الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أولها جنوب إفريقيا.. الدول الإفريقية تتجه للانسحاب الجماعي من "الجنائية الدولية" .. "مسودة أديس أبابا" تنتظر الآلية والتوقيت لتنفيذ الانسحاب .. وقادة دول إفريقية على قائمة المحكمة للاعتقال

رئيس زيمبابوي روبرت
رئيس زيمبابوي روبرت موجابي

انسحبت دولة جنوب إفريقيا من قائمة الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، لتسجل بذلك أولى الدول التي تنسحب من المحكمة الدولية بسبب تركيزها على ملاحقة القادة الأفارقة.

وأعلن وزير العدل الجنوب إفريقي، مايكل ماسوتا، في مؤتمر صحفي، صباح اليوم الجمعة بأن بلاده أعلنت خطيا للأمين العام للأمم المتحدة انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية بسبب الإجراءات المعمول بها من قبل المحكمة.

- أزمة مع الدول الإفريقية
تعيش المحكمة الجنائية فترة توتر هي الأسواء في تاريحها مع قادة الدول الإفريقية والاتحاد الإفريقي، بسبب وجود العديد من القادة الأفارقة على قائمة المطلوبين في جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، من قبل المحكمة، وهو ما يراه القادة الأفارقة بعين سوء، وتجسيدا للكراهية والتركيز على القارة السمراء.

في الحقيقة، تعيش المحكمة الجنائية، والدول الإفريقيا صراعا بدأ يتصاعد إلى السطح خلال العامين الأخيرين، لاسيما بعد التوتر الذي حدث بين المحكمة ودولة جنوب إفريقيا في منتصف يونيه 2015، خلال مشاركة الرئيس السوداني عمر البشير في القمة الإفريقية، المطلوب من المحكمة، إذ سارعت المحكمة بالطلب رسميا من جنوب إفريقيا الوفاء بالتزامها تجاه المحكمة باعتبارها عضو فيها، واعتقال الرئيس السوداني المطلوب، وتفاقمت الأزمة سريعا مع إصدار محكمة محلية قرار بمنع البشير من السفر، غير أن حكومة جنوب إفريقيا سمحت بخروج البشير سريا من قاعدة عسكرية، وهو ما أغضب المحكمة الجنائية.

ورأت جنوب إفريقيا أن قرارات المحكمة الجنائية الدولية تعرقل الدول من الوفاء بواجباتها فيما يتعلق بمجال احترام الحصانة الدبلوماسية، وأن المحكمة تفضل استهداف قارة إفريقيا واستبعاد الباقين الذين عرفوا بارتكاب هذه الفظاعات في أماكن أخرى خارج إفريقيا.

- التصويت للانسحاب الجماعي للدول الإفريقية من المجكمة
خلال القمة الأخيرة في كيجالي، برواندا، اجتمع قادة الدول الإفريقية، وفي قائمتهم، برنامج لم يتم مناقشته من قبل، وهو التصويت على مسودة تاريخية، للانسحاب الجماعي من المحكمة الجنائية الدولية، بسبب ملاحقتها لعدد من القادة بتهم جرائم الحرب في بلادهم وجرائم ضد الإنسانية وحروب أهلية.

في منتصف يوليو الماضي، نشرت صحيفة "جون أفريك" الفرنسية تقريرا حول تصويت دول الاتحاد الإفريقي للانسحاب من الجنائية، أوضحت أنه على الرغم من عدم الاتفاق النهائي على الانسحاب الجماعي، إلا أن الدول مستقرة على الإنسحاب ولكن ينقص الاتفاق على الآلية والتوقيت.

ولفتت الصحيفة إلى أن المعضلة تكمن في رفض 3 دول لهذا الانسحاب، وهم نيجريا وساحل العاج والسنغال، لكن الجميع اتفقوا على العودة إلى مسودة "أديس أبابا" التي تم التصويت عليها في يناير الماضي، بناء على اقتراح من الرئيس الكيني، أوهور كينياتا، والتي طالبت بإعداد خارطة طريق للانسحاب من المحكمة ولكن ينتظر أن تحدد الآلية والتوقيت.

- المحكمة الجنائية وإفريقيا.. عداوة بعد محبة
تأسست المحكمة الجنائية الدولة في أبريل 2002، كأول محكمة له الحق في ملاحقة المتهمين بجرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب، كما يحق لها تنفيذ إجراءاتها حول العالم، للحد من إفلات المتورطين من القادة من العقوبة، كما أختيرت لاهاي بهولندا لتكون مقر لهذه المحكمة.

وبالرغم من أن الجنائية الدولية كانت تحظى بعلاقات جيدة مع الدول الإفريقية، لاسيما وأن كثيرا من الدول الإفريقية مثل الكونغو وإفريقيا الوسطى ومالي وأوغندا، قد طالبت المحكمة بالتحقيق في جرائم على أراضيها، غير أن هذه العلاقات قد انقلبت مع تولي المدعي العام الأرجنتيني، لويس مورنو أوكامبو المحكمة، وطالب بفتح قضايا في كينيا وساحل العاج، مطالبا بمثول قيادت هذه الدول أمام المحكمة.

- قادة أفارقة أمام المحكمة
خلال الكلمة الافتتاحية لرئيس زيمبابوي، روبرت موجابي، حينما تسلم رئاسة الاتحاد الإفريقي في 2015، قال:" لم أرى اختصاص المحكمة الجنائية الدولية مطبقا ضد أي شخص جلده أبيض، فهل الذين لديهم جلود بيضاء معفون من الوصول للمحكمة؟، فجورج بوش وتوني بلير ارتكبا أعمالا فظيعة في العراق، واعترفا بأنهما ارتكبا خطأ، كما قتلوا صدام حسين، ورغم ذلك لم تتم محاكمتهم".

من بين الرؤساء الأفارقة الملاحقين من المحكمة الجنائية الدولية، الرئيس الكيني، أهورو كينياتا، الذي توجه إليه المحكمة تهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية عقب أعمال عنف وقعت أثر خلال انتخابات 2007 و2008، والتي قادت إلى مقتل 1300 شخص، كما يواجه نائب الرئيس، وليام روتو أيضا نفس التهم في الأحداث نفسها.

ومن الرؤساء أيضا، الرئيس السوداني، عمر البشير، المتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور، وكثيرا ما أصدرت المحكمة مذكرة اعتقال ضده في جامعة الدول العربية في القاهرة والسعودية، وكذلك في قمم الاتحاد الإفريقي في جنوب إفريقيا وأديس أبابا وكينيا، ولكن امتنعت جميع الدول من تسليمه تحت مسمى الحصانة الدبلوماسية لقادة الدول الأخرى.

نجحت المحكمة الجنائية الدولية في محاكمة رئيس ساحل العاج السابق، لوران جباجبو، المعتقل حاليا في لاهاي، والذي أدين في أعمال عنف هزت بلاده في انتخابات 2010 و2011، تسببت في مقتل 3000 شخص قبل الإطاحة به من قبل القوات الفرنسية.

- كينيا في طريقها للانسحاب بعد جنوب إفريقيا
تقود كينيا حملة واسعة من أجل دفع دول القارة السمراء تنسحب من المحكمة الجنائية، كما ينوي الرئيس أوهور كينياتا التحرك فرديا على غرار جنوب إفريقيا لتنفيد آلية هذا الانسحاب.