الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إعلام المراحيض !!


كان زمان بيدرسلى دكتور خليل صابات فى كلية الاعلام وحكى لنا مرة انه بحث عن عمل اضافى ينمى به دخله فى بداية حياته؛ وكان عمله الذى وجده بعد طول بحث ولف ودوران فى مكتبة بوسط البلد وكان بجوارها مرحاض عمومى .

ويقص علينا بطريقته الجميلة رحمه الله، واقعة جعلته يغير اسلوب حياته فى الدنيا كلها على حد قوله، وهى انه ذات يوم شتوى شديد البرودة وكانت المكتبة قد اوشكت على ان تغلق لانتهاء ساعات عملها، إذا بشخص عظيم لن اذكر اسمه ينزل من عربة فخيمة ويسرع الى المكتبة متسائلا عن حمام يقضى فيه حاجته ويلوح بأنه سيدفع ما نطلبه فاعتذرت له وأشرت اليه عن المرحاض وشكرنى وذهب الى هناك ولم أهتم بالحدث ولا صاحبه، وفى صباح اليوم التالى وانا فى طريقى الى الجامعة التى كنت ادرس فيها اشتريت الجرائد كعادتى التى ترهق جيبى وميزانيتى ولكنى لااستطيع الاستغناء عنها مهما كنت لا أملك.

المهم فتحت الجريدة واذا بى ارى صورة للشخص الذى جاءنى بالامس سائلا عن مكان يقضى فيه حاجته وتحتها مقال بعنوان "المراحيض العمومية حق لكل مواطن" وفيه اسهب فى مقارنته عن مراحيض بلادنا ومايراه فى الخارج ويطالب باقالة الوزير المسئول عن تجميل القاهرة وبأنه سيرفع هذه المسألة لأعلى الجهات فى مصر ولن يهدأ ولا يسكت الا اذا تحسنت احوال مراحيضنا العمومية.

ويضيف صابات وهو يبتسم ابتسامته الساخرة: ومضى على هذه المقالة مامضى واذ بى وبعد فترة قصيرة افاجأ بأن صاحب المقالة تمت ترقيته لمنصب لم يكن يحلم به ولا يتوقعه واكثر من ذلك انعمت عليه الدولة بشقة يجرى فيها حصان كما يقال فى مساكن الاوقاف واصبح يلازم كبار البلد فى سفرياتهم وسكت نهائيا ولم يعد يتحدث عن المراحيض ولا عن مطالبه بشأنها، بل تحولت كتاباته لتمدح وتشكر فى الجهود الحكومية الدؤوبة فى تجميل وتزويق وجه العاصمة.

وعندما انتهى المرحوم العظيم دكتور صابات من سرد هذه الواقعة سألنا وسألناه فى نفس الوقت" غيرت منظورك للحياة ازاى يادكتور؟؟".

وكان سؤاله قبل ان يجيب علينا "ماهو انطباعكم وكيف تتعاملون وكيف تكون ردة فعلكم اذا كنتم فى موقف صاحب المقالة ؟؟".

وقبل ان تجيبوا عن سؤالى سأجيب انا عن تساؤلكم ..اول انطباع لى.. كان مضحكا وانه قضاء حاجة واحدة فتحت ابوابا كثيرة لصاحبنا هذا..

ثانيا وأخيرا الناس نوعان نوع يقضى حاجته وينصرف ونوع يستغل كل شىء حتى قضاء حاجته بكل رائحتها وإفرازاتها.

وأما عن سؤالى لكم فأريد منكم ان تجيبوا عليه كل على حدة فى خمس ورقات وتحضروها معكم المحاضرة القادمة.

أتذكر ذلك عندما شاهدت لقاء عمرو الليثى مع سائق التوك توك وليكن من يكون،اخوانى، مدرس لغة عربية؛ مأجور،شيطان مريد، هذا ليس المحك ولا المقصد . ولكن الاتى هو الاهم... تجميل المقطع واضافة المؤثرات الصوتية عليه ، وتصديره بهذه الطريقة؛ وفى هذا التوقيت؛ والاهم" عمرو" الذى كان يذهب الى مجاهل وجواهل مصر وينشر مأساة ساكنيها وآلامهم؛ لماذا لم يذهب اليها الان عندما تغيرت الاحوال؟.

ولماذا لم يزر بكاميرته الساحره وطلعته البهية الاسمرات او غيط العنب او غيرها من المساكن البديلة لملح الارض؟.

ولماذا تصر قنوات رجال الاعمال على الضغط على جراح مصر وعدم تركها الا بخروج الصديد منها؟ .لماذا تصر قنوات رجال الاعمال عن التصفيق لكل ما هو سلبى؟ وفتح صفحات وساعات له؟..لماذا تصر قنوات رجال الاعمال على عرض الايجابى على لسان اعلاميين لايحظون بقبول شعبى؟ بل وبتزايد يراد منه التنفير، واشعار المتلقى بأنه مملى عليهم؟ او انهم يفعلونه نكاية فى قنوات اخرى؟ إذا استطعت ان تعرف مغزى حكاية الراحل استاذنا خليل صابات فأنت قد شممت رائحة اعلامنا الحالى !!!!..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط