث يسلط الاحتفال هذا العام على الإشادة بإمكانات أهداف التنمية المستدامة الطموحة من أجل الفتيات، والإدراك بأن تقدم الفتيات هو ليس جيدا فقط بالنسبة للفتيات أنفسهن، ولكن أيضا للأسر والمجتمعات المحلية والمجتمع ككل، حيث يجب علينا أيضا أن نغتنم هذه الفرصة للنظر في الفجوات الموجودة في البيانات التي تتعلق بالفتيات والشابات، وعدم وجود التحليل المنهجي لها، والاستخدام المحدود للبيانات الحالية، التي تحد بشكل كبير من قدرتنا على رصد وتحقيق الرفاهية والتقدم لما يقرب من نصف البشرية.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت القرار 170/66 في ديسمبر عام 2011، بإعلان يوم 11 أكتوبر من كل عام باعتباره اليوم الدولي للطفلة، وذلك للاعتراف بحقوق الفتيات وبالتحديات الفريدة التي تواجهها الفتيات في جميع أنحاء العالم، كما يهدف اليوم الدولي للطفلة إلى تركيز الاهتمام على الحاجة إلى التصدي للتحديات التي تواجهها الفتيات وتعزيز تمكين الفتيات وإحقاق حقوق الإنسان المكفولة لهن.

وتشير تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" إلى أنه يوجد أكثر من 1.1 بليون فتاة تقل أعمارهن عن 18 عاما يتهيأن لمواجهة المستقبل، ومع ذلك، فإن تحقيق المساواة بين الجنسين في أهداف التنمية المستدامة الطموحة يسلط الضوء على طغيان الحرمان والتمييز التي تتحمله الفتيات بصورة يومية في كل مكان.

وذكر تقرير صادر من اليونيسيف بمناسبة اليوم العالمي للطفلة 2016، أن الفتيات تقضين 160 مليون ساعة أكثر من الصبية في القيام بالأعمال المنزلية كل يوم ، حيث تقضي الفتيات ما بين عمر 5 و14 عاما 40% من الوقت الإضافي أو 160 مليون ساعة إضافية في اليوم، في القيام بأعمال منزلية بدون أجر وفي جمع المياه والحطب مقارنة بالصبية في نفس العمر.

وتظهر البيانات بأن العبء غير المتكافئ للعمل المنزلي يبدأ مبكرا، وذلك بفتيات ما بين 5 و9 سنوات من العمر يقضين 30% أكثر، أو 40 مليون ساعة أكثر في اليوم في العمل المنزلي مقارنة بالصبية في نفس عمرهن، وتنمو الفوارق مع نمو الفتيات، حيث تقضي الفتيات في عمر 10 الى 14 عامًا 50 % أكثر، أو 120 مليون ساعة أكثر كل يوم.

وأشارت أنجو مالهوترا مستشارة النوع الإجتماعي الأولى لدى اليونيسيف ، أن العبء الكبير للعمل المنزلي بدون أجر يبدأ في الطفولة مبكرًا ويشتد مع بلوغ الفتاة سن المراهقة. ونتيجة لذلك، تضحي الفتيات بفرص مهمة للتعلم وللنمو وللاستمتاع بطفولتهن فحسب، وهذا التوزيع غير المتكافئ للعمل بين الأطفال يقوم بترسيخ أنماط النوع الإجتماعي والعبء المضاعف على النساء والفتيات عبر الأجيال.

ويذكر التقرير أن عمل الفتاة أقل وضوحا وعادة ما يتم التقليل من قيمته، فعادة ما تفرض مسؤوليات البالغين مثل الاهتمام بأفراد الأسرة الآخرين، بما في ذلك الأطفال على الفتيات، ويحد العمل الذي يقضى على الأعمال المنزلية من وقت الفتاة للعب، وقضاء الوقت مع الأصدقاء والاستذكار ومن أن تكون طفلة، وفي بعض الدول، يعرض جمع الحطب والماء الفتيات إلى خطر العنف الجنسي.

وأشار التقرير إلي بعض الإحصائيات حيث تقضي الفتيات ما بين 10 و14 سنة في جنوب أسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضعف الوقت تقريبا على الأعمال المنزلية مقارنة بالصبية وإن الدول التي كانت فيها أعباء الأعمال المنزلية التي تقوم بها الفتيات من 10 الى 14 سنة مقارنة بالصبية أكثر تباينًا هي بوركينا فاسو، اليمن ، والصومال، وتقضي الفتيات ما بين 10 و14 في الصومال أكثر الوقت على الأعمال المنزلية إجمالًا 26 ساعة كل أسبوع.

ويقول أتيلا هانسيجولو رئيس البيانات والتحليل لدى اليونيسيف ، إن إظهار القيمة الكمية للتحديات التي تواجهها الفتيات، لهي الخطوة الأولى تجاه تحقيق هدف التنمية المستدامة المتعلق بالمساواة بين الجنسين والى كسر الحواجز التي تواجه 1.1 مليار فتاة في العالم.

إن تسخير قوة البيانات من أجل الفتيات: تقييم الوضع والتطلع لعام 2030، يذكر بأن البيانات لثلثين من المؤشرات 44 المتعلقة بالفتيات في أهداف التنمية المستدامة – وخارطة الطريق العالمية لإنهاء الفقر، وحماية الكوكب وضمان التقدم للجميع- هي في الواقع محدودة أو ضعيفة. فبالإضافة إلى الأعمال المنزلية، يقدم التقرير بيانات عن القضايا المتعلقة بالفتيات والتي تشير إليها أهداف التنمية المستدامة بما في ذلك العنف ، وزواج الأطفال ، وتشويه وبتر الأعضاء التناسلية الأنثوية ، والتعليم.

إن تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتي تعالج هذه القضايا وتقوم بتمكين الفتيات من خلال المعرفة والمهارات والموارد التي يحتجنها من أجل أن يصلن إلى إمكاناتهن الكاملة، ليست في مصلحة الفتيات فقط ، بل يمكنها أن تدفع النمو الاقتصادي ، وتدعو للسلام وتقلل الفقر.

ويشير تقرير اليونيسيف الإحصائي الذي يحمل عنوان "ملف زواج الأطفال في إفريقيا"، إلى أن انخفاض معدلات الحد من هذه الظاهرة والنمو السكاني السريع هما السبب لهذه الزيادة المتوقعة، فمعدلات الحد من هذه الظاهرة في مناطق العالم الأخرى والأنماط الديمغرافية هناك، تعني أن عدد العرائس الأطفال ينخفض بعض الشيء كل سنة، وبحلول سنة 2050 ستسبق إفريقيا جنوب آسيا، أي أنه في حال لم يطرأ تغير على الأنماط الحالية فإن عدد العرائس الأطفال في إفريقيا سيرتفع من 125 مليون إلى 310 ملايين سنة 2050، لتصبح المنطقة التي تشهد أعلى عدد من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 – 24 واللواتي تزوجن في مرحلة الطفولة.

وفي هذا الصدد ، أشارت نكوسوزانا دلاميني زوما رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي، إلى أن زواج الأطفال يولد معايير يصبح القضاء عليها أصعب وأصعب – معايير تحط من قيمة نسائنا، ومن خلال نشر من الوعي وتطبيق نهج تعاوني ، سنتمكن من استئصال آثار زواج الأطفال التي تشل تقدمنا، ففي إفريقيا، انخفضت نسبة النساء اللواتي تزوجن في سن الطفولة من 44% سنة 1990 إلى 34% في عام 2015. ولكن من المتوقع أن يرتفع العدد الكلي للفتيات في إفريقيا من 275 مليون إلى 465 مليون بحلول سنة 2050، ولذا فإن هناك حاجة لعمل أكثر طموحا، فحتى مضاعفة معدلات الحد من هذه الظاهرة لن ينجح في وقفها الآن، كما افتقر التقدم المتحقق للإنصاف، فاحتمال أن تتزوج فتاة من أسرة تنتمي للخمس الأفقر من السكان في سن الطفولة لم يتغير عما كان عليه قبل 25 سنة.

ويؤكد التقرير أن الزواج المبكر يؤثر سلبا على احتمال تمتع الأطفال بحياة صحية وناجحة، كما أنه يتسبب في كثير من الأحيان بحلقة مفرغة من الفقر، فاحتمال إكمال العرائس الأطفال لتعليمهن أقل من غيرهن ، وهن أكثر عرضة للوقوع ضحايا للعنف والإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، كما أن الأطفال الذين يولدون لأمهات مراهقات أكثر عرضة للوفاة قبل الولادة أو بعدها بقليل والمعاناة من تدني الوزن،كما تفتقر العرائس الأطفال في كثير من الأحيان للمهارات اللازمة للحصول على عمل.

وكان الاتحاد الإفريقي قد أطلق في مايو الماضي حملة على مستوى القارة للقضاء على زواج الأطفال، ومن ثم تم وضع خطة للحكومات للحد من معدلات زواج الأطفال من خلال زيادة قدرة الفتيات على الوصول لتسجيل الولادات، والتعليم الجيد وخدمات الصحة الإنجابية، إضافة إلى تعزيز وإنفاذ القوانين والسياسات التي تحمي حق الفتيات وتمنع الزواج قبل سن 18.
وأكد آنتوني ليك المدير التنفيذي لليونيسيف ، علي أن هذا العدد الكبير من الفتيات المتأثرات وانعكاسات هذه الظاهرة على الطفولة المفقودة والمستقبل المحطم، ضرورة حظر ممارسة زواج الأطفال بشكل مطلق.

وأضاف ليك أن البيانات واضحة ، فالقضاء على زواج الأطفال يتطلب تركيزًا أكبر بكثير على الوصول لأكثر الفتيات فقرًا وهشاشة، وتوصيل التعليم الجيد وعدد من خدمات الحماية الأخرى لأولئك الذين هم في أمس حاجة والأكثر عرضة للخطر، فحياتهم ومستقبل مجتمعاتهم على المحك، وتمثل كل طفلة عروس مأساة، وزيادة أعدادهن هو أمر لا يمكن أن نقبل فيه.
في حين أشار تقرير منظمة الأمم المتحدة للمرأة لعام 2016 إلي أن فتاة تتزوج من بين كل 3 تقريبا في الدول النامية دون سن 18، وتتزوج واحدة من كل 9 دون سن 15.

وأوضح التقرير أن دول مثل أفغانستان، ومالاوي، ونيبال، وجنوب السودان، وتنزانيا، واليمن، وزيمبابوي إلى أن للزواج المبكر له عواقب وخيمة طوال العمر، حيث غالبا ما يعطل أو يعوق قدرة الفتاة تماما على إدراك عدد كبير من حقوق الإنسان. إن التوقف عن الدراسة مبكرًا ينجم عن الزواج المبكر، ومن بين الآثار الأخرى الاغتصاب الزوجي، وزيادة مخاطر التعرض للعنف المنزلي، وصعوبة الحصول على عمل لائق، والاستغلال في العمل غير المأجور، ومخاطر نقل فيروس نقص المناعة المكتسبة (إيدز)، ومشاكل صحية كثيرة جراء الحمل المبكر.

وهناك اهتمام كبير في الوقت الراهن بزواج الأطفال عالميا. وقد تعهدت شخصيات بارزة سواء في الحكم أو خارجه من بينها شيخة حسينة رئيسة وزراء بنجلاديش؛ وغويس باندا رئيسة مالاوي السابقة علنا علي محاربة الزواج المبكر في بلدانها، وغالبا ما يحدث التغيير تدريجيا، ولا تؤدي الوعود دائما إلى أفعال فعالة. ورغم وعد شيخة حسينة بإنهاء زواج الأطفال في بنجلاديش بحلول عام 2041، إلا أنها تقدمت بتشريع لخفض سن زواج الفتيات من 18 عاما حاليا إلى 14 عامًا في أبريل 2015، كما اعتمدت مالاوي قانونا جديدا يحدد 18 عاما كحد أدنى للزواج، ورغم ذلك لا يتجاوز مواد الدستور التي لا تنص صراحة على حظر زواج الفتيات دون 15 عاما، ويسمح بزواجهن في سن يتراوح بين 15 و18 عاما بموافقة الوالدين.

وقد تكاتفت الجهات المانحة الدولية، ووكالات الأمم المتحدة، ومنظمات المجتمع المدني أيضًا وراء هذه القضية من بينها "فتيات ولسن عرائس"، وهو تحالف يضم أكثر من 500 منظمة في جميع أنحاء العالم، ولكن التحديات هائلة ولن يختفي زواج الأطفال الذي يغذيه الفقر والأعراف المتأصلة التي تحط من قيمة الفتيات وتميز ضدهن، إذا توارى الاهتمام المتضافر الذي تتمتع به القضية الآن لصالح قضية ساخنة أخرى.

وفي تطور حديث قد يساعد على مواصلة الاهتمام ، تضمنت الأهداف الإنمائية المستدامة التي تبنتها الأمم المتحدة في سبتمبر عام 2015 القضاء على زواج الأطفال كهدف رئيسي بحلول 2030 لتعزيز المساواة بين الجنسين. ويتطلب تحقيق هذا الهدف مزيجا من البرامج التي ثبت صعوبة تحقيقها في قضايا حقوق المرأة الأخرى: التزام بإرادة سياسية؛ وتوفير موارد على مدار عدة سنوات؛ والرغبة في الاعتراف بحقوق المراهقات الجنسية وتزويدهن بالمعلومات والخيارات؛ وتنسيق حقيقي بين قطاعات متنوعة من بينها التعليم، والصحة، والقضاء، والتنمية الاقتصادية.

وأشار تقرير منظمة الأمم المتحدة للمرأة لعام 2016 إلي أنه في بعض البلدان مثل بنجلاديش، يسرع الأبوان في تزويج ابنتهما لتحاشي مخاطر تعرضها للتحرش الجنسي ، أو التورط في علاقة عاطفية ، أو حتى الاشتباه في تورطها بعلاقة عاطفية قبل الزواج. ومن الشائع أن تشعر أغلب الفتيات غير المستقلات اقتصاديا، ودون استقلال أو دعم كاف ، والمعرضات لضغط الأعراف الاجتماعية بأنهن بلا خيار سوى الخضوع لرغبات الأبوين، وتسهم أعراف التمييز بين الجنسين في عديد الأماكن، من بينها التقاليد التي تقضي بذهاب الفتاة للحياة بين عائلة زوجها، بينما يبقى الفتى مع أبويه ويحظى بدعمهما المالي، في خلق تصور مفاده أن البنات عالة اقتصادية بينما الأولاد استثمار طويل الأمد.

وإلي جانب ذلك هناك صعوبة الحصول على تعليم جيد وهو يمثل عاملًا آخر، وتسحب العائلات بناتها من التعليم إن كانت المدارس بعيدة للغاية، أو مكلفة، أو الوصول إليها شديد الخطورة، أو تنسحب البنات من تلقاء أنفسهن، ومن الأرجح بالتالي أن يتم تزويجهن. وحتى وإن كانت المدارس قريبة، فغياب المعلمين وسوء جودة التعليم قد يعني شعور كل من الفتيات وأولياء الأمور أن الأمر لا يستحق الوقت أو النفقات. وقد تحرم الفتيات من التعليم جراء توقع عملهن سواء في المنزل، أو أحيانا في عمل مأجور في سن مبكرة. وتلتقي هذه المعوقات مع نقص الدعم من إدارات المدارس أو من الأزواج، أو الأصهار، وتحرم الفتيات المتزوجات غالبًا من مواصلة تعليمهن.

وتشير العديد من الفتيات والعائلات إلى الفقر، وقيمة المهر كعامل آخر للزواج. ويسرع بعض الآباء في تزويج بناتهم تحت ضغط التخلص من "إطعام فم إضافي"، وفي بنجلاديش، حيث يدفع أهل العروس مهرًا للعريس كلما صغر عمر الفتاة، وكلما قل قدر المهر مما يعني اعتقاد بعض العائلات الفقيرة أنها لن تتمكن من تزويج بناتها على الإطلاق إن لم يتزوجن صغيرات السن. وعلى العكس في جنوب السودان، تحصل عائلة الفتاة على مهر من العريس سواء في صورة ماشية أو أصول اقتصادية هامة أو نقود.

ولا تحصل العديد من الفتيات سوى على القليل جدا من المعلومات والخدمات بشأن الصحة الجنسية والإنجابية سواء بشأن كيفية حدوث الحمل، أو وسائل منع الحمل الفعالة، أو الحماية من الأمراض المنقولة جنسيا، أو خدمات ما قبل الولادة، أو رعاية الولادة الطارئة. ونتيجة لذلك يرتبط زواج الأطفال ارتباطًا وثيقا بحمل الأطفال المبكر والمحفوف بالمخاطر وقد تكون العواقب مميتة ، إلي جانب مضاعفات حمل وولادة الأطفال هي السبب الثاني لوفيات الفتيات بين 15 و19 عاما على مستوى العالم، وفي حالات أخرى، قد يؤدي ضغط الولادة على الأجساد غير الناضجة بدنيا إلى ناسور الولادة؛ وتمزق في المنطقة بين المهبل والمستقيم ويؤدي إلى سلس البول والغائط، وتنبذ الفتيات اللاتي يعانين هذه الحالة من عائلاتهن ومجتمعاتهن.

ويمثل العنف المنزلي أحد مخاطر الزواج الأخرى، حيث يرتكبه زوج الفتاة أو أصهارها، ومن بينه العنف النفسي ، والبدني ، والجنسي مثل الاغتصاب الزوجي، ولا تتسم كل زيجات الأطفال بالعنف المنزلي إلا أن المخاطر ترتفع عند وجود فارق عمري كبير بين الفتاة وزوجها، وقد أخفقت دول عديدة في تجريم الاغتصاب الزوجي وحتى حين تكون جريمة، حيث يصعب على الفتيات المتزوجات الحصول على المساعدة.

وقد يؤدي نقص معلومات الفتيات بشأن حقوقهن، وصعوبة الحصول على الخدمات لاسيما المساعدة القانونية وملاجئ الطوارئ، والطلاق التمييزي ، والميراث، وقوانين حضانة الأطفال ، والرفض من عائلاتهن إلى وقوع كثيرات في فخ الزواج المسيء دون مهرب.

وترفع النزاعات المسلحة من مخاطر زواج الأطفال وغيره من الانتهاكات، على سبيل المثال، زواج الفتيات قسرًا وهو أحد أساليب الحرب التي تتبعها التنظيمات المتطرفة مثل تنظيم "داعش"، و"بوكو حرام" في نيجيريا، كما تلعب العوامل البيئية دورًا كذلك، حيث ذكرت عائلات فقيرة تعيش في مناطق تتهددها كوارث طبيعية من بينها ما ينجم عن تغير المناخ مثل بنجلاديش، أن ما ينجم من شعور بانعدام الأمن هو أحد العوامل التي تدفعهم إلى تزويج بناتهم مبكرًا، فعلى سبيل المثال، قد يؤدي غمر المحاصيل بالفيضان أو خسارة الأرض الزراعية إلى زيادة فقر الأسرة، وقال الأبوان أنهما شعرا بالضغط للإسراع في تزويج ابنة صغيرة عشية كارثة طبيعية أو توقع أخرى.

وبينما بدأ معدل زواج الأطفال بالانخفاض في بعض المناطق، ارتفع في مناطق أخرى. فعلى سبيل المثال، تفيد تقارير منظمات المجتمع المدني بارتفاع حالات زواج الأطفال بين اللاجئين السوريين في الأردن. ومن الجوهري تبني وتنفيذ أطر عمل قانونية قومية متماسكة تلتزم بمعايير حقوق الإنسان الدولية، ومن بينها رفع الحد الأدنى لسن الزواج إلى 18 عاما؛ وتحاشي فجوات الالتفاف عليه مثل موافقة الأبوين؛ والتأكد من اشتراط القوانين موافقة الزوجين الكاملة الحرة؛ واشتراط وجود شهادات طبية على عمر الفتاة قبل صدور تصريح الزواج؛ وفرض عقوبات على أي شخص يهدد أو يؤذي من يرفض
الزواج، وعلى الحكومات ضمان ألا تخضع شروط الحماية هذه إلى شرائع دينية أو أعراف وتقاليد، وعليها التواصل بانتظام مع القادة الدينيين والمحليين.

وقد أشارت احصائيات للمركز الدولي للبحوث بشأن النساء، ومقره واشنطن عام 2013، إلى أن 11 دولة من بين 51 دولة فقط ينتشر فيها زواج الأطفال أكثر من 25 % ، قيمت فيها المبادرات التي تحارب زواج الأطفال، وتم تقييم 23 من أصل 150 برنامجا خلص إلى فاعلية المساندة التالية: تمكين الفتيات من الحصول على المعلومات والوصول إلى شبكات الحماية؛ ضمان حصول الفتيات على تعليم جيد؛ إشراك وتثقيف أولياء الأمور وأفراد المجتمع بشأن زواج الأطفال؛ توفير حوافز ودعم اقتصادي إلى عائلات الفتيات؛ تأسيس وتنفيذ إطار عمل قانوني قوي، مثل وضع عمر أدنى للزواج.

وقد أجرى "مجلس السكان" – منظمة أبحاث دولية – دراسة عميقة لعدة سنوات، خلصت إلى أن عرض حوافز اقتصادية مثل الماشية، على أسر في تنزانيا وأثيوبيا لإبقاء الفتيات غير متزوجات وفي المدرسة أدى إلى قلة احتمال زواج الفتيات من 15 إلى 17 عاما (بنسبة الثلثين والنصف على التوالي) مقارنة بأسر غيرها في مجتمع لم يشارك في البرنامج. كما انخفض احتمال زواج الفتيات في أثيوبيا في المجتمعات التي توفر للفتيات من 12 إلى 14 عاما مستلزمات دراسية مجانية بنسبة 94 % مقارنة بمجموعة أخرى. كما شهدت المجتمعات المنخرطة في برامج توعية بشأن تعليم الفتيات وأضرار زواج الأطفال نسبة أقل من الفتيات المتزوجات. ورغم ذلك، تواجه الحكومات قليلا من المشاكل في تدعيم التدخل الذي يحتاج عادة إلى دعم شعبي واسع مثل توفير مستلزمات المدارس، بينما تتردد حكومات عديدة في تقديم برامج قد تؤدي إلى رد فعل عنيف، وتتحاشى تقديم تعليم جنسي شامل في المدارس أو عبر آليات اجتماعية أخرى لتضمن حصول المراهقين وكذلك النساء البالغات على معلومات كاملة بشأن وسائل منع الحمل، وتوفير الحصول على خدمات صحية بسعر زهيد من بينها الإجهاض القانوني الآمن.

وقد تلتف الحكومات والجهات المانحة حول فكرة أن فتاة عمرها 12 عاما يجب أن تكون في المدرسة وليس في بيت الزوجية. وتتصدر دول مثل كندا وهولندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة المانحين في محاربة زواج الأطفال، إلا أن التحدي سيصبح حول قدرتها على التأكد من أن سياسات التدخل لمنع زواج الأطفال ليست جهودًا وحيدة معزولة عن مشروعات أخرى لتمكين النساء والمجتمعات الفقيرة، وتعزيز التعليم والصحة.

إن الاستثمار في صحة الفتيات وسلامتهن وتعليمهن – في أوقات السلام وفي أوقات النزاع على حد سواء – يساعدهن في بلوغ أحلامهن وتشكيل حياتهن، ولا يقتصر تحقيق التقدم للفتيات على أنه أمر جيد لهن فقط؛ فهو مفيد أيضًا للعائلات والمجتمعات المحلية والأمم وللعالم، فقط من خلال استكمال الاستثمارات في برامج خاصة تتعلق بالقضايا التي تؤثر عليهن بشكل خاص سواء بسبب السن والمساواة بين الجنسين باستثمارات مماثلة في البيانات حول الفتيات، يمكننا إحراز تقدم حقيقي نحو قدر أكبر من المساءلة في مجالات ذات أهمية حاسمة بالنسبة لهن.