الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أيتها السيول .. متى ينتهي الدرس ؟!!!


نفس المشهد يتكرر كل عام وكأنه فيلم ممل تعاد مشاهده التي حفظناها عن ظهر قلب فرغم الاستعدادات والتصريحات التي يعلنها المسئولون لمواجهة السيول .. وأن الوضع آمن ،ولن تكون هناك أي خسائر.. إلا أننا نفاجئ بالواقع المرير سيول تدمر وتخرب وتقتل وتشرد عشرات الأسر التي لا حول ولا قوة لها .. ورغم أن موعد نزول السيول معروف ومحدد إلا أن هناك 9 محافظات اجتاحتها سيول قوية سببت خسائر ليست مادية فقط ولكنها خسائر بشرية أيضا وكان ضمنها سوهاج التي شهدت عددا كبيرا من حالات الوفاة بينهم أسرة مكونة من 3 أفراد .. الأب مبارك أحمد ،وطفلتيه أريج 3 سنوات ،وأروي سنة ونصف .. في مشهد يمزق القلوب.

لقد حاصرت مياه السيول بعض الأتوبيسات القادمة من طرق القاهرة وقنا وأسوان وأغرقتها ،وهناك أشخاص تم انقاذهم ..وآخرون لا أحد يعرف عنهم شيئا ،وهي كارثة كبيرة ..كما قطعت طرقا وأغلقتها تماما حتي أنها أعاقت جهود البحث عن المفقودين ..أيضا مدن جنوب سيناء خاصة شرم الشيخ وطور سيناء، "غرقت"وتسببت فى انقطاع الكهرباء عن الرويسات والسوق القديم بشرم الشيخ لمدة 28 ساعة وغرق خليج نعمة فى مياه الأمطار أما رأس غارب فهي تعيش مأساة بسبب المياه وتدمير الطرق وانقطاع الكهرباء.

إنها نفس المفاجأة التي تحدث كل عام ففي العام الماضي قتلت السيول7 أشخاص فى الإسكندرية ، 27 في البحيرة، ووفيات متفرقة بالمحافظات ،تضمنت أطفالا أبرياء ودمرت البيوت وخربتها..ووقفنا جميعا مشدوهي الأفواه أمام صورة الرجل الذي كان يحتضن ثلاجته في حجرته الغارقة بالأسكندرية .. وطالبنا بالعقاب الرادع للمسئولين المهملين الذين تقاعصوا عن القيام بمسئوليتهم .. كما طالب البعض باقالة هاني المسيري محافظ الأسكندرية .. وتمت الاستجابة وأقيل المحافظ ولكن السيول مازالت تفاجئ المسئولين تهدم البيوت وتقتل الأبرياء وتدمر المرافق الواهية ووتفتت أسفلت الطرق الضعيف ..والمباني المقامة علي مخرات السيول والتي تعرضت للإعتداء عليها وإقامة منشآت ومبان علي خط سير المخر أو علي جانبيه ولن ننسي المشهد في عام 1992 حين جرفت مياه السيول مئات المنازل وكذلك السيول التي تعرضت لها قرية درنكة بأسيوط.. وقد وصلت التعديات مداها بالفيوم حيث تم ردم مخر السيول الوحيد.

لقد نجحت الأرصاد في الإعلان عن موعد السيول هذا العام لتثبت إن ظاهرة السيول لايصعب توقع حدوثها، ومصر منذ زمن تتعرض لها بل كانت تستفيد منها لمئات السنين وحتى وقت قريب بنسبة 100 % فكانت تسير في "مخرات طبيعية" أشبه بالأنهار و تتجمع لتصب في نهر النيل .. ولكن تعديات الأهالي وبعض الأجهزة الحكومية ،على المخرات ساهم بشكل أساسي في أزمات السيول التي نشهدها كل عام.

لكننا أيضا في كل عام نسمع تصريحات المسئولين كله تمام وانهم علي استعداد لمواجهتها ويعلنون أرقاما وتأكيدات وإجراءات تم اتخاذها .. ومع أول هجوم للسيول نجد هذه التصريحات تنجرف مع المياه وتختفي فلا استعدادات تم اتخاذها ولا إجراءات وكل التأكيدات كانت حبرا علي ورق ووحدهم الأبرياء يدفعون الثمن من أعمارهم ودمار بيوتهم وزرعهم وممتلكاتهم البسيطة.. وتتعالي صرخاتهم في الطرق المقطوعة والأتوبسات والسيارات المقلووبة ولكن لا أحد يسمع فحتي شبكة الاتصلات قطعتها السيول ..نحن نعرف موارد الحكومة والأزمة الإقتصادية التي نمر بها وأنه لولا تكاتف الشعب المصري بجميع فئاته ومنهم رجال الأعمال والمنظمات والمؤسسات الأهلية الذين يسارعون للمشاركة في مساعدة الأسر المضارة .. وانقاذهم وهو موقف اعتدناه من المصريين المعروفين بتراحمهم وتكاتفهم ووقوفهم حائط صد في مواجهة المحن ..ولولاهم لكانت المعاناة أكبر وأشد.

قلبي مع الأهالي الذين جاء رد فعلهم وإعلانهم عن غضبهم واعتراضهم علي ضعف إجراءات الدولة في مواجهة أزمة السيول في رأس غارب، بمنع موكب رئيس مجلس الوزارء، شريف إسماعيل، من دخول المدينة أمس؛ فقد تجمعوا أمام مدخل المدينة، وحدثت مشادات بين أفراد الموكب والأهالي، تسببت في مغادرة الموكب للمدينة قبل دخولها.. فالزيارة بعد وقوع الكارثة لاتفيد .. والمطلوب عقاب رادع وإجراءات قوية لمواجهه اخطار السيول.. وإزالة كل المباني المقامة علي المخرات وتقوية البنية الأساسية للمدن المعرضة لهذه الكارثة والمعروفة للجميع ..فهناك خرائط للمخرات وخرائط للسيول .. وعلينا أن نتحرك قبل وقوع الكارثة لا بعدها .. إلي متي ستظل السيول تفاجئنا وإلي متي سنظل نتحرك بعد فوات الأوان.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط