الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

م. نبيل كمال يكتب: رسالة إلى خطيب الجمعة

صدى البلد

أكتب إليك رسالتي هذه حيث تملؤني طاقة سلبية تقاس بالتيرا وات من جراء موضوعاتكم التى تتناولونها من جهة، ومن طريقة تناولكم لها من جهة أخرى، فحقا قد بلغ مني السيل الزبى، فلا الوقت وقتها وﻻ أنتم تستغلون منافع ما تتناولون ﻹدراك واقعنا الذى نعيش فيه.

لطالما سمعت منكم منذ كنت صغيرا بل صغيرا جدا عن هجرة الرسول وما فيها من شجاعة سيدنا علي بن أبى طالب وكيف نام في فراش النبي ولم يهب الموت فدية وافتداءً لرسول الله، وعن قوة تحمل السيدة أسماء بنت أبى بكر وشجاعتها فى حملها الطعام للنبي وأبيها. 

وعن مدى صدق الصديق وحبه لرسول الله، وعن اﻷخذ باﻷسباب.. إلى آخر ما سمعت، ولست معترضا على أن نستفيد من الهجرة والغزوات وحياة النبي فى مكة والمدينة فإذا لم نستفد من ذلك فمن ماذا نستفيد إذًا.

ولكن الذى أرفضه هو تسطيح الوعي العام لنا بكل هذا، فتنقلب الفائدة إلى ضرر، وتحدث الفرقة والهوة بين ما نعيشه وبين الموروث المحمدي، وتحويل رصيدنا المحمدي إلى كلام مرسل مما لا يبعث فى نفوسنا اشتياقا إلى سماعك وﻻ يدفعنا إﻻ إلى النوم أمام عينيك وأنت بالتأكيد ترانا ونحن نستيقظ على صوت المؤذن مقيما للصلاة.

ومن جراء هذا نذهب لمنازلنا وأعمالنا لننام أيضا، ولكن هذه المرة نستيقظ على صوت صاروخ أمريكي إسرائيلي متجه لاكتشاف الفضاء وأسراره بعد أن فرغ من اكتشاف أسرار اﻷرض.

يا سيدى الشيخ نحن أتينا إلى هنا لنجد فى خطبتك شحنة إيمانية نستطيع بها أن نرفض الفساد المستشري فى هذا البلد وأن نخاف الرشوة خوف الفطين الذى يعلم أنه سيسعد مؤقتا بها ولكنها ستكون وباﻻ عليه يوم ﻻ ينفع مال وﻻ بنون، وأن نرفض الظلم دون خوف العواقب ﻷنها مهما كانت لن تكون أقسى من عاقبة السكوت عنه. 

كيف يحدث كل هذا لنا ونحن نجلس أمامك فلا نجد لغة تبعث فينا راحة داخلية وﻻ معنى يجعلنا حاضرين معك منصتين إليك ترنو قلوبنا إلى الخشوع فى حضرتك، يا سيدى الشيخ متى أسمعك تتحدث عالي الصوت جاعلا عنوان خطبتك "كيف أصبحنا ذيلا للأمم؟، وكم تتسع الفجوة والمسافة بين الذيل والرأس؟ وما علاقة ذلك بعلاقتنا مع الله؟ ومدى حساسية اﻹنصات حينما يتحدث الضمير؟".

يا سيدى الشيخ كف عن التلقي والسرد وتحدث عن مشاكلنا العصرية، واربط بين واقعنا المخزي وبين موروثنا المحمدي الثري المشرف وبين مستقبلنا الذى تأخر كثيرا.