الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صناعة الثقافة السوداء !!


ولأن الشعب المصرى معروف بعاطفته السياسية والاجتماعية , فيستطيع أصحاب الرؤى السوداء أن "ينكدوا " عليه فى الصباح والمساء ليكون المزاج السائد لدى العامة هو المزاج السوداوى الذى يقضى على البهجة والفرحة، ويصبح الحزن هو الحالة الأكثر انتشارا عند العامة , حتى إذا فرحوا أيقنوا بأن مصيبة قادمة لا محالة , وكأن الشعب المصرى مخترق " بالنكد " فلا يستطيع أن يفرح لأن لحظة الفرح قد تعقبها لحظة حزن , تلك هى الثقافة السوداء التى تربينا عليها , وبات تغييرها صعب للغاية , ولكنه ليس مستحيلا.

ويجب علينا أن نعترف أن الفترة التى نعيشها صعبة للغاية , وخاصة أنها فترة إعادة بناء ما تم هدمه على مدار العقود الخمسة الماضية , وقد يتأثر غالبية الشعب هذه الفترة بالقرارات الاقتصادية الإصلاحية الصعبة التى قد تجعل البعض يشعر بالقهر المعيشى وعدم الرضا عن مجمل أحوال المعيشة , وفقدان الأمل فى المستقبل , ذلك لأن أصحاب الرؤى السياسية المختلفة " دون تخوين " , استطاعوا بشكل أو بآخر أن يبثوا فى نفوس البسطاء العامة ذلك الإحساس بأن القادم أسوأ لا محالة , وهذا غير منطقى بالمرة .

فأصحاب الرؤى السوداوية من المختلفين والمتفقين سياسيا مع النظام الحالى , يعتبرون أن الرضوخ لحزمة الإصلاحات السياسية الأخيرة جهلا واستسلاما , وفسادا وإفسادا , مبررين رؤيتهم بالخطأ والصواب , مدركين كذبتهم التى أطلقوها واعتبروا أنها الحقيقة المجردة وصدقوا أنفسهم .

والسؤال الذى يُلح على رأسى , هل كان من الضرورى القيام بعملية الإصلاح الاقتصادى ؟ ... نعم من الضرورى القيام بتلك العملية بكل مراحلها , لأن عملية الإصلاح ليست ضرورة فقط , بل تعتبر المخرج الوحيد والمنقذ الوحيد للدولة فى ظل كل ما تعانيه من أمراض اقتصادية واجتماعية , وهناك أمثلة كثيرة من الدول ومنها المكسيك والبرازيل وتركيا والأرجنتين وسنغافورة وكوريا الجنوبية , حينما قام صندوق النقد عام 1980 بالتدخل لإقراض تلك الدول فى ظل برنامج اقتصادى محدد لها .

وحينما ندرك أن السياسات التى تم انتهاجها منذ سبعينيات القرن الماضى , هى منَ أحدثت زلازل كثيرة فى جميع هياكل الاقتصاد المصرى , بالإضافة الى تدهور الصادرات المصرية , وما نتج عنها من مشكلات اقتصادية كبيرة, فلا يوجد أى مسلك غير الإصلاح الاقتصادى بحزمة القرارات التى اتخذتها الحكومة فى الفترة الأخيرة , وللأسف الشديد يصورها البعض على أنها بداية الخراب لمصر , مما أدى الى ظهور الحالة التشاؤمية عند أغلبية الشعب, الذى سيتأثر لا محالة فى الفترة الحالية بتلك القرارات , والتى لم يكن هناك خيار آخر بديلا عنها للنهوض بالدولة.

للأسف الشديد إذا بقينا على هذه الحالة من العنف السياسى الذى يجعل أصحاب الرؤى السياسية الصحيحة أو الخاطئة يخونون منَ يختلفون معهم سنصبح أشلاء بجانب المآسى والفوضى والخراب الإقتصادى , وسنصل الى مستويات خطيرة قد تنتهى بحروب لا تنتهى.

دعونا نعمل بجد واجتهاد وأمانة لاستعادة الوطن من جديد , ولنكون نموذجا للدولة القائدة التى لن يكون لها وجود إلا بمزيد من الجهد , وتحفيز النمو الاقتصادى من خلال وضع رؤى مستقبلية , تضمن سلامة بقاء الأجيال القادمة والحالية معا , ويجب على الحكومة هى الأخرى التخلى عن السياسات العقيمة والروتين الذى قد يعقد الأمور أكثر من اللازم , وعليها أن تعمل من أجل حماية المستهلك ومحاربة الاحتكارات الاقتصادية التى أدت الى ارتفاع الأسعار بصورة جنونية , بالاضافة الى ضمان الخدمات الأساسية للفقراء.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط