الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إلا الدواء


نستطيع أن نصبر على الجوع أو البرد.. أو ارتفاع الأسعار المُبالغ فيه وأن نمتنع عن أكل اللحوم والدجاج والفواكه.. نستطيع أن نصبر علي أشياء كثيرة.. ولكن ماذا يفعل المريض في الألم.. إلا الألم.. وإلا المرض.. لا يستطيع الإنسان أن يصبر عليهما، في الفترة الأخيرة كان للإصلاح الاقتصادي تبعات كثيرة على الناس وعلى قدرتهم على الشراء.. لكن القضية الأخطر والأعمق هي نقص الدواء وحاجة شركات الأدوية لتغيير الأسعار..
فنحن نعاني من نقص أدوية السكر والضغط والكوليسترول والفشل الكُلوي.. كما نعاني من نقص أدوية القلب والكبد والغدة الدرقية.. والمحاليل الوريدية التي يمثل نقصها خطرًا على مرضى الحالات الحرجة والرضع والأطفال والبودرة التي تستخدم في منع الجفاف عند الأطفال.. وحقن الأتروبين والأفيدرين والأبينفرن المنقذة للحياة.. وقطرات العين والأذن .. هذه الأدوية لم تعد موجودة.. وجرعة منها تساوي حياة.. مستشفى القصر العيني وهو ملجأ الغلابة والمرضى الذين لا حول لهم ولا قوة يأتون إليه من كل أنحاء الجمهورية طلباً للعلاج يشكو المستشفى نقص المحاليل حتى أنه يكاد يغلق أبوابه.. حوالي 2000 دواء ناقص في السوق حسب تصريحات المسئولين..
والأكثر من هذا أن هناك 5 ملايين علبة لبن قيمتها 200 مليون جنيه.. فسدت لأن الوزارة لم تعرف كيف تتصرف.. وهل ترفع أسعارها أم تخفضها .. فظلت في المخازن حتي فسدت.. وطالبت لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب برد مكتوب من وزارة الصحة يوضح أسباب وجود شحنة الألبان بمخازن الشركة المصرية لتجارة الأدوية ولماذا لم توزع!!.. أيضًا نريد أن نعرف حقيقة ما قاله أحد نواب مجلس الشعب عن "موت" شركة الجمهورية وانتهاء وجودها خلال فترة وجيزة.. وهي إحدى شركات الأدوية التابعة لقطاع الأعمال، حيث إنها في ورطة بعد أن وصلت ديونها إلى 670 مليون جنيه في الوقت الذي انتهى الحد الأقصى للائتمان المسموح لها في البنوك.. ولما لا يتم استثناء صناعة الدواء وليس الدواء فقط من الضريبة على القيمة المضافة، كما تطالب وزارة الصحة.. فنسبة 13% "قيمة مضافة" مرتفعة جدًا لأنها تطبق على مواد وخدمات تدخل في الصناعة، فضلاً عن الكهرباء والجمارك المرتفعة.. لقد أهملنا بشكل كبير شركات قطاع الأعمال العام، وتقلص دورها في توفير الدواء إلى أقل من 10% بعد أن كانت توفر حوالي 40% من احتياجاتنا من الدواء.. ومع تصميم وزارة الصحة على تسعير الدواء بأقل من تكلفته أصبحت هناك ضغوط كبيرة على شركات قطاع الأعمال العام فى تحقيق البُعد الاقتصادى فى إنتاج الدواء.. وأيضًا عدم سداد الوزارة مستحقات شركات قطاع الأعمال العام فى الأدوية من التأمين الصحى يؤثر بشكل كبير على قدرة الشركات فى توفير الأدوية بالكفاءة المطلوبة.

أزمة نقص الأدوية هي أزمة حياة أو موت.. فمعظم الأدوية المستوردة اختفت من الأسواق.. وبعد قرار تعويم الجنيه وتقلبات أسعار الصرف، أصبحت الأزمة أكثر حدة.. وارتفعت الأسعار بشكل جنوني وسط تأكيدات من شركات الأدوية بأن تثبيت الحكومة لسعر الدواء في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج هو السبب الرئيسي لهذه الأزمة، خاصة أن 90% من الدواء المحلي يعتمد على استيراد المواد الخام اللازمة لعمليات الإنتاج.. لقد أصبح من الضروري وضع خطة قومية للنهوض بصناعة الدواء وجذب الاستثمارات للاكتفاء الذاتي للحفاظ علي العُملة الصعبة.. بل والعمل علي التصدير أيضًا..

فماذا يفعل المريض؟ الأدوية المصري البديلة غير موجودة.. وكيف يتصرف التأمين الصحي في مرضاه وفي ميزانيته!!..

نعلم أن أسعار كل السلع زادت بشكل مُبالغ فيه، وأصبح الغلاء ظاهرة في معظم متطلبات الحياة، لكن اختفاء الدواء هو على حساب المريض كهلاً أو شابًا أو طفلًا فلا أحد يستطيع تحمل آلام المرض.

نريد شفافية ووضوحًا من الحكومة وأن تكشف ما هو السبب في هذه الأزمة.. هل هو تحرير سعر الصرف أم طمع الشركات!!.. فالمريض هو الضحية الأولى والأخيرة في كل الأحوال سواء كان الغلاء عالميًا أو بسبب تحرير سعر الصرف أو بسبب التلاعب والاستغلال وغياب الرقابة.. فالدواء خط أحمر، والمطلوب أن يجلس المسئولون معاً.. سواء الوزير ورؤساء قطاعات الوزارة المختصة.. ورؤساء شركات الأدوية والمصانع والمستوردين لإيجاد حل سريع ينقذ حياة المرضى.. ويخفف آلامهم .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط