الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أردوغان «الباشا العثمانلي» ... فنان في خلط الأوراق !!


كانت خطبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مدينة قونية التركية وسط حشد جماهيري ضخم من أنصاره ومؤيديه يوم الجمعة الماضي، تمثل في الحقيقة نموذجا سياسيا صارخا ويعكس فهما لما يريده بالمعيار الموضوعي، فالرجل أوجز في رسائله إلي الشعب التركي بأكمله مؤيديه ومعارضيه ما يريده وما يخطط له ، ولا يمكن لوم الرجل علي استخدام أدواته فهذا يمثل درسا عمليا علي واقعية الحديث السياسي.

بدأ أردوغان حديثه إلي أهالي قونية قائلا " لم تعد مدينتكم كما كانت في الماضي وإنما أصبحت ترتبط بكل المدن التركية وتمتلك الآن شبكة للطرق تم تنفيذها فيما يشبه الإعجاز وأصبح لديكم أنفاق وقطارات وطرق على أعلي مستوى عالمي" ثم اشتد حماسه وقال موجها كلامه للشعب التركي " إذا امتلكتم الإرادة تستطيعون أن تحلبوا الثيران وأنتم تمتلكونها" والقصد هنا العزيمة والارادة.
 
هذا حديثه العاطفي وكان مدخله لحديث سياسي يعكس وبوضوح رغبته الحقيقية في أن يلبس تاج السلطنة ويتحكم في القرار والفعل السياسي في الداخل والخارج وللموضوعية فالرجل استخدم كالعادة وبموهبة يحسد عليها خلط الأوراق ثم إعادة بعثرتها عندما يريد فهو يلوم العالم والتحالف الدولي الذي يحارب تنظيم داعش متهما كل من يحاربهم بالتخاذل.
 
وأجد أنه من الهام جدا أن هناك بعض التقارير والأسانيد التي تؤكد دعم الدولة التركية لهذا التنظيم بل هناك من يؤكد أنهم شركاء في صناعته بالأساس .. مؤكدا في الوقت ذاته علي المضي قدما نحو محاربة الإرهاب علي الحدود والمساهمة في تحرير الموصل تلك العملية التي من الواضح أنها ستستمر طويلا وطويلا جدا ليس لقوة التنظيم ولكن رغبة في التواجد في العمق العراقي وبجوار النفط العراقي أيضا.

أما أهم ما جاء في رسائله هو ما رتب له منذ وقت ليس بالقصير عندما تحدث إلي البرلمان التركي قائلا "علي البرلمان واجب عدم تحدي ارادة الشعب في التوجه نحو النظام الرئاسي طالما كان هذا رأي الشعب مطالبا البرلمان علي مختلف توجهاته بعدم معارضة هذا الاستفتاء" هنا نتوقف قليلا فالرجل يريد عباءة السلطان العثماني قولا وفعلا الآن ويريد تدعيم أركان حكمه وشخصه وسلطاته بحيث يصبح في النهاية صاحب السلطة الأوحد وحتي لا يفهم من كلامي أنني أنتقد الرجل أو أمدحه فإنني أقولها وبشكل واضح أن عملية بقاء أردوغان في السلطة بارادة داخلية أمر حوله كثير من الشكوك لأن كل التقارير تؤكد تناقص شعبية الرجل ولكن مع الانتخابات وخصوصا بمعيار الشفافية فإن النتائج دائما يكون مسلما بها ولا تعقيب عليها بعيدا عن انتهاكات واستخدام الرايات الدينية التي تعبر عن العاطفة وليس الواقع ويتم استخدامها فقط عند الحاجة ولكن بقاءه يمثل في تصوري رغبة غربية بالأساس .

رسالتي الأخيرة لك أيها الباشا العثمانلي.. امتلكت زمام الأمر الآن وتحاول محاكاة أجدادك وسلطانهم المعيب تذكر سقوطهم ولا تحاول فرض وصايتك علي المحيط العربي الضعيف الآن ولا داعي مطلقا لازدواجية المعايير التي تمارسها يوما بعد يوم وتذكر جيدا أن معايير القوى على المستوي الإقليمي والدولي تتغير ولا تنس حلم تركيا الكبير في الانضمام إلي الاتحاد الأوروبي الذي من أجله تفعل أي شيء ومازال في مهب الريح ولا داعي للحديث كثيرا عن القضية الفلسطينية لأنك تجاهر ليل نهار بعمق العلاقات علي كافة المستويات مع الكيان الصهيوني، فالأيام لا تنسي ذلك وأقوالك عن حقوق الإنسان ملأت الدنيا.. فهل كلامك مطابق لأفعالك ؟؟؟
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط