الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مواجهة الحقيقة


المريض مصاب بأورام قاتلة من رأسه لقدميه، وشارف على الموت ، قرر كبير الجراحين أن يطرحه أرضا ويبدأ عمليات تشريح المخ وفتح الصدر والبطن، وبلا تخدير ، وهو السبيل الوحيد والأمل اليتيم للنجاة.

صحيح المريض به كل الأمراض المزمنة والتي بدأت مع بداية العصر الحديث عقب فترة محمد علي باشا والجهاز الحكومي هو هو يتطور ويتأقلم تأقلم بيروقراطي روتيني ويستوعب كل العصور والأنظمة، وهناك من الدارسين من يعود بتسلسل تاريخ هذا الجهاز المقيت لعهد الفراعنة.

 وأنه تعامل مع مختلف الأسرات الملكية والمحتلين المختلفين وكان يتمثل في فئة الكهنة الذين استقبلوا المحتل الأسكندر الأكبر ومنحوه لقب ابن آمون .. ذلك الجهاز الذي يصل الآن لنحو ٦ ملايين موظف بيروقراطي روتيني ...ورم متضخم ومستفحل حتى صار أكبر من الجسد ، كيف تتم إزالته؟

الكرة في ملعب الشعب ، هل يقبل الشعب مخاطرة رئيسه الذي قرر فجأة أن يخوض بشعبه غمار البحر الهائج، وهل يعجب الشعب بهذه الجرأة والشجاعة، في مواجهة المشكلات التي لم يجرؤ أحد على مجرد التفكير فيها سابقا.

الحكاية أشبه برب أسرة وارداته ١٠٠٠ جنيه ومصاريف بيته ١٥٠٠ جنيه شهريا ، ويعوض هذا الفارق بالسلف والدين وقد استمر في ذلك شهورا وما زاد الأمر صعوبة هو زيادة المصاريف.

الحل لا يمكن بأي حال من الأحوال سوى بتقليص النفقات والسعي لزيادة الواردات. وإلا ستنهار الأسرة إنهيارا كاملا ...الحقيقة التي لا يقولها أحد هو استحالة استمرار الأوضاع كما كانت مصاريف أعلى من الواردات والديون تتراكم فوق الديون.

الكلام عن علاج الخلل في منظومة الدعم وأنها تصل لنحو ٢٥٠ مليار جنيه سنويا وتفاصيل ذلك وكيف تتم سرقته واستغلاله سيبدو حديثا غير مقبول ، ولكن الصراحة هي أنه مستحيل الاستمرار في ذلك وإلا سنكون كمن يغمض عينيه متعمدا عن الحقيقة.

وكذلك حكاية تعويم الجنيه وهي ضرورة اقتصادية للبلد تفيد في جذب الاستثمارات ومنح قدرة تنافسية للصادرات المصرية ..وما صاحب ذلك من خطوات جريئة منها الاتفاق مع الصين على استخدام العملات المحلية في التبادل التجاري وهناك اتفاق شبيه مع روسيا وهو ما سيساعد في استقرار سعر الجنيه مقابل الدولار.

طبعا آلام الجراحة كلها ستقع على الشعب ، وليس أمامه سوى التحمل والاحتمال ،وليس هذا وضعا أمام الأمر الواقع بقدر ما هو وقوفا أمام الحقيقة ومواجهة المشكلة بدون هروب منها أو التفاف حولها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط