الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الموت يسكن علب الدواء المهرب والمغشوش.. انتشار أدوية متعددة الجنسيات لا تخضع للاختبارات.. وتصنيع أدوية محليا يكتب عليها مستوردة.. وخبراء: لابد من رقابة صارمة وعقوبات رادعة

الأدوية المغشوشة
الأدوية المغشوشة - أرشيفية

خبير بمنظمة الصحة العالمية:
لابد من إخضاع أي دواء للاختبار المكافئ الحيوى للأدوية الجنسية

وزير الصحة الأسبق:
مافيا المستوردين تحرك سوق الأدوية السوداء

أمين نقابة الصيادلة السابق:
%30 نسبة الأدوية المهربة في مصر

مسئول صناعة الأدوية:
مطلوب تشريع للقضاء على ظاهرة "غش الأدوية"

أستاذ قانون دستوري:
"المؤبد" لمصنعي "الأدوية المغشوشة"


طريق المريض المصري مفروش بالأدوية المغشوشة متعددة الجنسيات، وليس هناك بديل أمامه وسط أزمة نقص الدواء المستمر، والبحث عن رحلة الشفاء، فالموت يسكن علب الدواء المغشوش دون أن يكشف المريض ذلك، ويموت في صمت دون أن يشعر به أحد.. فما الأسباب الخفية وراء انتشار هذه الأدوية؟ وكيف يتم تداولها؟ ومدي خطورتها علي الصحة؟ وأين دور الجهات الرقابية والقانون في القضاء عليها؟

السطور القادمة تجيب عن هذه التساؤلات..

قال الدكتور محمد إسماعيل، المسئول التقني بمنظمة الصحة العالمية، عن انتشار الترامادول الصيني، وحقن "انتي ار اتش" الكوبية، إن أي دواء لكى يسجل في وزارة الصحة المصرية لابد من منحه تصريحًا للتداول في الأسواق بشرط إخضاعه للاختبار المكافئ الحيوي للأدوية الجنيسة.

وأوضح إسماعيل، في تصريح لـ"صدى البلد"، أن معنى الأدوية الجنيسة هو أن أي دواء له براءة اختراع لدى الشركة المصنعة لها الحق في تصنيعه واحتكاره لمدة تقارب 20 عامًا، ثم بعد ذلك يفتح المجال لأى شركة بإنتاجه، وتصبح أدوية جنيسة، وتخضع لتجارب إكلينيكية فذلك اثبت مدى فاعليتها ومطابقتها للمواصفات العالمية يتم اعتمادها واستيرادها من أي دولة بالعالم.

وأكد أن الأدوية المهربة التي لا تخضع لمثل هذه التجارب والفحوصات تشكل خطورة كبيرة على صحة المواطن؛ بسبب الأضرار التي تسببها للمريض لعدم معرفته لما تحتويه من مواد فعالة إذا كانت ضارة أو منتهية الصلاحية أو سليمة.

الحكومة بمفردها لن تستطيع فعل شيء

وفي السياق ذاته، قال الدكتور حلمى الحديدى، وزير الصحة الأسبق، إن الحكومة المصرية لديها ما يكفيها ويزيد من ملفات للفساد والمشاكل التي تتم مناقشتها وإيجاد حلول لها يوميًا، ومن بينها انتشار الأدوية الصينية والكوبية المهربة إلى الصيدليات؛ بسبب خطورتها على صحة المواطنين.

وأضاف الحديدى، في تصريح خاص لـ"صدى البلد"، أن الاتجار في مثل هذه النوعية من الأدوية؛ يشبه تماما الاتجار في المخدرات والأسلحة، ويتم تهريبه ودخوله إلى البلاد بنفس الطرق والأساليب، وتكون أضرارها الصحية خطيرة جدًا على الإنسان؛ بسبب عدم إخضاعها للرقابة والفحص ومعرفة مدى صلاحياتها أو الأضرار الناتجة عنها.

وأكد أنه لابد أن يكون هناك توعية للمواطنين من خطورة هذه الأدوية؛ لأن الحكومة بمفردها لن تستطيع فعل شيء، ويكون هناك الوعى الكافي للآخر.

وأعرب الحديدى، عن غضبه بسبب وصول مصر في الماضي لإنتاج ما يقارب من 85% من دوائها ولكن الآن؛ بسبب مرض الاستيراد وجشع التجار، أصبح لا يوجد إنتاج لنا من الدواء، واعتمادنا الأساسي على الاستيراد.

تجارة تنافس المخدرات

وقال الدكتور عبدالله زين العابدين، أمين عام نقابة صيادلة مصر السابق، إن انتشار الأدوية الصينية والكوبية المهربة فى الصيدليات خطر على صحة المواطنين.

وأوضح زين العابدين، في تصريح لـ"صدى البلد"، أن الأدوية المهربة تتمثل خطورتها فى اتجاهين أولهما أنها تكون غير مراقبة، فيكون منها مغشوش فى المادة الفعالة أو منتهية الصلاحية أو أدوية غير مسعرة، وهذه تكون مطمعًا لبعض الأطباء بسبب زيادة الربح فيها.

وأضاف أن تهريب الأدوية يعتبر "بيزنس" كبيرًا وتجارة مطابقة لتجارة المخدرات والسلاح، وأن الدولة غير قادرة على منع دخول مثل هذه الأدوية بسبب الطرق المختلفة والكميات الكبيرة.

ونوه بأن هناك أدوية يتم تصنيعها داخليًا ويكتب عليها أنها مستوردة، وتباع بأسعار كبيرة، وأن النسبة التى تشغلها الأدوية المهربة لها بالأسواق المصرية أصبحت من 25% الى 30% من حجم الدواء المتواجد.

نقص الدواء.. السبب

بينما، قال الدكتور محمد البهي، نائب رئيس غرفة صناعة الأدوية، إن سوق الدواء المصري يعج بالأدوية المستوردة والمحلية المغشوشة كالأدوية الصينية والكوبية، لافتًا إلي أن هناك أسبابًا كثيرة حول تداول هذه الأدوية غير الصالحة للاستخدام الآدمي كأزمة نقص الدواء والتي دفعت عديمي الضمير بالتلاعب بحياة الشعب لتحقيق مكاسب كبيرة من ارتفاع أسعار هذه الأدوية وغياب المادة الفعالة بها.

وأوضح "البهي"، في تصريح لـ"صدى البلد"، أن الأدوية المغشوشة تتواجد في الصيدليات والمراكز الطبية وفي أماكن غير مرخصة، وقد يصل الأمر لتحويل الدواء الصالح لدواء مغشوش عن طريق تخزينيه بأماكن غير مطابقة لمواصفات المخازن القياسية.

ونوه إلي انتشار العديد من الأدوية القاتلة بسوق الدواء المصري كالمضادات الحيوية والمكملات الغذائية وحبوب منع الحمل وحقن "الانتي اتش ار" وحقن الهيومينر البيمين.

وشدد على ضرورة تشريع قانون جديد لحماية أرواح الشعب بتغليظ العقوبة الرادعة للقضاء علي هذه الظاهرة، والتي تعد بمثابة القتل العمدي للمرضي الذين يبحثون عن الشفاء، موضحًا أن القوانين البالية التي شرعت منذ الاربعينات لن تكفي بأن تكون رادعًا لهؤلاء المافيا.

عقوبات رادعة

ومن جانبه، قال الدكتور صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري، بجامعة المنصورة، إن المواد القانونية المتعلقة بقضايا فساد الأدوية وصحة المواطن تعد إحدى الوسائل لمواجهة هذه القضايا وليس الحل في التشريع الجديد، لافتًا إلى أن التشريعات لا تعالج جذور القضايا وليست كل مشكلة ينهيها القانون، موضحًا بالمثال قضايا الدفاع عن الأراضي الزراعية تدخل القانون فيها ولم يعالجها بل تفاقمت.

وأوضح "فوزي"، في تصريح خــاص لـ"صدى البلد"، أن الحلول الجذرية تأتي أولا كالرقابة على أسواق الدواء وتوفير الدواء بعيدًا عن الأزمات المتكررة، وبعد ذلك التشريعات القانونية، وفي حالة إثبات حالات وفاة تنجم عن الأدوية المغشوشة، فتتحول الحالة من جنحة إلى جناية وتكون العقوبة بالسجن المؤبد؛ لأنها تدخل تحت بند القتل العمد.