الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حيثيات الحكم بقضية «ولاية داعش حلوان»: المتهمون تعلموا تصنيع المتفجرات في وقت قصير وتواصلوا مع تنظيم داعش عبر «فيس بوك»

صدى البلد

  • ننشر حيثيات الحكم على متهمي "ولاية داعش حلوان":
  • أيديولوجية التنظيم تستهدف القوات المسلحة والشرطة والأقباط
  • المتهمون تولوا تسفير الإرهابيين عبر التواصل على "فيس بوك" مع "سراج الأشمونى"
  • دفاع المتهمين:
  • عدم دستورية نصوص القوانين 86،86 مكرر ج/1 عقوبات
  • بطلان الإذن الصادر عن النيابة العامة بالقبض على المتهمين
  • بطلان إجراءات التحقيق لعدم حضور محام مع المتهمين أثناء التحقيقات
  • بطلان الاتهامات المنسوب للمتهمين بالتحقيقات لكونه تم تحت تأثير الإكراه البدنى

أودعت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار حسن فريد، حيثيات حكمها بمعاقبة المتهمين "محمد محمد عبد العظيم عبد الغفار، وعمرو إسماعيل محمد الفران، ومحمد عبد الفتاح محمد إبراهيم، وخالد عبد الحليم عبد المحسن أحمد حسن" بالسجن المشدد 10 سنوات، على خلفية اتهامهم بالقضية المعروفة إعلاميًا بـ"ولاية داعش حلوان".

وبعد تلاوة أمر الإحالة وسماع طلبات النيابة العامة والمرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونًا، أودعت المحكمة حيثيات الحكم حسبما استقرت الواقعة في يقين المحكمة واطمأن إليها ضميرها وارتاح لها وجدانها مستخلصة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة، تتحصل في أن تحريات الرائد مصطفى محمود أحمد محمد صقر، الضابط بقطاع الأمن الوطنى، دلت على قناعة المتهم الأول بالعديد من الأفكار الجهادية والتكفيرية المتمثلة فى تكفير العاملين بالقوات المسلحة والشرطة واستهدافهم فى عمليات عدائية، وتكفير المسيحيين واستحلال ممتلكاتهم ودمائهم ودور عبادتهم، واستهداف المنشآت المهمة والحيوية، خاصة التابعة للأجهزة الأمنية.

وبتواصله عبر مواقع التواصل الاجتماعى مع بعض كوادر تنظيم داعش الإرهابى، وتحركه بالدعوة لصالح أفكار التنظيم بأوساط مختلفة وعبر مواقع التواصل الاجتماعى لاستقطاب عناصر ودفعهم للمشاركة بحقلى الجهاد السورى والليبى والانضمام لصفوف تنظيم داعش الإرهابى بهما لتلقى تدريبات عسكرية على حرب العصابات والمدن وطرق تصنيع المتفجرات تمهيدا للعودة للبلاد وتكوين خلية عنقودية تتخذ من الأفكار التكفيرية والجهادية، حيث إن تنظيم داعش الإرهابى له أيديولوجية تهدف إلى ارتكاب سلسلة من العمليات الإرهابية المتصلة التى تستهدف ضباط القوات المسلحة والشرطة وأبناء الوطن من معتنقى الدين المسيحى.

وضمت تلك الخلية المتهمين الثانى والثالث والرابع ونجاحهم فى إيجاد خط تسفير لعناصر تلك الخلية للمشاركة بحقول الجهاد الخارجية، وتعرفه بتنظيم ما يسمى "ولاية سيناء" من خلال تواصله مع من يدعى سراج الأشمونى عبر مواقع التواصل الاجتماعى للدفع بعناصر للتنظيم لتلقى تدريبات على استخدام السلاح وتصنيع العبوات المتفجرة تمهيدا لتنفيذ عمليات عدائية ضد القوات والشرطة ومؤسسات الدولة، وأن عناصر تلك الخلية شاركت فى مسيرات جماعة الإخوان الإرهابية بمنطقة حلوان، واضطلاع المتهم الثالث بتوفير كمية من رمان البلى لعناصر جماعة الإخوان الإرهابية لاستخدامها فى تصنيع العبوات المتفجرة ورصد تحركات مدرعات الشرطة بتكليف من المتهم الأول واستصدر إذنا من النيابة العامة بتاريخ 21/9/2015 بضبط وتفتيش شخص ومسكن سالفى الذكر وتمكن من ضبط المتهمين الأول والثالث.

وتمكن النقيب محمد يحيى محمد من ضبط المتهم الثانى، وبتفتيش مسكنه عثر بحوزته على سلاح ناري فرد خرطوش وعلى ثلاث عشرة طلقة نارية من التي تستعمل على السلاح الناري المضبوط.

وتمكن النقيب محمد أحمد السيد من ضبط المتهم الرابع، وأقر المتهم الأول بتحقيقات النيابة العامة أنه من مؤيدى الرئيس المعزول محمد مرسى وأنه عقب الانقلاب فى 30 يونيو، حسب قوله، شارك فى اعتصام رابعة وفى أحداث المنصة وشارك فى المسيرات والمظاهرات مع المتظاهرين أثناء وعقب فض رابعة، وأن السعى للسفر لتنظيم الدولة كان بينه وبين المتهم الثانى وآخرين، وأن المتهم الثانى حاول السفر إلى التنظيم سالف البيان إلا أنه عاد من منتصف الطريق، أما الآخرون فقد سافروا إلى تنظيم الدولة فى ليبيا وسوريا والعراق، وأنه كان على تواصل مع المتهم الثالث عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" وآخرين.

وأن الهدف من تكوين تلك الخلية أو المجموعة تكوين مجموعة مسلحة لدفع أى اعتداء عليهم، وأن الحصول على تلك الأسلحة من السوق بمنطقة حلوان، وأن من ضمن تلك المجموعة سالفة البيان المتهم الرابع، وأن الأخير وآخرين يتم تدريبهم على استخدام السلاح فى منطقة صحراوية بمدينة 15 مايو، و ان على تواصل مع من سافروا فعلا لتنظيم "داعش" سواء كان بليبيا أو سوريا وأقر صراحة بالتحقيقات بأنه قام بتكوين تلك الخلية أو المجموعة سالفة للجهاد ضد الشيعة والجيش والشرطة، إلا أنه لم يقم بثمة عمليات.

وأقر أيضا المتهم الثانى بتحقيقات النيابة العامة بأنه يعترض على طريقة عزل محمد مرسى، ونتيجة لذلك اشترك فى اعتصام رابعة وشارك فى المظاهرات والمسيرات للاعتراض على ذلك، وأنه على علاقة بالمتهم الأول وطلب منه الانضمام للقيام بأعمال جهادية داخل مصر واستهداف مدرعات الجيش والشرطة، وأن المتهم الثانى على تواصل مع آخرين خارج البلاد مشتركين بتنظيم الدولة فى ليبيا وسوريا وتم فعلا السفر لمرسى مطروح والدخول عن طريق الحدود المصرية الليبية، إلا أنه عاد وأقر بأن المضبوطات خاصة بشقيقه.

وأقر أيضا المتهم الثالث أنه توطدت علاقته بالمتهم الأول فى عام 1993 تقريبا وبدأ يتبعه فى التعمق فى المنهج السلفى وبدأ يشارك فى الحياة السياسية عقب ثورة يناير 2011، وأنه من مؤيدى الرئيس المعزول محمد مرسى، وأنه شارك فى اعتصام رابعة العدوية وآخرون من أعضاء التحالف، على حد قوله، ونتيجة لفض اعتصام رابعة بالقوة حسب ما يدعيه شارك وآخرون في المظاهرات والمسيرات للاعتراض على ذلك، وأضاف أنه طلب منه توفير رمان بلى وتواصل المتهم الأول معه للالتحاق بتنظيم داعش الإرهابى وإثقاله بالأفكار الشرعية المؤيدة لتوجهات ذلك التنظيم.

كما أقر أيضا المتهم الرابع بتواصله مع المتهم الأول وطلب منه صراحة أن يساعده فى السفر لداعش فى سوريا والعراق، وأنه كان يرغب في السفر للخارج للانضمام لتنظيم داعش، وأضاف أن المتهم الأول قرر له أنه على تواصل مع تنظيم داعش فى سوريا والعراق وجبهة النصرة، وأنه من المؤيدين لجماعة الإخوان، وأنه شارك فى اعتصام رابعة العدوية وآخرون من أعضاء التحالف، على حد قوله، ونتيجة لفض اعتصام رابعة بالقوة حسب ما يدعيه وشارك وآخرون فى المظاهرات والمسيرات للاعتراض على ذلك.

وحيث إن الواقعة على النحو سالف البيان استقام الدليل على صحتها وثبوتها فى حق المتهمين من شهادة كل من الرائد مصطفى محمود أحمد محمد صقر، والنقيب محمد يحيى محمد، والنقيب محمد أحمد السيد، الضباط بقطاع الأمن الوطنى، وما ثبت بإقرارات المتهمين بتحقيقات النيابة العامة وما ثبت بتقرير قسم الأدلة الجنائية، فقد شهد الرائد مصطفى محمود أحمد محمد صقر بأن تحرياته السرية أسفرت عن ضلوع المتهمين فى السعى للالتحاق بتنظيم داعش الإرهابى بدولتى سوريا وليبيا، وذلك لاكتساب الخبرات العسكرية المتعلقة بصناعة المتفجرات وحرب العصابات تميهدا للعودة إلى الداخل لتنفيذ عمليات عدائية فى مواجهة مؤسسات الدولة والجيش والشرطة وأبناء الديانة المسيحية، وباستصدار إذن النيابة العامة تمكن من ضبط المتهمين الأول والثالث.

كما شهد النقيب محمد يحيى محمد بأنه ونفاذا لإذن النيابة العامة تمكن من ضبط المتهم الثانى، وبتفتيش مسكنه عثر حوزته على سلاح نارى "فرد خرطوش" وثلاث عشرة طلقة نارية تستعمل على السلاح النارى آنف البيان.

كما شهد أيضا النقيب محمد أحمد السيد بأنه ونفاذا لإذن النيابة العامة، تمكن من ضبط المتهم الرابع دون العثور حوزته على ثمة مضبوطات.

هذا وقد ثبت بتحقيقات النيابة العامة إقرار المتهم الأول بتواصله مع المتهم الثانى بتنظيم داعش الإرهابى لإيمانه بالأفكار المتمثلة فى تكفير معتنقى المذهب الشيعى والخروج على الحاكم ولزوم الجهاد ضد مؤسسات الدوله والجيش والشرطة لمواجهتهم.

- إقرار المتهم الثانى بتواصله مع بعض العناصر المنتمية لتنظيم داعش الإرهابى، فضلا عن تواصله مع المتهم الأول للالتحاق بذلك التنظيم لإيمانه بلزوم الجهاد فى مواجهة من وصفهم بالشيعة الكافرة.

- إقرار المتهم الثالث بتواصل المتهم الأول معه للالتحاق بتنظيم داعش الإرهابى وإثقاله بالأفكار الشرعية المؤيدة لتوجهات ذلك التنظيم.

- إقرار المتهم الرابع بتواصله مع المتهم الأول سعيا منه للالتحاق بتنظيم داعش الإرهابى.

كما ثبت بتقرير مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية أن الذخائر المضبوطة حوزة المتهم الثانى من عيار 16، والتى تستخدم على أسلحة الخرطوش سليمة وصالحة للاستخدام.

وحيث إن المتهمين تم استجوابهم بتحقيقات النيابة العامة وأقروا بمضمون ما ورد بها وفقا للثابت بالتحقيقات وقد مثلوا بجلسة المحاكمة، وأنكروا الاتهامات المسندة إليهم، وتداولت الدعوى بالجلسات، والدفاع الحاضر معهم طلب سماع شهود الإثبات والمحكمة استمعت إلى شهود الإثبات وفقا للثابت بمحاضر الجلسات ومنهم من ردد مضمون أقواله بتحقيقات النيابة ومنهم من أحال عليها، وأبدت النيابة العامة طلباتها في الدعوى، ثم شرع الدفاع الحاضر مع المتهمين في مرافعته بطلب الحكم ببراءة المتهمين تأسيسا على:

أولا: عدم دستورية نصوص القوانين 86،86 مكرر ج/1، 88 مكرر/ج عقوبات وطلب وقف السير فى الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية.

ثانيا: بطلان الإذن الصادر عن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية وباطلة وغير صحيحة ولانتفاء حالة التلبس.

ثالثا: بطلان إجراءات التحقيق لعدم حضور محام مع المتهمين أثناء التحقيقات طبقًا للمادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية.

رابعا: بطلان الإقرار المنسوب للمتهمين بالتحقيقات لكونه تم تحت تأثير الإكراه البدنى والمعنوى.

خامسا: بطلان قرار الإحالة لمخالفتها المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية.

سادسا: بطلان التحقيقات التى أجرتها النيابة العامة مع المتهمين لقصورها وعدم حيادها وافتقارها إلى الموضوعية.

سابعا: انتفاء صلة المتهمين بالواقعة وانتفاء صلة المتهم الثانى بالمضبوطات.

ثامنا: انتفاء أركان جريمة السعى لدى دولة أجنبية أو جماعة خارج البلاد وفقا لنص المادة 86 مكرر/ج/1 من قانون العقوبات.

تاسعا:ـبطلان أقوال شهود الإثبات لمخالفتها للواقع وعدم الاعتداد بشهادة شهود الإثبات وعدم وجود ثمة شاهد للواقعة.

عاشرا: كيدية الاتهام وتلفيقه.

الحادى عشر: عدم معقولية تصوير الواقعة.

والدفاع الحاضر مع المتهم الأول قدم أربعة حوافظ مستندات، وقدم أيضا الحاضر مع المتهم الثانى أربعة حوافظ مستندات، كما قدم الحاضر مع المتهم الرابع حافظة مستندات اطلعت المحكمة عليها جميعا وقدم الحاضر مع المتهم الثانى أيضا مذكرتين شارحتين لدفاعه، وقررت المحكمة حجز القضية للحكم لجلسة 1/11/2016.

وحيث إن المحكمة تشير بداءة إلى أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها وزن عناصر الدعوى وأدلتها، وأن تبين الواقعة على حقيقتها كما ارتسمت في وجدانها من جماع الأدلة المطروحة عليها، وأن العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناءً على ما يجريه من تحقيق في الدعوى ومن جميع عناصرها المطروحة على بساط البحث، وأن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير الدليل فلها أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود المختلفة وتطرح من لا تطمئن إلى صحة روايته.

كما أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع، وليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهرة بل لها أن تجزئه وأن تسنبط منه الحقيقة كما كشف عنها، ولا يلزم أن يرد الاعتراف على الواقعة بجميع تفاصيلها، بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج منها المحكمة ومن باقي عناصر الدعوى بجميع الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة.

أولا: وحيث إنه عن الدفع بعدم دستورية نصوص القوانين 86،86 مكرر ج/ 1 ،88 مكرر/ج عقوبات وطلب وقف السير فى الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية.

فإن ذلك مردود عليه بأن القانون رقم 48 لسنة 1979 في شأن المحكمة الدستورية العليا قد حددت فى المادة 29 منه ما إذا دفع بعدم دستورية قانون ما فى منازعة قضائية أمام المحكمة التى تفصل فى المنازعة فيكون لها أحد خيارين:

أولا ـ فهى إما أن تتعرض من تلقاء نفسها للفصل فى دستورية القانون (الذى يحكم المنازعة والذى دفع فيه بعدم الدستورية) إذا ما تحقق لها جدية الدفع، أى مخالفة الدستور، فإنها تمتنع عن تطبيقه دون أن تقضى بإلغائه.

ثانيا ـ وإما أن توقف الفصل فى الدعوى، وتحدد لمن أثار الدفع ميعادا لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية فإذا لم ترفع الدعوى فى الميعاد أعتبر الدفع كأن لم يكن.

ومفاد هذا النص أن محكمة الموضوع وحدها الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية، وأن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية جوازي لها ومتروك لمطلق تقديرها.

فإنه بادئ ذى بدء يتعين الإشارة إلى أن القانون يحدد العقوبات المعبرة عن التجريم ودرجته ثم يترك للقضاء مهمة التطبيق.

والمحكمة عندما تحكم بالإدانة وتنطق بالعقوبة يجب أن تراعى تفريدها، وهذا التفريد أمر ضرورى لتحقيق أهداف العقوبة وضمان فاعليتها، فالحكم بالعقوبة لا ينعزل عن السياسة الجنائية الذى يباشر القاضى وظيفته فى إطارها، وقد رسم القانون إطارا لممارسة القاضى هذه السلطة فوضع حدا أدنى وحدا أقصى للعقوبة، وحدد الظروف المشددة والأعذار القانونية المعفية والمخففة، ورسم حدود الوظيفة القضائية للمحكمة فى اختيار العقوبات داخل هذا الإطار، والمحكمة عندما تمارس اختيارها للعقوبة تجرى ذلك بصورة تفريدية تتلاءم مع شخصية المجرم لأنها تحاكمه بسبب الجريمة ولا تحاكم الجريمة نفسها، فالتفريد الطبيعى يباشره القاضى لا ينفصل عن المفاهيم المعاصرة للسياسة الجنائية ويتصل بالتطبيق المباشر لعقوبة فرضها المشرع بصورة مجردة، شأنها فى ذلك شأن القواعد القانونية جميعا، وأن إنزالها بنصها على الواقعة الإجرامية ينافى ملاءمتها لكل أحوالها ومتغيراتها وملابساتها، لأن سلطة تفريد العقوبة هى التى تخرجها من قوالبها الصماء وتردها إلى جزاء يعايش الجريمة ومرتكبها ويتصل بها.

ويعد تفريد العقوبة عنصرا فى مشروعيتها، فمشروعية العقوبة من الناحية الدستورية تتجلى فى أن يباشر القاضى سلطته فى مجال التدرج بها فى حدود القانون وأن حرمانه من ذلك بصورة مطلقه ينطوى على تدخل فى شئون العدالة.

أنه يشترط لكى يكون الدفاع الذى يبديه المتهم أو الحاضر معه دفاعا جوهريا استلزم القانون توافر عدد من الشروط يجب توافرها حتى يكون هناك التزام على المحكمة التى تم إبداء الدفع أمامها بالنظر فى الدفع والرد عليه سواء بالقبول أو الرفض، ومن هذه الشروط أن يكون للدفع أصل ثابت فى الأوراق، وأن يكون الدفع منتجا أى ظاهر التعلق بموضوع الدعوى وأن تعتمد عناصر الحكم على هذا الدفع.

ولما كان ذلك وكانت المواد 86 ،86 مكرر ج/ 1، 88 مكرر/ج من قانون العقوبات قد فندتا العقوبة حسب الفعل المادى فى كل جريمة على حدة والقصد الجنائى فيها وفقا للثابت بمضمون تلك المواد سالفة الذكر، وأن ما ورد بنص المادة 88 مكرر/ج عقوبات يعتبر قيد على المحكمة إذ رأت اللجوء إلى استخدام المادة 17 عقوبات، إذا رأى القاضى أن أحوال الجريمة لا تقتضى استبدال العقوبة المقررة بعقوبة أخف وأن الظروف الشخصية للمحكوم عليه أو الظروف التى لابست الجريمة لا تبعث على الإعتقاد بعدم العودة إلى مخالفة القانون، وأنه لن يتجه إلى تخفيف العقوبة عندئذ لا يكون لتلك المواد المدفوع بها بعدم دستوريهما وجود حقيقى فى الأوراق.

متى كان ما تقدم وكانت المحكمة ترى أن الجرائم المنسوبة للمتهمين والتى ثبت ارتكابهم لها والظروف التى لابست ارتكابهم للجريمة تجعل المحكمة لا تفكر فى النزول بالعقوبة المقررة لتلك الجرائم أو تخفيفها، وأنها فى الحدود الذى حددها القانون فى هذا الشأن ومن ثم يضحى هذا الدفع غير متعلق بموضوع الدعوى المطروحة على المحكمة، الأمر الذي يفصح عن عدم جديته ويتعين الالتفات عنه وقصد منه تعطيل الفصل في الدعوى.

ثانيا: ـ وحيث إنه عن الدفع بطلان الإذن الصادر من النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية وباطلة وغير صحيحة ولإنتفاء حالة التلبس، فمردود عليهما بأنه من المقرر بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية أن الكشف عن الجرائم والبحث عن مرتكبيها والتنقيب عن الأدلة عن طريق الاستدلالات التى يقومون بإجرائها سواء من تلقاء أنفسهم عند وقوع الجرائم أو بناءً على تكليف من السلطة المختصة بذلك، وما يقوم به رجال الضبط القضائى فى سبيل جمع الأدلة أو التعرف على وقائع الجريمة أو فاعليها، وهو ما يسمى "إجراءات الاستدلال" وما يقدمونه كنتيجة لها يكون مجرد أدلة تحت التحقيق أو استدلالات إلى أن يتم تحقيقها بمعرفة جهة التحقيق أو الحكم فتأخذ وضعها كأدلة تصلح بالإدانة.

والقانون لا يوجب أن يتولى مأمور الضبط القضائى بنفسه التحريات أو أن يكون على معرفة سابقة بالمتحرى عنه بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات بمعاونة رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولوا إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم مادام أنه اقتنع شخصيا بصحة ما نقلوه إليه وبصدق إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم، وعلى ذلك فإن مهمة مأمور الضبط القضائى بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية ـ الكشف عن الجرائم والتوصل إلى مرتكبيها فكل إجراء يقوم به فى هذا السبيل يعتبر صحيحا منتجا لأثره ما لم يتدخل بفعله فى خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها وطالما بقيت إرادة الجانى غير معدومة ولا تثريب على مأمور الضبط القضائى أن يصتنع فى تلك الحدود من الوسائل البارعة فى الكشف عن الجريمة ولا يتصادم مع أخلاق الجماعة وأن ذلك التخفى وانتحال الصفات واصطناع المرشدين ولو أبقى أمرهم سرا مجهولا.

ومأمور الضبط القضائى عندما يقوم بتحرياته عن الجرائم ومرتكبيها فإنه يعتمد على عناصر تظهر له أثناء هذه التحريات تدل على جديتها مثل اسم المتهم ومحل إقامته وعمله وعناصر الجريمه التى ارتكبها ونوع السلاح الذى استخدمه فيها وغير ذلك من العناصر التى تتراءى له أثناء إجراء هذه التحريات، وعناصر هذه التحريات تخضع لتقدير مصدر الإذن بالقبض والتفتيش ومن بعده محكمة الموضوع فلها أن تقدر جدية التحريات بناءً على هذه العناصر.

ويعد تقدير جدية التحريات وكفايتها من المسائل الموضوعية التى تخضع لتقدير محكمة الموضوع التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع التى متى اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها أمر القبض والتفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها فى ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.

لما كان ذلك وكانت المحكمة تطمئن إلى جدية التحريات التى أجراها الرائد مصطفى محمود أحمد محمد، الضابط بقطاع الأمن الوطنى، ذلك أن الاستدلالات جاءت واضحة وتدل على أنه قام بالبحث والتحرى والتنقيب للتوصل إلى تلك العناصر والتى شملت فضلا عن أسماء المتهمين محال إقامتهم وأدوارهم داخل الجماعة والأعمال المنوطة بهم داخله، ومن ثم فإن هذه التحريات تكون جدية غير قاصرة ولا مرسلة بالنسبة للمتهمين، كما لم تتعارض تلك التحريات مع باقى أدلة الدعوى المادية من إقرارات المتهمين سالفى الذكر وكذا المضبوطات التى ضبطت بحوزة المتهم الثانى وفقا للثابت بالتحقيقات.

لما كان ذلك، فإن المحكمة اقتنعت بجدية التحريات وقد جاءت متفقة مع باقي أدلة الدعوى ولا تناقض فيها، ومن ثم فإن المحكمة تطمئن إلى جدية تلك التحريات وترى أنها أجريت فعلا بمعرفة الضابط محرر محضر التحريات وأنها حوت وقائع صريحة وواضحة تصدق من أجراها وأن ضبط المتهمين تم بناءً على إجراء قانونى صحيح ولا يستلزم توافر ثمة حالة من حالات التلبس آنذاك ومن ثم تقر النيابة العامة على إصدارها إذن القبض والتفتيش بناءً على تلك التحريات وترى جديتها وكفايتها لتسويغ إصدار الإذن ومن ثم يكون الدفع في غير محله وتقضي المحكمة برفضه.

ثالثا: ـ وحيث إنه عن الدفع ببطلان إجراءات التحقيق لعدم حضور محام مع المتهمين طبقًا للمادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن ذلك مردود عليه بأنه وطبقا لنص المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أنه "لا يجوز للمحقق في الجنايات وفي الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوبًا أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة على النحو الذي يثبته المحقق في المحضر".

ومن المستقر عليه قضاءً أنه يجوز استجواب المتهم أو مواجهته بغير دعوة محاميه في حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة وأن تقدير ذلك موكول للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع.

كذلك فإن التزام المحقق بدعوة محامي المتهم بجناية لحضور الاستجواب أو المواجهة – في غير التلبس – مشروط بأن يكون المتهم قد أعلن اسم محاميه بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو يخطر به المحقق ولما كان المتهمون لا يمارون في أن المحقق قبل البدء في استجوابهم سألهم عما إذا كان لديهم محام يحضر معهم التحقيقات فكانت إجابتهم بالنفي ولا يزعم أي منهم أن اسم محاميه قد أعلن بالطريق الذي رسمته المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن ذلك مردود عليه بأن نص المادة سالفة الذكر استثنى حالة استجواب المتهمين في غيبة محاميهم عند توافر أمرين، الأول هو حالة التلبس والثاني هو حالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة.

لما كان ذلك وكان الثابت من تحقيقات النيابة العامة أن المتهمين عندما أحاطهم السيد المحقق علمًا بالتهمة المنسوبة إليهم عملًا بالمادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية، فاعترفوا بها وفقا للثابت بالتحقيقات، وهو الأمر الذي جعل المحقق يشرع فورًا في استجواب المتهمين لتوافر حالة السرعة التي يتعين تداركها خشية ضياع الأدلة، ما يسلم معه التحقيق من إجراءات البطلان.

وهديًا على ما تقدم وكانت الجرائم محل التحقيق مع المتهمين سالفى الذكر تستلزم سرعة إجراء التحقيق خشية من ضياع الأدلة، وكانت المحكمة بوصفها محكمة الموضوع تقر النيابة العامة تصرفها المتفق وأحكام القانون، هذا وقد ثبت للمحكمة حضور محامى مع المتهم الأول منذ بدء التحقيقات وفقا للثابت بتحقيقات النيابة العامة وأبدى دفاعه فى نهاية التحقيقات، واتخذت الإجراءات القانونية والتى كفلها القانون لباقى المتهمين إلا أنه لم يمثل أحد من المحامين ومن ثم يكون الدفع فى غير محله وتقضى المحكمة برفضه.

رابعا: ـ وحيث إنه عن الدفع ببطلان الإقرار المنسوب للمتهمين بالتحقيقات لكونه تم تحت تأثير الإكراه البدنى والمعنوى: فقد جاء هذا الدفع مجهلًا لبيان أسباب ذلك البطلان المدعى به، وغير مرتكن إلى أي ركيزة ترجح توافره وتخرجه من حيز القول المرسل الخالي من الدليل إلى حيز القول المدعم بسنده، لذا فلا على المحكمة إن هي عولت على الدليل المستمد من هذا الاعتراف مادام لم يثبت عواره وجاء خاليًا من عيوب الإرادة التي تبطله أو تنال من صلاحيته، وهو ما يرشح للمحكمة أن تعتد به وتأخذ بما أدلى به المتهمون من اعترافات وتجعلها في مصاف الدليل المعتبر قانونًا والمؤثر في عقيدة المحكمة وتطمئن إلى صحة الاعترافات وسلامة الإجراءات التي أسفرت عنه وأنها وليدة إرادة حرة غير معيبة، ولا ينتقص منها عدول المتهمين عن الاعتراف وانكارهم ارتكاب الجريمة، إذ إنه من المقرر قضاءً أن للمحكمة الحق في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه أو في حق غيره من المتهمين ولو عدل عنها فيما بعد، كما أن للمحكمة أن تعول في قضائها على إقرار المتهم ولو كان واردًا في محضر الشرطة متى اطمأنت إليه.

وحيث إن المحكمة – بوصفها محكمة الموضوع – تطمئن لما جاء باعتراف المتهمين بالتحقيقات سواء كان هذا الاعتراف في حق نفسه أو في حق غيره من المتهمين، الأمر الذي يكون معه الدفع المبدي من الدفاع مجافيًا للواقع والقانون يتعين رفضه.

خامسا: وحيث إنه عن الدفع ببطلان قرار الإحالة لمخالفته المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن ذلك مردود عليه بأنه من المستقر عليه قضاءً هو اعتبار قرار الإحاله من مراحل التحقيق وأن المحكمة هي جهة التحقيق النهائي ويجوز للمتهم أن يطلب منها استكمال ما فات النيابة العامة من إجراءات التحقيق وإبداء دفاعه بشأنها أمامها، فإنه لا محل للقول بوجود ضرر يستدعي بطلان أمر الإحالة، وإلا ترتب على البطلان إعادة الدعوى إلى جهة التحقيق من بعد اتصالها بالمحكمة وهو غير جائز، كذلك فإن لمحكمة الموضوع سلطة استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وإعطاء الدعوى وصفها الحقيقي غير مقيدة بالقيد والوصف الوارد بأمر الإحالة من النيابة العامة، ومن ثم فإن المحكمة تقر النيابة العامة تصرفها فى هذا الشأن ويكون الدفع عار من سنده القانوني، فإن ما يثيره الدفاع في هذا الشأن لا يكون سديدًا ومن ثم تقضى المحكمة برفضه.

سادسا: وحيث إنه عن الدفع ببطلان التحقيقات التى أجرتها النيابة العامة مع المتهمين لقصورها وعدم حيادها وافتقارها إلى الموضوعية، فإن ذلك مردود عليه بأن ما تجريه النيابة العامة من تحقيقات فى الدعوى لا يعدو أن يكون من قبيل التحقيق الابتدائى الذى يخضع لرقابة محكمة الموضوع فى شأن سلامة إجراءاته، وأنه لم يكن السبيل الوحيد الذى يستقر به الحال فى الدعوى، بل إن القانون قد وضع للمتهم ضمانة أخرى يمكنه من خلالها تفادى ما يعن له من شكوى أو يدعيه من قصور، حيث كفلت له المادتين 271 ،272 من قانون الإجراءات الجنائية أن تجرى المحكمة تحقيقا فى الدعوى بمعرفتها تستمع فيه إلى شهود الإثبات ومن بعدها شهود النفى وتمكن الخصوم فى الدعوى من مناقشتهم بما فيهم المتهمون وللمحكمة من هذه الإجراءات مجتمعة تكون عقيدتها فى شأن الصورة الصحيحة للواقعة فيها من موازنتها بين أدلة الدعوى من الثبوت والنفى وإنزال أقوال الشهود وسائر الأدلة التى تؤهلها لاتخاذ القرار الذى يكشف عن حقيقة الواقعة ويستتبع إنزال صحيح القانون فيها.

ولما كان ذلك وكانت المحكمة باعتبارها محكمة الموضوع استجابت لجميع طلبات الدفاع الجوهرية ومن بينها مناقشة شهود الإثبات التى ارتكنت إليها النيابة العامة ومكنت دفاع المتهمين من أن يوجهوا إليهم ما عن لهم من أسئلة، فإنها بمقتضى هذا التحقيق النهائى قد كفلت للمتهمين حقهم المقرر قانونا بما يسلبهم حق التزرع بالدفع بقصور تحقيقات النيابة العامة أو العروج عليها بثمة مطعن لأن المحكمة قد أفسحت لهم المجال لتدارك ذلك الأمر إن وجدوا من ثم يكون الدفع فى غير محله وتقضى المحكمة برفضه.

سابعا : ـ وحيث إنه عن الدفع بانتفاء صلة المتهمين بالواقعة وانتفاء صلة المتهم الثانى بالمضبوطات، فمردود عليه بأن المحكمة تطمئن تمام الاطمئنان إلى أن المتهمين هم مرتكبو الواقعة محل التحقيقات وأن المضبوطات ضبطت بحوزة المتهم الثانى وذلك لاطمئنانها لصدق رواية شهود إثبات الواقعة وما استخلصته المحكمة من التحقيقات ومن ثم تقضى المحكمة برفض الدفع.

ثامنا: ـ حيث إنه عن الدفع بانتفاء أركان جريمة السعى لدى دولة أجنبية أو جماعة خارج البلاد، فمردود عليه بأنه من المقرر وطبقا لنص المادة 86 مكرر/ج /1عقوبات يعاقب بالسجن المؤبد كل من سعى لدى دولة أجنبية، أو لدى جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة يكون مقرها خارج البلاد، أو بأحد ممن يعملون لمصلحة أى منها، وكذلك كل من تخابر معها أو معه، للقيام بأى عمل من أعمال الإرهاب داخل مصر أو ضد ممتلكاتها، أو مؤسساتها، أو موظفيها، أو ممثليها الدبلوماسيين، أو مواطنيها أثناء عملهم، أو وجودهم بالخارج، أو الاشتراك فى ارتكاب شيء مما ذكر.

فمن المقرر أن السعى عبارة عن عمل مادى واضح المعالم فى الحيز الخارجى ويراد به كل عمل أو نشاط يصدر من الجانى يتجه به إلى الدولة الأجنبية أو لدى جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة يكون مقرها خارج البلاد، أو بأحد ممن يعملون لمصلحة أى منها لأداء خدمة معينة تتمثل فى القيام بعمل من أعمال الإرهاب داخل مصر مما عدده النص أو الاشتراك فى ارتكابه.

والسعى هو مرحلة سابقة على التخابر، إلا أن القانون ساوى بينهما نظرا إلى الخطورة التى ينطوى عليها مسلك الجانى الذى يتوجه بنفسه إلى الدولة الأجنبية أو الجمعية أو الهيئة أو المنظمة التى يكون مقرها خارج البلاد.

ويقصد أيضا بالسعى أو التخابر لدى دولة أجنبية أو لدى جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة يكون كل صور الاتصال المباشر وغير المباشر بأى منهم.

ويراد بالسعى كل عمل أو نشاط يصدر من الجاني يتجه به إلى الدولة الأجنبية أو لدى جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة لأداء خدمة معينة تتمثل فى القيام بعمل من أعمال الإرهاب داخل مصر.

وتقوم هذه الجريمة توافر ركنين:
ركن مادي: يتمثل في السعى أو التخابر لدى دولة أجنبية أو لدى جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة احد ممن يعملون لمصلحتها.

ركن معنوي: هو قصد القيام بأى عمل من أعمال الإرهاب داخل مصر أو ضد ممتلكاتها، أو مؤسساتها، أو موظفيها، أو ممثليها الدبلوماسيين، أو مواطنيها أثناء عملهم، أو وجودهم بالخارج، أو الاشتراك فى ارتكاب شيء مما ذكر.

وقد بينا فيما سبق المقصود بالسعى أو التخابر باعتباره نشاطًا إجراميًا مشتركًا في جميع جرائم السعى أو التخابر، إلا أنه يجب ملاحظة أن القانون لم يتطلب فى الدولة الأجنبية أن تكون معادية ، وفضلًا عن توافر القصد العام يجب أن يتوافر قصد جنائي خاص هو القيام بأعمال عدائية ضد مصر ومؤسساتها، ولا يشترط لوقوع هذه الجريمة نجاح الجاني في مقصده إذا يكفى مجرد توافر هذا القصد ولو لم يتحقق تنفيذه بالفعل.

ولما كان ذلك وكان المتهم الأول على قناعة بالعديد من الأفكار الجهادية والتكفيرية المتمثلة فى تكفير العاملين بالقوات المسلحة والشرطة واستهدافهم فى عمليات عدائية، وتكفير المسيحين واستحلال ممتلكاتهم ودمائهم ودور عبادتهم، واستهداف المنشآت المهمة والحيوية خاصة التابعة للأجهزة الأمنية وبتواصله عبر مواقع التواصل الاجتماعى مع بعض كوادر تنظيم داعش الإرهابى، وتحركه بالدعوة لصالح أفكار التنظيم بأوساط مختلفة وعبر مواقع التواصل الاجتماعى لإستقطاب عناصر ودفعهم للمشاركة بحقلى الجهاد السورى والليبى والانضمام لصفوف تنظيم داعش الإرهابى بهما لتلقى تدريبات عسكرية على حرب العصابات والمدن وطرق تصنيع المتفجرات تمهيدا للعودة للبلاد وتكوين خلية عنقودية تتخذ من الأفكار التكفيرية والجهادية، حيث إن تنظيم داعش الإرهابى له أيديولوجية لها وتهدف إلى ارتكاب سلسلة من العمليات الإرهابية المتصلة التى تستهدف ضباط القوات المسلحة والشرطة وأبناء الوطن من معتنقى الدين المسيحى وضمت تلك الخلية المتهمين الثانى والثالث والرابع ونجاحه فى إيجاد خط تسفير لعناصر تلك الخلية للمشاركة بحقول الجهاد الخارجية وتعرفه بتنظيم ما يسمى ولاية سيناء من خلال تواصله مع من يدعى سراج الأشمونى عبر مواقع التواصل الاجتماعى للدفع بعناصر التنظيم لتلقى تدريبات على استخدام السلاح وتصنيع العبوات المتفجرة تمهيدا لتنفيذ عمليات عدائية ضد القوات والشرطة ومؤسسات الدولة، وذلك وفقا للثابت بتحريات الأمن الوطنى واعترافات المتهمين بتحقيقات النيابة العامة دون أن تسترسل المحكمة فى سردها مرة أخرى.

وكان الثابت من مجموع ما أورده الحكم كافيًا في بيان أركان جريمة السعى المؤثمة بالمادة 86مكرر/ج/1 وحسبما ‏استخلصتها المحكمة من أقوال شهود الإثبات وإقرارات المتهمين وفقا للثابت بتحقيقات النيابة العامة وما ثبت بتقرير المعمل الجنائى وكذا جميع الأدلة الأخرى التى وردت بالتحقيقات، الأمر الذي يكون معه الدفع المبدي من الدفاع مجافيًا للواقع والقانون يتعين رفضه.

تاسعا: ـ حيث إنه عن الدفع ببطلان أقوال شهود الإثبات لمخالفتها للواقع وعدم الاعتداد بشهادة شهود الإثبات وعدم وجود ثمة شاهد للواقعة، فمردود عليه أيضا من أنه من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضى الجنائى فى المحاكمات الجنائية بدليل معين إذ لم ينص على ذلك وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أى دليل تطمئن إليه مادام مأخذه من الأوراق صحيحا، فضلا عن أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التى تؤدى فيها شهادته والتعويل على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى المحكمة، كما أن للمحكمة الأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشاهد فى أى مرحلة من مراحل التحقيق وتطرح ما لا يتفق معه من تلك الأقوال مادام أنه يصح أن يكون الشاهد صادق من ناحية فى أقواله وغير صادق فى شطر منها.

ومن المقرر أيضا أن التناقض فى أقوال الشاهد لا ينال منها مادام الحكم قد استخلص الإدانة من أقواله إستخلاصا سائغا لا تناقض فى ذلك أن المحكمة تأخذ من أقوال الشاهد ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه دون أن تكون ملزمة بالرد فى حكمها، إذ أن الأصل أنها لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشاهد الإ ما يقيم عليه قضائها.

ولما كان ذلك وقد جاء هذا الدفع مرسلا وجاءت فى صورة أقوال عابرة غير محددة المعالم هذا والمحكمة اطمأنت الى أقوال شهود الإثبات على نحو ما استخلصته من الأوراق، فإن نعى الدفاع فى هذا الصدد لايعدوا أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الأدلة وهو ما تستقل به المحكمة ولا يجوز مجادلتها فيه ومن ثم تقضى المحكمة برفض الدفع.

عاشرا: حيث إنه عن الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه، فمردود عليه بما هو مقرر أن المحكمة تزن أقوال الشهود وتقدرها التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب، ولما كانت المحكمة اطمأنت إلى أقوال شهود الواقعة واقتنعت بحصول الواقعة بالصورة التى استخلصتها المحكمة من ارتكاب المتهمين تلك الواقعة وفقا لما انتهت إليه المحكمة ومن ثم يكون الدفع على غير سند من الواقع والقانون وتقضى المحكمة برفضه.

الثانى عشر: ـ حيث إنه وعما أثاره الدفاع من أوجه دفاع أخرى حاصلها التشكيك فى الدليل الذى اطمأنت إليه المحكمة بقالة عدم معقولية الواقعة وخلو الأوراق من ثمة دليل تصح به الإدانة، فهو فى حقيقته لا يعدوا أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدى إليه، مما تستقل به هذه المحكمة ولما كانت الصورة التى استخلصتها المحكمة من أقوال شهود الإثبات وكذا إقرارات المتهمين بالتحقيقات وسائر الأدلة الأخرى التى أوردتها لا تخرج عن الاقتضاء العقلى والمنطقى ولها صداها وأصلها فى الأوراق فلا يجوز منازعتها فى شأنه ويكون نعى الدفاع فى هذا الصدد غير سديد ومن ثم تقضى المحكمة برفض الدفع.

لما كان ذلك وكانت المحكمة تطمئن إلى أدلة الإثبات في الدعوى سواء القولية منها أو الفنية وكذا إقرارات المتهمين بتحقيقات النيابة العامة والتي بنيت على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها فانها تعرض عن إنكار المتهمين ارتكابهم للجرائم المسندة إليهم بجلسات المحاكمة إذ لا يعدو هذا الأمر منهم سوى محاولة للتملص من وزر الجريمة للإفلات من عقابها، فضلا عن مجافاتها الأدلة الثابتة التي طرحتها المحكمة على بساط البحث وقلبت فيها الرأي ومحصتها عن بصر وبصيرة فوجدتها سديدة ومتساندة.

كما لم تفلح محاولات الدفاع من الافتئات عليها أو الطعن في سلامتها أو الانتقاص من قوتها في التدليل، فاستحوذت على كامل اطمئنان المحكمة وكان لها أثرها البالغ في تكوين عقيدة المحكمة فيما انتهت إليه، وكانت المحكمة قد أطرحت كل ما يخالف هذا الاطمئنان إما لكونه مجافيا للحقيقة والواقع وإما لكونه لم يقو على أن ينال من الدليل في الدعوى.