الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حينما تفسد الملائكة


ماذا نفعل حينما يسرق الطبيب -ملاك الرحمة- أعضاء المرضى والموتى وربما قتلهم مقابل الأموال؟ ولماذا فسد الملاك؟ فسد لأن كل شيء فاسد.

بدءا من الأعضاء البشرية إلى حبة القمح، مرورا بأراض الدولة، وأموال الدولة.. مصر المنهوبة ترقد تحت جبل من الفساد.

الفساد في مصر لم يعد يكفي لوصفه كلمات مثل، الفساد متجزر، الفساد منتشر، والفساد متوغل، التوصيف الصحيح يحتاج لصياغة جديدة، قد تعجز عنها الكلمات والمصطلحات.

انحدرنا من مرحلة الفساد منتشر لمرحلة إنك لو رفعت أي حجر في مصر ستجد تحته فساد، إلى فترة الفساد فوق الحجر وتحته، إلى فساد الحجر نفسه.

انتشار الفساد وصل لدرجة أنه هو نظام الحياة، الرشوة والسرقة والاختلاس والاحتكار والمبالغة في الأرباح، لا يخلو جانب واحد منها، ومن لا يسرق أو يمارس الفساد بطريقة ما لا يستطيع الحياة.

المشكلة وصلت لدرجة -وحسب معلومات عن تقارير رفعت للقيادات العليا- أن الفساد أصبح في منظومات عنقودية تنتظم في سلاسل لا نهاية لها، وهذه العناقيد المتسلسلة تتشابك وتتداخل مع عناقيد أخرى في سلاسل أخرى في جهات أخرى.

وأصبحت الكارثة أن فتح أي ملف سيجر وراءه الكثير من الملفات وسلاسل المتورطين.. ستمتد إلى ما لا نهاية وستجلب معها سلاسل أخرى، وأن فتح ملف واحد كفيل بأن يضع الدولة في مأزق أمام قائمة قد تصل لآلاف من المتورطين في قضية واحدة، وهو ما يهدد بمواجهة ملايين المتورطين في النهاية.

إذن ما العمل؟ لم يعد في الإمكان ترك الفساد جانبا، وليس في الإمكان أيضا مواجهته بشكل كامل وحاسم، وتركه جانبا يعني فشل كل الخطط والمشروعات وتجويع الشعب وسرقة أعضائه البشرية، وتسميمه بالأغذية الفاسدة، والمواجهة تعني الدخول في صدام كبير مع جهاز إداري متوحش ورأسمال أشد توحشا، ولا أحد من اللصوص يرحم أو لديه شفقة.

القرار جاء بالمواجهة، وتم ضبط مرتشين في قطاعات كان يتم السكوت عنها، سقط رجال شرطة وقضاء، وضبط موردي قمح، ولصوص في السلع التموينية، وأخيرا أطباء يسرقون أعضاء المرضى، وفاسدين في السلع الغذائية المصنعة.

السؤال الآن، هل الدولة أو بالأحرى النظام لديه رغبة حقيقية في المواجهة؟ والجواب نعم، فلا مفر وإلا الفشل والانهيار الكامل سيكون خلال شهور، والفرصة الوحيدة هي المواجهة ولحين إدراك الشعب الحقيقة فسوف يلتف حول النظام في تلك المواجهة.

الأسلوب هو اتباع مواجهة محسوبة، فتح الملفات المسكوت عنها، مثل القمح وغيره من فساد في السلع، وكل السلع بدءا من الأسعار والجودة وانتهاء بشروط السلامة، والاحتكار والتوريد والاستيراد والتصدير، وضبط قاض مرتشي لم يكن صدفة، وضبط شبكة اتجار في الأعضاء البشرية لم يأتي ضربة حظ.

كل هذه ملفات كانت تترك جانبا منذ سنوات، إما لفساد يصل لأعلى، أو لحجة باطلة "الحفاظ على هيبة وسمعة جهاز أو قطاع معين"، وإما خليها ماشية زي ما هي ماشية، ولم يعد هناك جانب خالي ليترك فيه أي شيء، النظام الآن يواجه الفساد، وهناك مزيد من الملفات المعدة للفتح.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط