الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مفتي الجمهورية في حوار لـ«صدى البلد»: الفتاوى المتطرفة وراء ظاهرة «المهاجرين الأجانب».. وأغلب المراكز الإسلامية للجاليات في الخارج يسيطر عليها متشددون «فيديو وصور»

صدى البلد

مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام في حوار لـ«صدى البلد»:

مؤتمر أئمة الأقليات يسحب البساط من التيارات المتشددة
أغلب المراكز الإسلامية للجاليات المسلمة يسيطر عليها المتشددون
واقع الجاليات المسلمة يزداد صعوبة يومًا بعد يوم في ظل ظاهرة الإسلاموفوبيا

"إيمانا منها بضرورة العمل ليل نهار على تنفيذ دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتجديد الخطاب الديني، ونشر صحيحه، عزمت دار الإفتاء المصرية على عقد مؤتمر عالمي لتأهيل أئمة المساجد لدى الأقليات المسلمة، للخروج من هذا المؤتمر بمبادرات تخدم هذا الشأن وتصحح صورة الإسلام في الخارج".

يطلعنا الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، في حوار خاص لـ«صدى البلد» عن أبرز تفاصيل مؤتمر أئمة الأقليات الذي سيعقد في 17-18 أكتوبر الجاري، حيث أكد أنه خطوة مهمة في تجديد الخطاب الديني، وهو أمر بالغ الخطورة ونحن في أمس الحاجة إليه في وقتنا المعاصر، كما أنه يمثل خطوة مهمة في سحب البساط من تحت التيارات المتشددة.

كما لاحظت دار الإفتاء المصرية أن أغلب المراكز الإسلامية في البلاد التي يوجد بها جاليات مسلمة في الخارج يسيطر عليها المتشددون والمنتمون لتيار الإسلام السياسي الذي يعملون بخطط منظمة للنيل من ريادة ومكانة الدولة المصرية وخاصة في الجانب الديني، وإلى نص الحوار:

ماذا يمثل إنشاء مثل هذا المؤتمر في هذا التوقيت بالذات؟

هذا المؤتمر هو خطوة مهمة في تجديد الخطاب الديني، وهو أمر بالغ الخطورة ونحن في أمسّ الحاجة إليه في وقتنا المعاصر، كما أنه يمثل خطوة مهمة في سحب البساط من تحت التيارات المتشددة في الخارج التي شوهت الإسلام وأضرت به، مما زاد من وتيرة الإسلاموفبيا، وهو ما ينعكس بالسلب على الجاليات المسلمة في الغرب الذين يمثلون حائط الصد الأول ضد التطرف والإرهاب في الخارج.

من أين جاءت فكرة المؤتمر؟

المؤتمر جاء انطلاقًا من مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي التي دعا فيها باعتباره قائدًا راعيًا لكافة شئون الأمة المصرية إلى تجديد الخطاب الديني وجعله على رأس أولوياته وكلَّف المؤسسة الدينية أن تتخذ من الإجراءات ومن التدابير ما من شأنها أن تسهم في إيجاد خطاب ديني واعٍ بقضايا المجتمع وخاصة قضايا التنمية وحفز المجتمع بسائر فئاته وخاصة الشباب إلى العمل والإنتاج والسلوك الإيجابي البنَّاء، وتقديم رؤية متكاملة للإسلام الحضاري الساعي لنشر قيم الرحمة والخير والجمال والنور بين الإنسانية كلها بما يزيل الصورة الذهنية القبيحة التي رسمها دعاة الشر والشيطان الذين يدعون الانتساب للإسلام وهو من أفعالهم وشرهم براء.

ومن هنا انطلقت دار الإفتاء المصرية وحملت الأمانة التي أسندت إليها إليها، فأقامت مؤتمرها العالمي الأول عام 2015، وقد عملت دار الإفتاء بكل جهدها على استثمار هذا المؤتمر باعتباره محفلا دوليًّا ومنصة عالمية في إيجاد هيئة تتشرف بتنفيذ تكليف الرئيس في ما يتعلق بتجديد الخطاب الديني، وبالفعل نجحت تلك الجهود وحملت توصيات المؤتمر الدعوة لإنشاء أمانة عامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم.

ولماذا استهدفتم في مؤتمركم الجاليات المسلمة في الخارج؟

لاحظت دار الإفتاء المصرية أن أغلب المراكز الإسلامية في البلاد التي يوجد بها جاليات مسلمة في الخارج يسيطر عليها المتشددون والمنتمون لتيار الإسلام السياسي الذي يعملون بخطط منظمة للنيل من ريادة ومكانة الدولة المصرية وخاصة في الجانب الديني، وهذا الخطر لا يصحُّ تركه بدون مواجهة فعالة تستعيد الريادة المصرية العالمية في المجال الديني والإفتائي، خاصة أن الماضي القريب يشهد بأن هذه المراكز كانت تدين بالتبعية للدولة المصرية في منتصف القرن الماضي.

كما أن مسألة المهاجرين الأجانب تظل قضية مقلقة للأمن القومي المصري بل والعالمي، وبتحليل المبنى الخاص بهذه القضية وجدناه منطلقًا من فتاوى متطرفة توجب الهجرة على هؤلاء الأجانب إما إلى مستقر الكيان الداعشي أو للقيام بعمليات انتحارية تخريبية في بلدان العالم، وخاصة الدول الإسلامية المحورية كمصر، مما يجعل من الضروري إيجاد بديل لهذه الفتاوى المتطرفة بين أبناء هذه الجاليات حتى لا تستمر هذه الجاليات مصدرًا رئيسًا لتصدير هؤلاء البشر المتفجرين.

هل لازدياد وتيرة الإسلاموفوبيا وجرائم الكراهية دور في اختيار موضوع المؤتمر؟

بالتأكيد.. فواقع الجاليات المسلمة يظل يزداد صعوبة يومًا بعد يوم في ظل ظاهرة الإسلاموفوبيا التي تسيطر على الواقع الذي يعيشه أغلب أبناء الجاليات المسلمة، وخاصة أن هذه الصعوبة في أكثر الحالات يكون المتسبب فيها بعض المنتسبين إلى الإسلام بأفعاهم اللاإنسانية الخالية من القيم والمليئة بالكراهية لكل مخالف حتى أصبحوا بحق هم أهم الرسامين للصورة النمطية السيئة للمسلمين في هذه البلاد، وهذا يعنى ضرورة وجود بديل لتلك الصورة المشوَّهة التي تزداد سوءًا إذا لم يتم تداركها.

وهل تقتصر أهداف المؤتمر على تدريب الأئمة في الخارج؟

المؤتمر يهدف إلى رصد أهم المشكلات التي تواجه تأهيل أئمة المساجد في مجتمعاتهم المسلمة والاتفاق على سبل حلها، والاتفاق على آلية التنسيق بين هيئات ودور الإفتاء المختلفة في العالم في ملف تأهيل أئمة المساجد على الإفتاء، كما سنناقش سبل التواصل مع القائمين على المراكز الإسلامية المختلفة بهدف تقديم الاستشارات والبرامج التدريبية في ملف التأهيل ومواجهة القضايا الملحة.

ونسعى كذلك لسد الاحتياج الملح لدى الأقليات المسلمة بتوفير الدعم العلمي للمفتين المؤهلين ليكونوا سندًا لهذه المجتمعات ضد مشكلات التطرف وتهديد الهوية المسلمة، ووضع أسس المناهج التي تستهدف تأهيل أئمة المساجد على الإفتاء، والعمل على إنشاء ملتقى جامع للمتخصصين في مجال دراسات وبحوث الأقليات المسلمة.

وماذا عن محاور المؤتمر؟

خلال فترة انعقاد المؤتمر سيتم مناقشة عدد من المحاور المهمة، من ضمنها دورُ المؤسسات الإفتائيِة في العالم تُجاهَ الأقلياتِ المسلمة، والأصولُ المنهجيةُ للتأهيلِ الإفتائيِ للأقلياتِ المسلمة، وأيضًا التحدياتُ التي تُواجهُ الأقلياتِ المسلمةَ، وكيفية وسبل مواجهتها.

كما سنعقد ورش عمل يجتمع فيها نخبة من العلماء ضيوف المؤتمر للعمل على وضع معالجة دقيقة لموضوعات ورش العمل، وهي الاحتياجات التأهيلية لدعاة التجمعات المسلمة ومكونات البرامج التدريبية، ومكونات المساق المعرفي المساعد في تأهيل المفتين، وأهم القضايا التي يجب تناولها عند تأهيل المفتين.

وما المبادرات التي سيطلقها المشاركون في المؤتمر؟

هناك عندة مبادرات نستهدف إطلاقها من خلال المؤتمر يأتي في مقدمتها إنشاء مرصد الجاليات المسلمة، وهو يعني برصد أوضاع ومشكلات وقضايا الجاليات المسلمة في الخارج والتحديات التي تواجههم وإيجاد حلول لها. وأيضا مساعدة صناع القرار في المؤسسات الدينية والإفتائية على اتخاذ المواقف وبناء السياسات والبرامج التي تحقق صالح تلك الجاليات وتدفع في اتجاه حل مشكلاتهم والتغلب على المعوقات التي تواجههم.

أما المبادرة الثانية فهي حزمة من الاجراءات لتقديم الدعم العلمي والفني في إنشاء مؤسسة إفتاء، لأن كل مجتمع من المجتمعات المسلمة لا يخلو من الاحتياج للمرجعية الشرعية التي تعمل على ترسيخ الاستقرار في المجتمع من خلال نشر الأحكام الشرعية على نحو منضبط يتسم بالوسطية والاعتدال.

وستحاول هذه المبادرة وضع تصور تفصيلي لكيفية تنفيذ العلميات الإفتائية ومتابعتها بشكل مؤسسي، وذلك نمذجة لما تسير عليه دار الإفتاء المصرية في أداء مهامها الإفتائية، وخاصة وقد قامت بتقديم استشارات سابقة في هذا السياق.

والمبادرة الثالثة هي عقد برنامج تدريبي لتحسين المعارف والمهارات الإفتائية لدى الأئمة في الخارج، لأننا نؤمن أن كل محاولة للخروج من ظاهرة فوضى الفتاوى بعيدًا عن تأهيل الكوادر الإفتائية فإن هذا يعتبر نوعًا من أنواع إهدار الموارد وتشتيت جهود الدول عن الوجهة الصحيحة.

ولذا فقد عزمنا على إنشاء مبادرة تختص بوضع برنامج تدريبي لإكساب مجموعة من المتدربين المشتغلين بالعلوم الشرعية المهارات الإفتائية، والعلمية، والفنية اللازمة لرفع كفاءة وجودة الأداء الإفتائي لديهم ومن ثم رفع كفاءة وفعالية المؤسسات الإفتائية إن كانوا بالفعل يمارسون الإفتاء فيها.

والمبادرة الرابعة هي إنشاء ملتقى بحوث ودراسات الأقليات المسلمة، حيث أصبحت الأوضاع التي تعيشها الأقليات المسلمة شديدة التعقيد والتفاصيل وتختلف في تفاصيلها من بلد إلى بلد، بل نستطيع أن نقول إن واقع الأقليات المسلمة في العالم هو التطبيق العملي للقاعدة الفقهية الشهيرة بأن الأحكام تتغير بتغير المكان والزمان والاحوال والأشخاص، وهذا كله يحتاج إلى عناية بالغة من علماء الأمة وخاصة من يشتغل منهم بالشأن الإفتائي.

كما أن الواقع البحثي يشهد خلو الساحة العلمية المهتمة بقضايا الأقليات من مساحة جامعة للمهتمين والمشتغلين بشأن الأقليات المسلمة، مما يشعر بخطر احتمال التشرذم والفرقة حول قضايا الأقليات المسلمة التي تزيد من صعوبة تعايش واندماج هذه الأقليات في بلدانهم، وستظل مسألة بقاء المسلمة بعد إسلامها تحت غير المسلم أوضح شاهدًا على الاختلاف الشديد حول قضايا الأقليات حيث شهدت هذه المسألة جدلا شديدا تسبب في اضطراب عنيف للمسلمات في هذه الأقليات.

ولذا نرى أن نعمل على إنشاء ملتقى يجمع الباحثين والدارسين من مختلف التخصصات التي تتعلق بشئون الأقليات المسلمة، وتعقد حلقات نقاشية حول هذه الشئون وتخرج بورقة عمل رصينة تتعلق بضبط التعامل مع قضية من قضايا الأقليات.

أين سيعقد هذا الملتقى؟

ونرى أن هذا الملتقى إذا أقيم على أرض الكنانة سيكون أحد الفعاليات الكبرى التي تستعيد مصر بها ريادتها وخاصة مع انتظار الكثير من المؤسسات الدولية لدور مصر في التعامل مع الظواهر الخطرة كالتطرف والإرهاب الذي أصبح الجاليات المسلمة من أكبر المجتمعات الحاملة لهذه الفيروسات المدمرة.

ماذا عن خطة الدار للنهوض في الفترة المقبلة؟

دار الإفتاء من المؤسسات الدينية في مصر والعالم وتنتهج المنهج الأزهرى الوسطى، ومرت بفترات تطور كانت أبرزها الفترة الأخيرة حيث استطاعت إعادة دور الريادة الإفتائية لمصر في العالم، ولفترة المقبلة، سنركز على ثلاثة محاور:

الأول: تقديم الخدمات الشرعية بكل الطرق الحديثة ومواقع التواصل الإجتماعى، ورسائل الهاتف النصي والموقع الإلكترونى ودار الإفتاء تخطو خطوات واسعة في هذا المجال.

الثانى: العمل على تنفيذ جولات خارجية في القارات الست لنشر صحيح الدين.

الثالث: العمل من خلال مبادرة الأمانة العامة لدور الإفتاء على زيادة فاعلية تواصل بين دور وهئات الإفتاء في العالم من خلال عقد مؤتمرات وندوات وورش عمل سنوية، لزيادة الوعى بقضايا الإفتاء وتنقية الساحة الإفتائية مما علق بها.

ما رأيكم في محاولات تسييس شعيرة الحج؟

الحج شعيرة دينية خالصة يذهب فيها الحجاج ابتغاء مرضات الله تعالى والتقرب إليه، وأى دعوة لتسييس هذه الشعيرة فهى مرفوضة تماما شكلا وموضوعا، كما أن المملكة العربية السعودية تقوم بجهود عظيمة للحفاظ علي هذه الشعيرة وحماية الحجاج.

كيف نضمن رعاية حقوق المرأة وبالأخص تمتعها بحقوقها كالميراث؟

رعاية حقوق المرأة من أهم مقاصد الشريعة، وأنا مهتم بهذا الشأن من الناحية البحثية وكتبت فيه حوالي 10 بحوث تضمنت حقوق المرأة من مختلف النواحي، وهناك العديد من العادات والتقاليد الخاطئة التي تتسبب في إهدار حقوقهن، وناديت بتشريعات قانونية تحفظ للمرأة حقوقها الكاملة من هذه العادات الخاطئة التي تتبرأ منها الشريعة.

ماذا عن مشروع قانون لضبط فوضى الفتاوى وهل علمتم به وما دوركم فيه؟

لسنا جهة تشريع، ولكن طالبنا مرارًا وتكرارًا بهذا التشريع لوقف سيل الفتاوى الفوضوية، ونحن على أتم استعداد للمساهمة العلمية والمشورة في وضع هذا التشريع، كما أننا مهتمون بالجانب الوقائي لضبط الفتاوى من خلال نشر الصحيح منها والرد على المغلوط فيها والانتشار على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي لسد الفراغ المتزايد في الفترة الأخيرة.