الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تركيا تتحول إلى طرف أساسي في «تحالف موسكو».. وتتخلى عن «حلب» مقابل «الأكراد» وتخرج من المعادلة الأمريكية.. وصفقة لتسوية وضع سوريا

صدى البلد

- تركيا طرف أساسي في إعلان موسكو
- كيف تحولت تركيا من معسكر أمريكا إلى معسكر روسيا؟
- محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا قلبت معادلة السياسات في الشرق الأوسط
- الأكراد كلمة السر في التحول التركي


أثار تحول تركيا إلى شريك رئيسي في تحالف موسكو، جنبا إلى جنب مع إيران وروسيا وإعلان الدول الثلاثة "إعلان موسكو" لرسم خريطة مستقبل سوريا دون أي دور يسند للولايات المتحدة، الكثير من الجدل حول التحول الكبير الذي أجرته أنقرة في معسكرها من الغرب إلى الشرق، فيما يشبه طعنة في الظهر لأمريكا وحلفائها لاسيما وأنها أحد دول حلف الناتو، والتحالف الدولي لقتال داعش الذي تقوده واشنطن.

على الرغم من أن التوقعات التي تلت اغتيال السفير الروسي في أنقرة،أندريه كارلوف، بأن فصلا جديدا من الصراع سوف يندلع بين أنقرة وموسكو، بل ووصلت التوقعات إلى أنه من الممكن قيام حرب عالمية ثالثة، إلا أن روسيا خرجت في بيان لها دون ان تتحامل كثيرا على تركيا مؤكدة أن الحادث مرتبط بالإرهاب العالمي.

تركيا أيضا أبدت امتعاضها من الحادث، مؤكدة أنه مدبر لضرب التحالف القوي الوليد بين موسكو وأنقرة، وأن أطراف أخرى تحاول ان تفشل هذا التحالف الذي بات مؤثرا لاسيما في سوريا.

هذا التمسك الشديد من قبل تركيا بتحالفها مع روسيا بات يطرح العديد من الاسئلة، حول لماذا اختارت تركيا الطرف الروسي، رغم علمها أن روسيا تناصر عدوها اللدود في المنطقة، بشار الأسد؟

- إعلان موسكو وتركيا طرف أساسي فيه

خلال اجتماعات أمس في العاصمة الروسية، موسكو، خرج وزير خارجيتها، سيرجي لافروف ليؤكد أن طهران وموسكو وأنقرة مستعدة للمساعدة في التحضير لاتفاق بين حكومة الأسد والمعارضة وللعب دور الضامن.

وأضاف أن “الوزراء اتفقوا على أهمية توسيع وقف إطلاق النار وإتاحة الفرصة لإدخال المساعدات الإنسانية وتنقل المدنيين على الأراضي السورية”.

وكان وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو قد استبق “الإعلان” ورأى في أعقاب اجتماعه مع نظيريه التركي والإيراني أن “كل المحاولات السابقة للولايات المتحدة وشركائها في سبيل الاتفاق باءت بالفشل” لعدم امتلاكهم لـ”أي نفوذ حقيقي على الأرض”، وهو ما رآه المراقبون القاعدة التي ينطلق منها الموقعون لاحتكار الحل السوري، أي اتفاق من يمتلك نفوذا على الأرض.

هذا الاتفاق يدرج تركيا كشريك كامل في أي تسوية مقبلة، الأمر الذي يؤكد مدى التغير الذي طرأ في العلاقات بين روسيا وأنقرة التي قاومت حتى حادث اغتيال السفير الروسي.

- محاولة الإنقلاب الفاشلة جعلت أردوغان يميل إلى روسيا

اول الأسباب التي جعلت أردوغان يغير من معسكره من الغرب إلى الشرق يكمن في خيبة أمله في أوروبا وأمريكا بعد محاولة الإنقلاب الفاشلة واعتقاده انهما لم يدعماه بشكل كامل أمام هذا الانقلاب، بحسب صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية.

تأزم الوضع أكثر مع رفض واشنطن تسليم الداعية الإسلامي فتح الله جولن، عدو أردوغان اللدود، والذي يراه هو المدبر للإنقلاب العسكري وزعزعة الوضع الداخلي في تركيا إضافة إلى تشكيله نظام موازي داخل البلاد يفرد أذرعه في أجهزة الجيش والقضاء والتعليم وحتى المساجد والشرطة.

كل هذا يضاف إلى مماطلة الاتحاد الاوروبي في ضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي الذي كان أحد الأحلام التي بنى أردوغان عليها حلمه منذ ان وصل للسلطة في البلاد في 2003.

- دعم الغرب للأكراد

على مر تاريخ تركيا المعاصر، شكل الأكراد العدو الأول واللدود لها، بل ودخلت في العديد من الحروب خلفت آلاف القتلى من أجل إضعاف قوتهم ومنعهم من تحقيق حلمهم القائم على إقامة دولة تحت اسم "كردستان" تضم المناطق التي يعيشون فيها في العراق وسوريا وتركيا.

على الرغم من أن حلمهم ظل بعيد المنال واستطاعت تركيا أن تضعف من قوتهم على مدى السنوات، إلا أن الاضطرابات السياسية والحروب التي شهدتها المنطقة لاسيما الحرب الأهلية في سوريا، غيرت المعادلة لصالحهم وجعلت من الأكراد قوة لا يستهان بها.

وأمام تحذير تركيا المتتالي من تزايد قوة الأكراد، اتخذ الغرب موقف معاكس، وذلك من خلال تدعيم وتسليح وتدريب الأكراد في سوريا والعراق من أجل قتال تنظيم داعش، وهي الخطوة التي انتقدتها تركيا بشدة محذر من مستقبل هذه المساعدات.

وبالفعل استطاع الأكراد أن يفرضوا أنفسهم بقوة على ساحة الحرب في العراق من خلال قوات مسعود برزاني من إيربيل، وكذلك في سوريا من خلال المليشيات الكردية المسلحة وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من أمريكا التي سيطرت بالفعل على مساحات واسعة في سوريا.

هذا الدعم الأمريكي والأوروبي للأكراد، كان أحد الأسباب التي دفعت تركيا لتغيير معسكرها إلى روسيا، الطرف الأقوى الذي اثبت التزامه بوعوده خلال الفترة الماضية.

- كماشة روسية تركية حول الأكراد

لم يكن الغرب الوحيد الخاسر من التحالف التركي الروسي خلال الفترة الأخيرة، ولكن الأكراد أيضا، الذين راوا سقوط حلب كانت نتيجة صفقة بين الروس والأتراك تمت على حساب الأكراد، الذين كان لهم الفضل الأول في طرد التنظيمات المتطرفة في عدد من المدن والقرى السورية منها كوباني وعفرين في ريف حلب.

وبحسب شبكة "مونت كارلو" الدولية فإن أروغان أجرى هذا التحول كنوع من التسوية مع روسيا لوقف تمدد الأكراد في سوريا، وبالفعل ادخلت قواتها في سوريا من أجل منع الأكراد من التوسع على حساب تنظيم داعش الذي ينحسر عن الأراضي التي يسيطر عليها.

هذا التحالف جعل الأكراد يفهمون انه لا مكان لحكم ذاتي لهم على الخارطة الراهنة لدول المنطقة أو لتلك التي ترسم مجددا بعد انتهاء الحروب في سوريا أو في العراق، أو التي يشنها الجيش التركي على جولات ضد حزب العمال الكردستاني.

وبحسب الشبكة فإن أردوغان تخلى طوعا عن حلب وتركها تسقط مقابل ضمانات بعدم تمدد الأكراد في البلاد وذلك ضمن صفقة مع موسكو تقضي بعدم السماح للأكراد بإقامة منطقة حكم ذاتي في المناطق التي يسيطرون ليها بشكل متصل جغرافيا مع كردستان العراق، التي تتمتع بحكم ذاتي في العراق.