الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قناص من "داعش" يعرقل تقدم الأكراد في بلدة عراقية

صدى البلد

كانت قوات البشمركة الكردية التي اقتحمت بلدة خاضعة لتنظيم "داعش" الارهابي في شمال العراق على ثقة بأنها ستبسط سيطرتها عليها سريعا.

ثم بدأ أحد أفراد القناصة التابعين لـ"داعش" يطلق النار من مبنى يكتسي باللون الأحمر.

وكان القناص يطلق النار كل خمس دقائق تقريبا على القوات الكردية والقوات الخاصة الأمريكية المرافقة لها مما أعاق أي تقدم لقافلتهم المؤلفة من 40 عربة.

ويبرز ما تكشف في ساعات مدى الصعوبات التي ستواجهها القوات العراقية في المعركة من أجل السيطرة على مدينة الموصل الكبيرة والتي تبعد نحو 15 كيلومترا إلى الجنوب الغربي.

ويقول مسؤولون كبار بالمخابرات الكردية إن "داعش" التي أرسلت موجات من الانتحاريين بسيارات ملغومة لإبطاء تقدم الجيش إلى مشارف المدينة ستبدي شراسة مماثلة في الأزقة الضيقة بالمدينة حيث نشرت عددا كبيرا من القناصة.

وفي شوارع بعشيقة استطاعت القوات الكردية والقوات الأمريكية الداعمة لها حشد مجموعة هائلة من العتاد المسلح. واصطفت مركبات أمريكية مدرعة مضادة للكمائن والألغام ومزودة بأسلحة رشاشة عيار 50 ملليمترا تعمل بالكمبيوتر في الشارع على مقربة من القناص.

ودرست القوات الخاصة الأمريكية -التي تحمل بنادق قناصة متطورة وبحوزتها تكنولوجيا متقدمة- الموقف بعناية في الوقت الذي كان يدوي فيه أزيز الأعيرة النارية وترتد من المباني.

وكان مقاتل من البشمركة يقف أمامهم في الجهة المقابلة من الشارع ممسكا بسلاح رشاش ويلف وسطه بألف رصاصة.

وقال ضابط من البشمركة يدعى رشيد حجي روستا "أبلغت رجالي بالتقدم للإمساك بهؤلاء الكلاب." ورغم هذا التظاهر بالشجاعة لم يبد أن هناك حلا في الأفق.

وكان القناص يطلق كل عشر دقائق تقريبا عدة دفعات من الأعيرة النارية باتجاههم. وشوهد مقاتل من "داعش" من على مسافة وهو يركض بين المنازل حاملا بندقية آلية من طراز إيه كيه-47.

ورد الأمريكيون بإطلاق النار من أسلحتهم الرشاشة المحمولة على المركبات المدرعة المضادة للكمائن والألغام. وشوهدت الأعيرة النارية وهي تصيب شرفة المبنى الأحمر. ورد القناص بإطلاق النار وكانت كل طلقة تحمل رسالة مفادها "لم تتمكنوا من اصطيادي".

وكان وميض أحمر يظهر من فوهة بندقية القناص في كل مره يطلق فيها النار. وفي لحظة ما قفز ثلاثة من أفراد القوات الخاصة الأمريكية جانبا عندما مرت الأعيرة النارية بالقرب منهم.

كان المسلحون الأكراد يخططون للهجوم على بعشيقة منذ أسابيع. وفي ذلك الوقت نفذ مسلحون من "داعش" هجمات انتحارية ضد قاعدتهم المؤقتة التي تقع على مقربة.

وفي وقت مبكر اليوم وبعد أيام من إزالة القنابل من المناطق القريبة دخلت قوات البشمركة الكردية بعشيقة. وبعد ساعة من دخول البلدة التي تقع على سهل عند سفح أحد الجبال انفجرت سيارتان ملغومتان قرب قافلتهم لتتصاعد أعمدة الدخان الأبيض على مسافة 15 مترا.

ولم يصب أحد في التفجيرين لكن تبدد أي إحساس بالارتياح نتيجة تزايد التوتر الذي أحدثه القناص.

وبالإضافة إلى دفعات الأعيرة النارية التي انطلقت من المركبات المدرعة جرى أيضا إطلاق قذائف موجهة نحو المبنى الذي يتحصن فيه القناص. واستُهدفت أيضا الأبنية المجاورة بعد أن شوهدت أعيرة نارية تنطلق منها.

ولم يتضح ما إذا كان هناك رفاق مع القناص أو أنه يتحرك من مبنى إلى الآخر عبر أنفاق تحت الأرض يقول المسؤولون الأكراد إن المتشددين يستخدمونها عندما يتعرضون لضغوط شديدة.

واجتاح تنظيم "داعش" المتشدد شمال العراق في 2014 واستولى على الموصل وعلى بلدات وقرى مثل بعشيقة حيث فرض فكره المتشدد من خلال استخدام القوة الوحشية.

ولم تبد القوات العراقية مقاومة تذكر آنذاك لكنها تمكنت في الآونة الأخيرة مع الأكراد من استعادة عشرات القرى من "داعش".

وتحقيق النصر في الموصل سيضعف المتشددين ويمنح القوات العراقية مصداقية تحتاج إليها بشدة. وسيتحتم عليها لتحقيق ذلك التحلي بالصبر للقضاء على عدد من قناصة "داعش" يفوق عددهم المنتشر في بعشيقة.

ويقول المسؤولون الأكراد والعراقيون إن المتشددين استعانوا بقناصة على درجة عالية من المهارة من مناطق صراعات مثل الشيشان.

وبدا في لحظة ما وكأن القناص قد تم إسكاته. لكن انطلقت أعيرة نارية من اتجاه آخر مما جعل أحد القناصة الأمريكيين يصيح قائلا "إنه (الرصاص) قادم من المبنى الأخضر." وقال زميل له على مقربة "أبلغ ستيف بأننا نحتاج إلى القذائف."

وفي حين أظهر الأمريكيون إحساسا بالعجلة حيث ربضوا قرب المباني في محاولة لاكتشاف خط مباشر لنيران القناص فقد جلس اثنان من المقاتلين الأكراد بهدوء في الشارع الذي تعرض لإطلاق النار ليتناولوا الطعام.

وعلى مسافة قريبة انشغل مقاتل كردي أخر بغلاية شاي سوداء غافلا عن قذائف المدفعية التي تطلق نحو القناص.

وفي النهاية نفد على ما يبدو صبر قوات البشمركة والقوات الخاصة الأمريكية من لعبة القط والفأر وتم توجيه ثلاث ضربات جوية للمنازل التي كان يتحرك منها القناص.