الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الرضا و التفاؤل معين لكبوتنا


تتوالى الأحداث وتتلاحق الصعاب ولايزال الفرد في مجتمعنا ما بين التأييد و المعارض، ما بين الثبات والترنح، ما بين الإقبال و الإدبار، ما بين التفاؤل و التشاؤم، هذه الحياة وهذه الدورة الطبيعية في تعاقبها و تقلبها، و ليس على الفرد إلا إدراك الآمال و نيل الرضا في الدنيا، و في ظني أنه مفتاح السعادة في الحياة الدنيا، و إذا امتد بنا طرف الحديث عن التفاؤل والتشاؤم فمن الأولي أن نستعين بمدد من تراثنا الإسلامي الذي لا أخاله ترك موضوعا أو فكرة إلا و قد أدلى بدلوه فيها

فهذا قول رسول الله (ص) : ( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا و اعمل لأخرتك كأنك تموت غدا ) عبارة داعية إلى استغلال الوقت أفضل الاستغلال ، لأن الوقت فرع هام من فروع العبادة و الطاعة ، سواء كان عملا مختص بالدنيا و استغلالها ، أو عملا ييسر الوصول إلى الجنة و نعيمها ، إن البحث عن السعادة و الرضا ركن أصيل من أركان التعبد والطاعة لما اشتملت عليها العبادة من بواعث تسعد النفس البشرية وتجعلها راضية بالقليل و تكثره في النفوس، و لا شك أن الدنيا و طلاسمها و أحداثها في آن حوت بين طياتها من نوكب الدهر ما هو كفيل بالتشاؤم والإحباط ، غير أن النفس البشرية الفطنة هي القادرة وحدها على تخطي النواكب المحيلة من الألم و الحزن إلى السعادة و الفرحة .

 و لعل هذا ما جعلني استعيد بعضا مما ذكره ابن القيم في هذا الصدد، و لعلها تكون خير راد لبعض المدعين على الإمام : لا تفسد عقلك بالتشاؤم، لا تفسد فرحتك بالقلق، لا تفسد نجاحك بالغرور ....لا تفسد يومك بالنظر إلى الأمس ، لا تفسد تفاؤل الآخرين بإحباطهم .

عبارات تحمل بين طياتها الدعوة إلى التفاؤل ونبذ التشاؤم... هكذا كانت دعوة مفكري الإسلام الذين نالوا من الظلم والتجريح ما نالوا.

إذا تأملت عزيزي المواطن بحالك لوجدت أن الله أعطاك أشياءً دون أن تطلبها ففي كل آية من آيات الوجود الحلو منها والمرير يجبرك أن تثق في كون الله – سبحانه و تعالى – لم يمنع عنك حاجة رغبتها إلا و كانت لصالحك
فيا صاحب الآمال الفسيحة التي أحالتها عنك مصائب الدهر لازالت الآمال ممكنة والأحلام أبوابها مفتحة .

و يا من رغبت في كرم المعز و معفرته؛ فمن الممكن أن تنام و أبواب الجنة تفتح لك؛ بسبب أدعية دعيت لك بالنيابة عنك ، ربما كان من شخص فقير ساعدته بالماضي أو شخص حزين أسعدته أو شخص عابر ابتسمت له أو شخص مكروب نفست عنه فلا تستهر أبدا بفعل الخير.

وروي أن أحد السلف الصالح قال : ( إني أدعو الله في حاجة أريدها إذا أعطاني إياها فرحت بها مرة و إذا لم يعطني إياها إذا أنا فرح " عشرات المرات " لأن الأولى كانت خياري و الثانية كانت اختيار الله).

فلا تستعجل نعيما أملته و لا تستبطئ خيرا انتظرته ، لأنه قد يكون الله – سبحانه و تعالى – قد أدخر لك خيرا أن لست بمدركه، وهذا قول الحق – سبحانه – في حديثه القدسي : " ... يا ابن آدم لا تسألني عن رزق غد ؛ طالما لا أسألك عن عمل غد ..."

وروي أن ابن سعد رحمه الله، قال: الحياة قصيرة فلا تقصرها بالقلق و الهم و الغم و الحزن لذلك كان صاحب قلب يتنفس بالسعادة و الرضا .

الله يجعل أوقاتكم سعيدة ، و الله يغفر لنا جميعا، فانظر إلى الحياة بعين الجمال حتى تنعم بجمالها ولو أفردك بكفورها.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط