الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اختلال الميزان.. واضطراب المفاهيم


لا شك أن ما تمر به أمتنا العربية لمن الأمور البائنة وأضحت لا تخفى على القاصي ولا الداني، وأجد أن ما نعانيه من أزمات يرجع جانب لا يستهين به إلى صنيع أنفسنا؛ فبدلا من نرسخ في الضمير الإنساني كون تلك الأمة – بآفاتها الممتدة في الزمان والمكان – هي الشاهدة على الناس، بما أنجزته من رقي علمي وأخلاقي أثرت بها الحضارة والإنسانية جمعاء، وذلك بالتزام معايير القيم التي صنعت على عينيها موازين العدل والخير التي ينبغي أن تفصل فيما اضطرب من أمورهم، أمست تلتمس – حتى في قضايا احتلال الأرض وانتهاك المقدسات – عدلا ليس هو العدل وتتحسس القيم والمثل العليا في التدني والبذاءة.

ولا شك أن هذا الكلام اختص به قلة تسودت المنابر وارتادت المكبرات الصوتية فتردد صداها في المحيط الاجتماعي وكأنه الرأي العام للسواد من العامة والخاصة، فاختلطت المفاهيم وتبدلت المضامين، وبدلا من أن تكون الحرية والتقدم والنهضة هي محاور الاهتمام، تحولت تلك الشراذم بهذا الاهتمام إلى قضايا الإمامة والغيبة تارة، وإلى قضايا الصفات والتوسل والقبور والملبس والمظهر تارة أخرى، حتى إنهم لا يجدون بأسا من تكفير بني جلدتهم، وإخواتهم في الدين أو تبديعهم أو تقسيمهم أو تقطيع أواصر علائقهم بسببها.

إن أخطر ما تتعرض له الأمة هو تلك الهزيمة التي لحقت بنا نتيجة الهزيمة الفكرية السائدة وتغليب الأصوات العالية حتى وإن كان أصحابها من غير المتفقهين لما يقولون.

ومن الأصوات التي علت وأخذت صداها يصدع في الأفق وهي وليدة التدبر والمكر الداعي إلى زج الأمة إلى غيابات التيه والتغيب، تلك الأصوات الداعية إلى زعزعة الصف وبث روح التخوين والتآمر في النفوس وإظهار الطوارئ الهينة بالأزمات والكوارث والتأجيج من شرارتها؛ بغية تهميش الانتماء والبحث عن الجديد القاتم.

وفي ظني إذا لم يكن بأنفسنا الإرادة والدافعية الحقيقية للتغير والصمود أمام حالة التيه والتغيب التي تعانيها أمتنا، والصبر على البلاء وتغليب العقل لسوف تعلن الأجراس عن نهاية أخلاق سامية لا طالما أثبتت جدارتها عبر الأزمان والسنين.

يا سادة إن المعطيات التاريخية لخير شاهد ودليل على أن تقدم الأمم ورقيها تبدأ بالصبر على الأزمات والإيمان بتحقيق الهدف المأمول والذي لا يتأتى إلا بالوقوف وراء القول الواحد الذي يعلي دوما من قيمة الكرامة ورفض الخضوع للوصايا لأن أمتنا خلقت حرة وستبقى بأمر الخالق أبية رائدة.

إن هذه الكلمات نابعة من مشاعر وامق متيم في حب مصر يكشف عن المكنون المؤكد على أن المصري من العقلاء وليس بتائه ولا مجنون.

وسيبقى التاريخ شاهدا له عبر الأزمان والسنين، وسوف يأتي يوم يروي التاريخ للأجيال القادمة قصة كفاح وصمود عن أيامنا هذه راصدة لما حيك وراصدة لمن فكر ودبر.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط