الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الدواء المر


ردود فعل عالمية واسعة للإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة الخميس الماضي من تحرير سعر الصرف وحزمة الاجراءات التي تم اتخاذها لحماية محدودي الدخل.

قالت شبكة “سي إن إن” الامريكية، إن تلك القرارات تأتي في سياق البرنامج الأوسع للإصلاح المالي والهيكلي الذي أعلنته الحكومة المصرية، وهو يستهدف تحقيق التوازن المطلوب بين الإجراءات الترشيدية والاحتواء الكامل لآثاره على محدودي الدخل من خلال التوسع في برنامج الحماية الاجتماعية المتكاملة.

سياسات وقرارات البنك المركزي المصري مدروسة بكل “دقة” تنبع من إيمانه بدوره الوطني وتقدير قيادته لمسئوليته في حماية مقدراته والإسهام في تمكينه من تخطي أزمته وانطلاقه بكل قوة ليحقق نموًا متزايدًا ومستقبلًا واعدًا بالخير والرخاء ويستجيب لطموحات الشعب المصري العظيم.

شبكة “سكاي نيوز” الإخبارية؛ اقتصاد مصر يعانى من “صعوبات جمة”، ما يجعلها مضطرة لإجراء إصلاحات اقتصادية لمواجهتها .."رويترز" ، خطوة البنك المركزي المصري بتعويم الجنيه، خطوة إيجابية للغاية.. وكالة “بلومبيرج” الأمريكية، خطوة إيجابية، وكنا نتوقعها منذ فترة طويلة .."وول ستريت جورنال" الأمريكية، مصر اضطرت لتلك الخطوة من أجل تحسين قدرتها التنافسية.

صحيح نحن منذ سنوات نعاني من أزمة إقتصادية لكننا تحملنا وشددنا الاحزمة علي البطون لسنوات طويلة وآن الأوان لجراحة تخلصنا من المعاناة .. فأحيانا يكون الدواء مهما بلغت مرارته وسيلة الحياة الوحيدة .. ولو نظرنا إلي تجارب الدول التي عاشت تجربة تحرير العملة سنجد بعضها نجح لأن القرارات تم تنفيذها بحسم والبعض فشل حيث سيطر التجار واصحاب المصالح وفرضوا ارادتهم علي الدول ففشلت اقتصاديا ومازالت تعاني.

في كازاخستان قرر صانعو السياسات في 20 أغسطس 2015 موازاة عملتهم بالصين وروسيا التي خفضت عملتها ، وهما جيرانها وأكبر شركائها التجاريين، وتراجعت عملتها "تينج" 42% ..وبعد تعويم العملة اضطر البنك المركزي هناك لإنفاق 1.7 مليار دولار على الأقل، أو 6% من الاحتياطيات، لضمان سلاسة التقلبات في العملة التي تعتبر الأكثر تقلبا في العالم ..وبعد مرور عام، استقر التينج، وارتفعت احتياطيات العملة الأجنبية إلى 13% أي إلى 31 مليار دولار.

الرئيس الأرجنتيني موريسيو أزال الدعم على البيسو 17 ديسمبر 2015، في إطار جزء من الإصلاح الاقتصادي الشامل الذي يهدف إلى جذب الاستثمارات، والقضاء تدريجيا على ضعف النمو ونقص الدولارات والنتيجة تراجعت العملة 27% في اليوم الأول للتعويم، وتباطأت معدلات الاستهلاك، وجدد المستثمرون ثقتهم في الأرجنتين هذه السنة بمبيعات السندات الدولية في حين أن استخدام التبادل في السوق السوداء أصبح أكثر انخفاضا ولكنني أري اصرارا عند متخذي القرار في مصر علي فرض ارادة الدولة وتحقيق النجاح .. حتي أن الخبراء العالميين أكدوا لو أن دولة مثل اليونان اتخذت مثل تلك القرارات التي نتخذها في مصر لأصبحت أحسن حالا.

نعم نحن نعاني وسنواجه صعوبات ونمر بمرحلة قاسية خاصة بعد رفع أسعار البنزين والسولار وهي بمثابة تبعات وآثار لـ "تعويم الجنيه" ولكن علينا التحمل والمثابرة مهما كانت الظروف فهو قرار إيجابي كما يؤكد الخبراء وكان يجب تطبيقه من فترة طويلة.

فمصر تعد أقل دول العالم في أسعار الوقود .. ولسنا الدولة الوحيدة التي رفعت أسعار الوقود.. فهناك دول مثل الإمارات رفعت أسعارها بنسبة 35 % بعد ارتفاع الأسعار عالميا ..والسعودية والكويت والبحرين وسلطنه عمان وتونس ولبنان والجزائر ايضا رفعت اسعار المحروقات علي الرغم من ان بعضها من أكبر الدول المنتجة للبترول.

لقد تم اتخاذ القرار الصعب .. بيد ثابتة غير مرتعشة ومعه حزمة من القرارات لحماية محدودي الدخل..وهي أولي خطوات النجاح وأهمها صرف العلاوة الدورية للعاملين في الجهاز الإداري للدولة بأثر رجعي اعتبارًا من 1/7/2016..وتوفير 1.8 مليار دولار لإستيراد السلع الرئيسية وتكوين إحتياطٍ إستراتيجي منها لمدة ستة أشهر وزيادة قيمة الدعم المخصص لكل فرد على البطاقة التموينية شهريًا ، وزيادة المستفيدين من برنامج "تكافل وكرامة" من مليون أسرة إلى مليون و700 ألف أسرة بنهاية 30/6/2017، بالإضافة الي اجراءات تيسير الاستثمارات المحلية والأجنبية ودعم الفلاح المصري كلها قرارات ستؤدي الي نتائج جيدة خلال الفترة المقبلة.

لقد أصابت مصر امراض إقتصادية لا شفاء منها الا بعلاج قد يراه البعض اشد مرارة من المرض نفسه.. لكنه الحل الوحيد حتي لا نظل نعاني نحن وابناؤنا وحتي لا يستشري المرض ويصبح داء مزمنا بلا علاج؛ ولابد أن نري تجارب الدول التي سبقتنا في الاصلاح الاقتصادي حتي نستطيع تقييم أنفسنا .. وساعتها نقدر نختار مكانة مصر بقدر مجهودنا وتحدينا وصبرنا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط