الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أثر الأمثال العامية في الدروس التفسيرية


أخذت الأمثال العامية دورها البارز في رصد التطور الاجتماعي والثقافي في البيئة الشفهية والتي عكست بدورها صورة حقيقة عن طور المنظور الثقافي لمتداولي هذا المسلك الخطابي، والجدير بالذكر أنها لم تك محلها البيئة الثقافية العامية فحسب بل أخذت محلا من الإعراب في المنتديات الثقافية بل والمجالس العلمية، وخير شاهد على ذلك أنها كانت ركيزة أساسية في دروس التفسير للشيخ الشعراوي والتي أكدت على أن المؤثرات المادية والاجتماعية لها دور مهم في تطور هذا التقليد الشفوي، وهناك بعد ذلك المتلقي لهذا التقليد الشفوي الذي تكون له عادة اهتماماته وحاجاته وظروفه التي تحفز بوجه أو بآخر عملية إنتاج الأمثال الشعبية العامية في الدروس الدينية.
 
*ففي معرض تفسير الشيخ لقوله تعالى : (وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ)( )} الشعراء :11،10{. 

استخدم الشيخ المثل السائر على ألسنة العامة "إيه إلي فرعنك يا فرعون ألك ما لائتش حد يردني".( )
وأما عن المثل العامي الذي استعان به الشيخ في خاطرته التفسيرية، فقد بينه أحمد تيمور باشا والذي أورده على صيغة " يا فرعون مين فرعنك قال ما لقيتش حد يْرُدٌنِي"
وبين أن الفرعنة عندهم: التجبر والعتو.

أي قيل لفرعون موسى من ساعدك على جبروتك وعتوك حتى أدعيت أنك الرب الأعلى ؟ فقال: لم أجد أحدا يردني في أول الأمر فتماديت؛ ويضرب على أن عدم النصح في أول الأمر؛ يحمل على التمادي فيه ولعل هذا المثل مستمد من قصة فرعون مع سيدنا موسى وقومه، وما في القصة من أحداث تثبت سيطرة فرعون على قومه وظلمه لهم، وحينا يكون المثل أصدق في النفس من القصة الحقيقية حيث إنها تتلاشى من الأذهان لعناصر كثيرة منها طول الفترة الزمنية، وقلة التعرض لهذه القصة من مصادرها والمصدر المقصود هنا الكتب السماوية، لكن المثل الجاري على ألسنة الناس يُعد المعاصر لهم في مواقفهم الحياتية التي يعيشونها كما أنه يلغي الفواصل الزمانية والمكانية والعقدية؛ لذلك كان استخدام الشيخ للمثل في شرح القصة بدلا من مصدر لها أصلي ربما يكون أوقع في نفس المتلقي لملازمته الحدث الواقع في الحياة؛ ومن المعلوم أن مستمعي الشيخ من بينهم من لا يجيد القراءة و الكتابة و تكون الأمثال الشعبية والحياة الشفاهية أقرب إليه من البيئة الكتابية.

ومن ثم يتضح أن الشيخ قد عمد لهذا المثل الشعبي في خاطرته التفسيرية لاستمالة المستمعين، والاستمالة كامنة في البنية السردية الكائنة في الخاطرة التفسيرية والتي تتفق مع الصياغة الأسلوبية الملازمة للبيئة الشفهية، فالباحث يجد أن الشيخ في الخاطرة عمد إلى أسلوب شفهي يتفق مع ثقافة المتلقي لأحاديثه، وهذا ما ذلل السبيل للوصول إلى لباب المستمع الذي يعيش داخل بيئته الثقافية ولا ينفصل عنها مهما أضاف عليها من ثقافات؛ فالبيئة الثقافية للفرد هي البنيان الأساسي الذي يتراكم عليه الثقافات.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط