الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«رجال جبابرة وستات مكسورات الجناح» .. كريمة : قيدني وغرس المسامير بجسدي .. ونورا : حلق شعري بعد رفضي مشاهدة أفلام خارجة

صدى البلد

زوجات وقعن فى قبضة أزواج تفننوا فى تعذيب أجسادهن دون رحمة وإصابتهن بكسور فى الضلوع وحروق وجروح غائرة فى الرأس والوجه - بحسب ماجاء فى التقارير الطبية المرفقة فى قضاياهن- وتقطيع جلودهن بآلات حادة بدعوى"مراتى وأنا حر فيها أضربها وأدّبها زى ما أنا عايز"، اعتمادا على خوفهن من الفوز بلقب "مطلقة" فى مجتمع لا يرحم من حملته يوماً، والعودة إلى الفقر الذى يعشش فى بيوت ذويهم الذين ظلوا ينتظرون اليوم الذى ينفضون عن كاهلهم حملهن:"إحنا ما صدقنا نخلص من همك هترجعلنا بعيالك"، ورغبتهن فى الحفاظ على مستقبل صغار لا ذنب لهم فى أنهن أساءن اختيار آبائهم، لكن للصبر والخوف حدوداً والانفصال عادة ما يكون النهاية الحتمية لتلك الحكايات مهما طالت سنوات الصمت.

"على الزيرو"

على مقربة من إحدى قاعات الجلسات بمحكمة الأسرة بمصر الجديدة، جلست "نورا" صاحبة التاسعة والعشرين ربيعا، تطوق صغيرتها التى غلبها النعاس بذراعين أرهقتمها الخدمة فى بيوت العباد، فى انتظار النطق الحكم فى دعوى الخلع التى حركتها ضد زوجها بعد حلقه لشعرها وضربها بسبب رفضها طلباته المحرمة - بحسب روايتها- لتنهى زواجا دام 8 سنوات وأثمر عن طفلين يعانيان من ضعف بالسمع.

تبدأ الزوجة الشابة روايتها لـ"صدى البلد":"كان زوجى دائما يتفنن فى إذلالى وإهانتى، ووصل به الحال أنه اعتدى على بالضرب وأنا حامل فى طفلى لمجرد أنى رفضت أن أمنحه ذهبى كى يتصرف فيه وينفقه على كيفه، وبسببه مكثت فى المشفى لشهور حبيسة سرير متهالك بين الحياة والموت، والأدهى من ذلك أنه صار يصطحب أصدقاء السوء إلى البيت، ويتعاطون المخدرات فى حضرتى، وبات يرغمنى على مجالستهم، وعندما أرفض ينقض على كالثور الهائج، ويمطرنى باللكمات والصفعات، ليس ذلك فحسب بل أصبح يسجل لقاءاتنا ويعرضها على أصحابه، ويجبرنى على مشاهدة الأفلام الإباحية معه وتقليدها، وينتقدنى لرفضى ارتداء ملابس تظهر مفاتنى أمام الناس، لا أعرف أى نوع هذا من الرجال الذى لا يغار على امرأته، وينثر تفاصيل جسدها على طاولة أصحابه غير عابئ بلعابهم السائل عليه".

وتتخلى الزوجة عن تماسكها الزائف وتفرج عن دموعها:"فلم أتحمل وطلبت الطلاق لكن أهلى وقفوا أمامى مجددا، وصموا آذانهم عن معاناتى واتهمونى بالسعى لخراب بيتى، رغم اطلاعهم على طلباته الشاذة وإفشائه أسرار لقاءاتنا الحميمة لأصدقائه وتقطيع جسدى بالحزام وحلق شعرى لرفضى ممارساته المحرمة، وطرده لى من البيت بملابسى الدخلية، ومعايرتى بإنجاب طفلين يعانيان من ضعف فى السمع، ويحتاجان إلى زرع قوقعة، ورفضه الإنفاق عليهما بسبب إعاقتهما، وقوله: "إنتى خلفتيهم كده أصرف عليهم ليه"، ودفعه لى للانتحار، فقد كان يضع زجاجات بها "جاز" إلى جوارى ويتعمد الشجار معى كى أحرق نفسى ويتخلص منى، كان يقتلنى بالبطىء".

وتنهى الزوجة حديثها وهى ترتب ملابسها التى تشبه ملابس الحداد:"كان الأهم لهم ألا أحمل لقب مطلقة رغم أن الله حلل الطلاق، لأعود إليه صاغرة بناء على أوامرهم ليضربنى مجددا ضربا مبرحا بعد رفضى علاقة شاذة وأدخل على أثرها المشفى، حينها قررت أن أخلع عنى ثوب الصمت والخوف واقف فى وجه أعمامى، وأصر على الطلاق، وعندما رفض زوجى الذى كان بارعا فى قلب الحقائق وإظهارى بمظهر الشيطان، تطليقى وديا أقمت ضده دعوى خلع تحمل رقم 135 لسنة 2016".

"زيت مغلى"

على أحد المقاعد الخلفية التى تقاوم السقوط، جلست"نوال" اسم مستعار فى ثوب يشبه ملابس الحداد، تزين رأسها بحجاب رث تطل منه شعيرات تظهرما اصابها من شيب، توهم به الناظرين اليها بكبر عمرها الذى لا يزال فى عامه الاول من عقده الرابع، وبيد مرتعشة أخذت الزوجة الاربعينية تداعب طفلها الذى لم يكمل عامه السابع، تدسه فى احضانها، تغمره بحنانها، لعلها تنسيه آثار الحروق المطبوعة على جسده الضئيل بسبب اخفاق زوجها فى تصويب اناء زيت مغلى خطط أن يصيبها به، وتنسى معه الخوف من فراق شقيقه الاكبربعدما اقام والده دعوى قضائية أمام محكمة الأسرة بمصر الجديدة طالب فيها باسقاط حضانته لبلوغه سن الـ15، وذلك ليضغط عليها- حسب روايتها- كى تتنازل عن دعاوى نفقة صغارها الثلاثة والاحكام الصادرة بحسبه لمدة شهر فى دعاوى متجمد النفقة.

بدأت الزوجة الأربعينية رواية تفاصيل معاناتها لـ"صدى البلد" قائلة:" لم يكف زوجى ما فعله بى طوال 17 عاما عشتها معه تحت سقف بيت واحد، صابرة على اهانته وضربه لى على اتفه سبب ، فتارة يقطع لحمى بسلك كهربائى وتارة بكسر عظامى بعصى غليظة، وفى اخر مرة صوب اناء زيت مغلى نحو وجهى لكنه ضل طريقة وسقط على جسد ابنى الصغير الذى لم يكمل عامه السابع ليحرق جلده الرقيق، والغريبة ان اصوات صرخات الصغير لم تحرك جبل القسوة الراسخ فى قلب والده، تركنا نذهب الى المستشفى فى منتصف الليل بمفردنا بينما هو جالس فى البيت كالنساء لايحرك ساكنا، وعندماعدنا طردنا واقسم الا نخطو باقدامنا عتبة هذا البيت مجددا، فطلبت الطلاق وحصلت عليه ، والان يريد ان يحرق قلبى ثانيةعلى ابنى الكبير ويحرمنى منه بدعواه التى طالب فيها باسقاط حضانته عنى لبلوغه سن الـ15 وهو السن الذى تنتهى فيه حضانة الصبى وفقا لقانون الاحوال الشخصية، وياليته يسعى لذلك من أجل مصلحة الولد لكنه يريد ان يضغط بتلك الدعوى على لاتنازل عن قضية نفقة الصغار والاحكام الصادرة بحسبه لمدة شهر فى قضايا متجمد النفقة".

وبصوت خافت كأنها تحدث نفسها وتلومها على صبرها كل هذه السنوات تقول:" سبق وان حررت ضده 3 محاضر رسمية واتهمته فيها بالشروع فى قتلى والاعتداء على، لكنى فى كل مرة كنت اتنازل من اجل اولادى الثلاثة حتى لا يعايروا ذات يوم ان امهم قد سجنت والدهم ، ورغم ذلك لم يردعه احسانى له عن تعذيب جسمى بل تكررت وقائع الضرب وتعددت الاصابات والتشوهات مابين فتح فى رأسى وجرح غائر فى جبهتى وكسر فى ضلوعى، تركت البيت مرات ومرات لكنى كنت اعود اليه بعد جلسات صلح وتعهدات بحسن معاملتى ومعاشرتى، يبدو اننى كنت مخطئة عندما تحملت هذا الرجل فمن يسلم عقله لشقيقتيه كى تعبثان به كيفما تشاءان، ويقف عاجزا أمام مخططاتهما الشيطانية التى تهدف لاشعال نيران المشاكل بيننا واغراقه فى الديون كى يضطر لبيع نصيبه فى الميراث لها لايستحق فرصة أخرى".

"سياسة التجويع"

فى غرفة صغيرة قابعة فى محكمة الجيزة لشئون الأسرة، دهانها متساقط ، وجدرانها تقاوم السقوط ، وقفت "د.م" الزوجة الاربعينية فى حلة انيقة، تتنقل بعينيها البائستين بين حافظتى مستندات دعوى نفقة ابنها الصغير الذى يستعد لمغادرة عامه الثالث وطلاقها للضرر من زوجها "الطماع" الذى تفنن - حسب روايتها - فى تعذيبها وحاول اجهاضها وتجويعها ثم ادعى تستره على تفريطها فى شرفها قبل زواجه بها انتقاما منها على طلبها الطلاق، وتلعن الوحدة واليأس الذى دفعها للتنازل والقبول برجل تعلم انها لسي بالنسبة له سوى مصلحة وهتعدى.

تقول الزوجة البائسة:"لم يرق لزوجى أن أحمل، وبمجرد ان علم اسود وجهه وكأننى قد القيت على مسامعه خبر وفاة عزيز له وبدأ يخطط كيف يتخلص من النبت الذى ينمو فى احشائى فيبدو انه لم يكن يرغب ان يربطه شىء بى بعد ان تأكد من فراغ جعبتى من المال وفشل فى سحب مبالغ مالية من أهلى لكنه لايرغب فى يطلقنى حى لايتكبد اى مصروفات وبدأ مسلسل تجويعى اتذكر انهه كان يتركنى باليومين دون طعام حتى خارت قواى وعدت لااغادر فراشى حينا علمت امى بما اصابنى اصرت على اخراجى من هذا البيت التعس وبمجرد ان غادرت قام زوجى بتغير الكالون ليمنعنى من الدخول مرة ثانية ولم يكشف حيلته الا حاجتى لبعض اغراض الولادة، لازالت مشاهدى وانا جالسة فى قسم الشرطة واعانى منالام المخاض لاحصل على حقى، بعدها قررت ان انهى هذا العذاب م اتخلص من هذا الرجل القاسى الذى ترك وليده متوقف القلب ولم يكلف خاطره ان يسأل عنه ، كل ماكان يهمه ان يسميه بالاسم الذى اكره كيدا فيّ".

تبتسم الزوجة نصف ابتتسامة تخفى وراءها الشعور بالقهر وهى تختم روايتها:" وبعد ان استرددت عافيتى اصريت على الطلاق لكن زوجى المحترم فى جلسة الابراء ادعى أمام محاميه انه تستر على لانه اكتشف فقدانى لعذريتى فى ليلة الزفاف ولم يبرأ شرفى الا تقرير الطبيبة المختصة، فقررت الااتنازل عن حقوقى وحقق ابنى فرفعت دعوى طلاق للضرر فى المقابل اقام انذار بالطاعة وارفق صور لى فى شهر العسل ليظهرنى للجميع باننى منفتحة ومتحررة كما يشيع عنى، كما اقمت دعوى نفقة لابنى".

" الطابق الرابع"

"زوجى ألقانى من الطابق الرابع إرضاء لشقيقته"، بهذة الكلمات بدأت"حسنة"التى لجأت إلى محكمة الأسرة بزنانيرى للحصول على حقوق بناتها الاربعة من والدهن الذى تركهن وكف عن الإنفاق عليهن روايتها، وبصوت مرتعش تكمل :"لازلت أتذكر تفاصيل تلك الليلة المشئومه كأنها حدثت بالأمس، يومها نشب بينى وبين أخته خلاف بسيط وكالعادة اختلقت أحداث وسممت عقله بها، ففوجئت به يهجم على كالثور الهائج فهربت الى الشرفة، لحق بى والشرر يتطاير من عينيه، ودفعنى بقوة قاصدا إلقائى، تشبثت بالسور لكنه ظل يدفعنى، حتى انقلتت يدى وسقطت، ولم أشعر بنفسى إلا وأنا ممددة على سرير بالمشفى وعاجزة تماما عن الحركة، والشرائح والمسامير مثبته فى ساقى ويدى، وتم تحرير محضر بالواقعة، وظللت حبيسة هذا السرير العفن لشهور أصارع الموت، وبدلا من أن يبدى زوجى ندمه على مافعله بى ويعوضنى، صار يدعو الله أن يخلصه منى، ولا يستحى أن يجهر بكرهه فى وجهى".

وتنفلت الدموع من عيون الزوجة الثلاثينية التى لم ينل الحزن من جمالها كثيرا بل أكسبه طابعا مميزا وهى تقول:"وبعد ثماثلى للشفاء عدت إلي البيت من أجل الصغيرات، ومرت الشهور وأنا صابرة على أفعال زوجى حتى وصل إلى مسامعى نيته الزواج من أخرى، حينها جن جنونى وبدأ أفكر كيف اثأر لكرامتى التى أهدرتها بيدى كما قالت لى ابنتى، فهرعت إلى قسم الشرطة كى أحيى محضر الضرب القديم لأكتشف أنه صدر حكما غيابيا ضده بالسجن، فأبلغت عنه وتم القبض عليه، وتقدم زوجى بمعارضه على حكم حبسه، وأثناء نظرها مثلت أمام القاضى وأقريت بمسامحتى له ليس من أجله فقد كرهته ولكن حتى لايقال لبناتى أن والدتهم قد تسبب فى سجن أبيهم، ويكفينى نظرة الذل التى رأيتها فى عينيه والأسبوع الذى قضاه بين أرباب السوابق والقتلة، وليتأر لكرامته طلقنى وكف عن الإنفاق على بناته، فلجأت إلى محكمة الأسرة وأقمت ضده دعوى نفقة للصغار وصدر حكم لصالحى فاستأنف على الحكم، وبعد تراكم مبالغ نفقة الصغيرات عليه حركت ضده دعوى حبس".

"مسامير وحبال"

ربما تكون حكاية "كريمة" هى الأغرب على الاطلاق، فزوج السيدة الخمسينية بحسب روايتها اعتاد تقيديها بالحبال وغرس مسامير فى جسدها وتركها دون علاج كنوع من التأديب، وهو السبب الذى دفعاها إلى إقامة دعوى خلع أمام محكمة الأسرة بمصر الجديدة بعد 24 عاما من الزواج ، وتقول الزوجة فى مستهل حديثها:" كان زوجى يعى نقاط ضعفى، وخوفى من أن أحمل لقب مطلقة لذلك كان يعذبنى بلا رحمة، وينهال على بالضرب بدون سبب، وفى أخر مرة لنا معا نشب بيننا خلاف، وفوجئت به يقيدنى بالحبال ويغرس مسامير فى قدمى بلا رحمة، ثم تركنى أنزف ورحل، رافضا مداواتى، وكأننى عدوة له ولست شريكة عمره التى ساندنه طوال حياته وتحملت ضيق حاله، وعندما تدهورت حالتى، نقلنى إلى المستشفى مضطرا، ورغم ذلك رفضت أن أحرر ضده محضر رسمى حتى لا يعايرنى أولادى بأننى سجنت أباهم يوما".

وبصوت مجروح تردف:"حينها قررت أن اتخلى عن ضعفى، وأطلق صبرى وصمتى بالثلاثة، وأكف عن مسامحة زوجى وغفران خطاياه فى حق كرامتى وتصديق وعوده الزائفة وتعهداته بحسن معاشرتى، وطرقت أبواب محكمة الأسرة طالبة الخلع بعد 24 عاما من العذاب والخوف".