الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الإرهاب يشوه صورة الإسلام بتفسيرات خاطئة للقرآن الكريم.. أفعال المتطرفين إفساد في الأرض وليست جهادًا.. محمد نبي الرحمة ورسالته تدعو للتعايش وحماية غير المسلمين

صدى البلد

المفتي:
ما يفعل الإرهابيون فساد في الأرض وليس جهادًا
رئيس الفتوى السابق:
ضحايا الإرهاب غير المسلمين يحشرون مع الصالحين من أهل دينهم
نادية عمارة:
ضحايا تفجير الكنيسة «شهداء» تأدبا مع الحدث


يرتكب الإرهابيون إجرامهم لفهمهم الخاطئ للنصوص الدينية منها آيات قرآنية أو أحاديث نبوية، أو آراء فقهية لبعض المتشددين، وشغلت قضية الجهاد حيزًا كبيرًا في فكر المتشددين دينيًا، حيث يرون قتال غير المسلم بحجة أنه كافر ولا يدفع الجزية.

ويشوهون الإرهابيون يومًا صورة الإسلام، بأفعالهم الإجرامية، ومنها ما حدث الأحد الماضي من تفجير خسيس استهدف الكنيسة البطرسية بالعباسية، مما أسفر عن مقتل 25 وإصابة 70.

فالإسلام براء من الإجرائم الإرهابية، لأنه دين رحمة، ونبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- أرسله الله تعالى حرمة للعاملين، وأمر الدين الحنيف بالتعايش مع غير المسلمين وحمايتهم وعدم إكراههم على الدين، وجعل الدفاع عنهم واجب، وورد ذلك في آيات عدة، منها قول الله تعالى «لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ» سورة الكافرون الآية 6، وقوله تعالى: «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ» سورة البقرة الآية 256.

ليس جهادًا
أكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، أن ما يقوم به الإرهابيون في مصر وغيرها من حملات تخريب لمنشآت الدولة وقتل موجه لرجال الجيش والشرطة والمدنيين ودور العبادة تحت دعوى الجهاد في سبيل الله، هو في الحقيقة إرجافٌ وإفساد في الأرض وليس جهادًا كما يدعون زورا وبهتانا.

ووصف مفتي الجمهورية، هؤلاء المتطرفين بـ "البغاة" والخوارج، مشددًا على أن ولاة أمور المسلمين عليهم التصدي لهؤلاء المتطرفين الإرهابيين بما يكسر شوكتهم ويستأصل شرهم.

مفهوم الجهاد في سبيل الله
وأوضح أن "الجهاد في سبيل الله" هو مفهوم إسلامي نبيل له دلالته الواسعة في الإسلام؛ فهو يطلق على مجاهدة النفس والهوى والشيطان، ويطلق على قتال العدو الذي يُراد به دفعُ العدوان وردعُ الطغيان، وهذا النوع من الجهاد له شروطه التي لا يصح إلا بها، ويعود أمر تنظيمها إلى ولاة الأمور والساسة الذين ولَّاهم اللهُ تعالى أمرَ البلاد والعباد وجعلهم أقدر من غيرهم على معرفة مآلات هذه القرارات المصيرية.

واعتبر مفتي الجمهورية أن ما تروج له الجماعات المتطرفة والإرهابية إنما هو "إرجاف" وإفساد وليس جهادًا، و"الإرجاف" مصطلح قرآني ذكره الله تعالى في قوله سبحانه: «لَئِن لَمْ يَنْتَهِ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالمُرْجِفُونَ فِي المَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا» [الأحزاب: 60-62].

وأضاف أن الإرجاف يعني كذلك إثارة الفتن والاضطرابات والقلاقل باستحلال الدماء والأموال بين أبناء المجتمع الواحد تحت دعاوى مختلفة منها: التكفير للحاكم أو للدولة أو لطوائف معينة من الناس، ومنها استحلال دماء المسلمين تحت دعوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو استحلال دماء غير المسلمين في بلادهم أو أولئك الذين دخلوا البلاد الإسلامية بدعوى أن دولهم تحارب الإسلام، إلى آخر ذلك من دعاوى الإرجاف التي يسولها الشيطان للمرجفين، والتي كان بعضها سببًا لظهور الخوارج في زمن الصحابة ومن جاء بعدهم وشبهًا يبررون بها إفسادهم في الأرض وسفكهم للدماء المحرمة.

أفعال الإرهابيين من كبائر الذنوب
وقال مفتي الجمهورية: "إن هذه الأفعال التي يفعلها المتطرفون باسم الجهاد والدعوة إليه تعد من كبائر الذنوب؛ لأنها سفك للدم الحرام وقتل لنفوس الأبرياء من المسلمين وغير المسلمين التي حرم الله تعالى قتلها إلا بالحق، وقد عظَّم الشرع الشريف دم المسلم ورهَّب ترهيبًا شديدًا من إراقته أو المساس به بلا حق؛ قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 93]، وروى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم»، كما حرم الله قتل النفس مطلَقًا بغير حق فقال عز وجل: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الأنعام: 151]، بل جعل الله تعالى قتل النفس -مسلمة أو غير مسلمة- بغير حق قتلًا للناس جميعًا، فقال سبحانه: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32]."

وشدد مفتي الديار المصرية، على أن ما تفعله هذه التنظيمات من أفعال التخريب والقتل التي أفرزتها مناهج الإرجاف الضالة حرامٌ شرعًا، وهو من أشد أنواع البغي والفساد الذي جاء الشرع بصده ودفعه بل وقتال أصحابه إن لم يرتدعوا عن إيذائهم للمسلمين ولغير المسلمين مواطنين ومستأمنين، وأن تسمية أفعالهم هذه جهادًا ما هو إلا تدليس وتلبيس حتى ينطلي هذا الفساد والإرجاف على ضعاف العقول، ولكنه في حقيقة الأمر بَغْيٌ في الأرض بغير الحق يُعَدُّ أصحابُه بغاةً وخوارجَ يُقاتَلون إن كانت لهم منعة وشوكة حتى يرجعوا عن بغيهم وإرجافهم.

وأوضح أن أعمال القتل والتخريب والأعمال الشنيعة المسئول عنها الإرهابيون تهدم مقاصد الشريعة الخمسة والتي أجمعت كل الملل على وجوب المحافظة عليها وهي حفظ الأديان، والنفوس، والعقول، والأعراض، والأموال.

وحذر مفتي الجمهورية من المفاسد العظيمة بأن هذه الأفاعيل الدنيئة الخارجة عن تعاليم الإسلام ونبله تزيد من ترسيخ الشائعات والاتهامات الباطلة التي يلصقها أعداء المسلمين بدين الإسلام ويريدون بها تشويه صورته مِن أنه دين همجي دموي غايته قهر الشعوب والفساد في الأرض، وهذا كله من الصد عن الله وعن دين الله.

وتابع: «وكل هذا بسبب هذه الأعمال الخرقاء التي قام بها هؤلاء الجهلة الذين لا يدرون ما يريدون ولا ما يراد بهم، ويتقحمون موارد الهلكة وهم يظنون أنهم يطبقون الشرع، وهم بذلك ينالهم نصيب من قول الله تعالى: ﴿الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ [الكهف: 104]».

وأشار علام إلى أن ما يقوله هؤلاء المتطرفون الأغرار من أن هذه الأعمال من باب الجهاد والنكاية في العدو وقد يسميها بعضهم بالغزوات فهو محض جهل ومغالطة؛ فالجهاد المشروع في الإسلام هو ما كان تحت راية وبإذن الإمام، وإلا لآل الأمر للفوضى وإلى إراقة الدماء بغير حق بحجة الجهاد، والجهاد في الإسلام إنما هو لتحقيق غاية الدفاع عن المسلمين والأوطان، قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة: 190].

وأضاف: أما هؤلاء المرجفون يقتلون المسلمين ويشردونهم بأضعاف ما يفعل الأعداء بهم، فهم لم يدفعوا بما ادَّعَوْه مِن جهاد عن المسلمين عدوًّا، بل جرُّوا عداوة الأمم على المسلمين واستعْدَوْهم عليهم، وزادوا الأمةَ بما يفعلونه ضَعفًا.

حماية غير المسلمين:
وقال الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقًا، إن حقوق الإنسان في الإسلام عديدة ومنها حق الحياة والأمن وحرية العقيدة والعبادة، وحرية الفكر والرأي، ومنها العدل والمساواة، وحق العلم والتعلم، ثم حق العمل والملكية.

وأضاف الأطرش أن حماية غير المسلمين واجبة دون أدنى شك ما داموا يقيمون على أرضنا ويأكلون ويشربون معنا وعليهم ما علينا ولهم مالنا، وطالما أنهم يخدمون في الجيش الذي يدافع عن أرض الوطن.

وأشار رئيس الفتوى السابق، إلى أن خدمة غير المسلمين في صفوف الجيش رأى العلماء أنها تسقط معها دفع الجزية، لافتًا إلى أنه مادام كل مسلم مأمورًا أن يؤمن بجميع الرسل السابقين وبجميع الكتب السماوية، فلا يكون لديه تعصب، ولا كراهية لدين آخر أو نبي أو رسول، ولا كراهية ولا حقد على أحد من أتباع الأديان الأخرى.

يحشرون مع الصالحين:

ولفت الشيخ عبد الحميد الأطرش إلى أن من مات من غير المسلمين في حادث أو عملية إرهابية أو بمرض كالمبطون فيحشر مع الصالحين من أهل دينهم.

ونوه بأن من كان غير مسلم وبينه وبين المسلمين عهدٌ أو أمانٌ أو ذمةٌ فإنه لا يجوز قتله، بل ولا يجوز الاعتداء على ماله ولا على عرضه، ولا فرق في ذلك بين المسيحي واليهودي وغيرهما.

وتابع رئيس الفتوى السابق: جاء في الصحيح من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عامًا. رواه البخاري، وفي حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل معاهدًا في غير كنهه حرم الله عليه الجنة.

هدم الكنائس حرام شرعًا:
نبهت دار الإفتاء المصرية، على أنه يحرم شرعًا هدم الكنائس أو تفجيرها أو قتل من فيها أو ترويع أهلها، مشيرة إلى أن القرآن الكريم جعل تغلُّبَ المسلمين وجهادهم لرفع الطغيان ودفع العدوان وتمكينَ الله تعالى لهم في الأرض سببًا في حفظ دور العبادة من الهدم، وضمانًا لأمنها وسلامة أصحابها.

واستشهدت بقول الله تعالى «وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ».

وألمحت دار الإفتاء إلى أن النبى صلى الله عليه وسلم كتب لأسْقُف بني الحارث بن كعب وأساقِفة نجران وكهنتهم ومَن تبعهم ورهبانهم أن "لهم على ما تحت أيديهم من قليل وكثير من بِيعهم وصلواتهم ورهبانيتهم، وجوار الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم".

ونوهت الإفتاء بأن الناظر في التاريخ يرى مصداق خبر المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، حيث رحب أقباطُ مصر بالمسلمين الفاتحين وفتحوا لهم صدورهم، وعاشوا معهم في أمان وسلام، لتصنع مصر بذلك أعمق تجربة تاريخية ناجحة من التعايش والمشاركة في الوطن الواحد بين أصحاب الأديان المختلفة، كما أن في هذه الأعمال وهذه التهديدات مخالفة لما أمر به الشرع على سبيل الوجوب من المحافظة على خمسة أشياء أجمعت كل الملل على وجوب المحافظة عليها، وهي: الأديان، والنفوس، والعقول، والأعراض، والأموال.

وبيّنت أما عن ما يقوله بعض المرجفين بأن العهد الذي كان بيننا وبينهم إنما هو عهد الذمة، وقد زال هذا العهد فلا عهد لهم عندنا، أن هذا الكلام باطلا ولا علاقة له بالإدراك والفقه، فالمواطنة مبدأ إسلامي أقرَّته الشريعة الإسلامية منذ نشأتها، وهو ما قام به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في وثيقة المدينة المنورة التي نصَّت على التعايش والمشاركة والمساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الوطن الواحد دون النظر إلى الانتماء الديني أو العرقي أو المذهبي أو أي اعتبارات أخرى، ومن ثم فهذا العقد من العقود والعهود المشروعة التي يجب الوفاء بها.

آيات تفسر خطأ لقتل غير المسلمين
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن الكثرين يفهمون خطأ معنى الجزية الوارد في قوله تعالى: «قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ» [التوبة: 29]، مشددًا على أن الإرهابيين يفسرون خطأ الآية الخامة من سورة التوبة لقتل غير المسلمين، وهي قول الله تعالى: «فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» سورة التوبة، الآية: 5.

واستطرد: أن الإسلام يحترم المعتقدات الأخرى، ووردت آيات قرآنية عديدة تأمر بالتعايش وعدم إيذاء غير المسلمين، ومنها قول الله تعالى: «لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ» سورة الكافرون الآية 6، وقوله تعالى: «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ» سورة البقرة الآية 256، موضحًا أن الألف واللام في قوله تعالى «الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ» الآية 5 سورة التوبة خاصة وليست عامة، والمقصود بها المشركون في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذين آذوه وأخرجوه من أرض، وليست هذه الآية تطبق الآن على كل من يشرك بالله تعالى، لأنها نزلت في قوم معين وهم مشركو العرب من قريش.

واستكمل: أن الآية 29 من سورة التوبة برفض الجزية لا يكون ذلك على المسيحيين، لافتًا إلى أن مسيحيي مصر بطوائفهم الخمسة لا تنطبق عليهم الآية لأنهم يؤمنون بالله تعالى وباليوم الآخر، فتسحق عنهم الجزية.

وأوضح أن الآية 29 من سورة التوبة تتحدث عن طائفة كـ«شهود يهوه» لا يتبعون المعتقدات المسيحية الأصلية، فهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر فيجب عليهم دفع الجزية -ضريبة-، مشيرًا إلى أن مسيحيي مصر يرفضون معتقدات هذه الطائفة ولم يرحبوا بوجدها في مصر.

ونبه على أن أقباط مصر ينفذون الوصايا العشر التي جاء بها سيدنا موسى عليه السلام، واتبعها سيدنا عيسى عليه السلام- وأيضا سيدنا محمد -صلى الله عليه-، ذاكرًا بعض الوصايا: «لا تقتل، لا تزن، لا تسرق، لا تشهد شهادة زور، لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ، لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ عَبْدَهُ، وَلاَ أَمَتَهُ، وَلاَ ثَوْرَهُ، وَلاَ حِمَارَهُ، وَلاَ شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ، أكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ».

وتعجب المفتي السابق، من الذين يفسرون الآيات خطأ، قائلًا: «هل من يؤمن بذلك يدفع الجزية، من يدعى ذلك يبقى كذاب».

الإسلام ليس دين سطوة:

بدروها، أكدت الدكتور عبلة الكحلاوي الداعية الإسلامية، أن الإسلام ليس دين سطوة وجبروت وسطو، لأنه جاء من نبي الرحمة -صلى الله عليه وسلم-، قائلة: نحن نعي جيدًا أنها فتنة وهذا ليس الإسلام هذه دعاوى باطلة تزيت بعباءة الإسلام، وهذا لا يخال علينا نحن المسلمين، سنعود بحول الله إلى المحجة البيضاء، وسنتبع النبي- صلى الله عليه وسلم -.

وقالت: عذرًا يا رسول الله لقد جاوز الظالمون المدي، ونسأل الله أن يحفظ مصر آمنة مطمئنة، وأن يحمي هذا البلد الطيب الذي قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا فُتِحَتْ مِصْرُ فَاسْتَوْصُوا بِالقِبْطِ خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا ».

وأضافت: وأن نعرف أن ما يحدث على الساحة ليس الإسلام الذي يريده الحق جل وعلا، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حد ثاء الأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الأَحْلامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ لا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ».

شهداء عند الله
ورأت الدكتورة نادية عمارة، الداعية الإسلامية، أنه يمكن القول على ضحايا تفجيرات الكنيسة البطرسية بالعباسية، بأنهم شهداء، مشيرة إلى أنه يمكن القول على ضحايا تفجيرات الكنيسة البطرسية بالعباسية، بأنهم شهداء من باب واحد، وهو تضميد الجراح والأدب مع هذا الحدث الكبير.

وشددت الدكتورة نادية عمارة على أن القرآن الكريم علمنا ذلك، في قوله تعالى: «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا» الآية 83 من سورة البقرة، منوهة بأنه في حال كان من باب تضميد الجراح والأدب مع هذا الحدث الكبير، فيمكن القول بأنهم شهداء، ولنجعل المسألة مفتوحة، فكلنا يرجو ثواب الشهادة، ولا إنسان يعلم مصير غيره.