الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سر لحاق محمد نجيب بالملك فاروق بلنش حربي بعد مغادرته مصر.. صور

صدى البلد

عقب اندلاع قيام ثورة 23 يوليو عام 1952، وجه تنظيم الضباط الأحرار إنذارا للملك "فاروق"، طالبوه فيه بالتنازل عن العرش لولي عهده الأمير "أحمد فؤاد"، على أن يتم ذلك في موعد غايته الساعة الثانية عشرة من ظهر يوم السبت الموافق 26 يوليو عام 1952، ومغادرة البلاد قبل الساعة السادسة من مساء اليوم ذاته.

وبالفعل وافق الملك على التنازل عن العرش وترك مصر في الموعد المحدد في الإنذار، لكنه اشترط أن تكون وثيقة التنازل عن العرش التي سيوقعها مكتوبة على ورق لائق وبصيغة تحفظ كرامته كملك، وأن يبحر إلى "نابولي" على متن يخت "المحروسة"، وأن تُقدم له التحية الملكية والتي تطلق فيها المدفعية 21 طلقة، وأن يحضر "محمد نجيب" شخصيا لمقابلته قبل مغادرة البلاد، وتمت الموافقة على تلك الشروط.

وفي الموعد المحدد غادر "فاروق" قصر "رأس التين بالإسكندرية" على متن اليخت الملكي "المحروسة"، وهو نفس اليخت الذي غادر على متنه جده الخديوي "إسماعيل" بعد عزله من الحكم، وتعهد "فاروق" بإعادة "المحروسة" فور نزوله في ميناء "نابولي".

وأورد الرئيس الراحل "محمد نجيب" في مذكراته التي نُشرت تحت عنوان "كنت رئيسا لمصر"، موقفا جمعه بالملك "فاروق" بعد مغادرته البلاد، قائلا إنه كان ينوي أن يكون في وداع الملك عند مغادرته البلاد، لكنه تأخر بسبب ازدحام الناس حوله وعطل مروري، فضلا عن أن سائقه ضل الطريق وتوجه إلى ميناء خفر السواحل بدلا من الميناء الملكي، وعندما وصل إلى الميناء الصحيح، كان الملك قد توجه إلى "المحروسة" منذ 4 دقائق.

لكن "نجيب" قرر أن يذهب لوداع الملك على ظهر "المحروسة" كما وعد، وروى تفاصيل ما حدث لاحقا قائلا: "أخذت لنشا حربيا دار بنا دورة كاملة كما تقتضي التقاليد البحرية، وحذرني زملائي من الصعود إلى اليخت، إذا ربما أطلق على أحد أتباع الملك الرصاص.. فقلت: قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا".

وتابع: "كانت المحروسة في عرض البحر وأثناء مرور اللنش حولها رأيت الملك واقفا على سطحها ينظر إلينا، فحييته التحية العسكرية أنا ومرافقي من الضباط، لكنه لم يرد التحية، واعتقد أنه لم ينتبه إلينا".

وصعد "نجيب" إلى "المحروسة" يتبعه "أحمد شوقي" و"حسين الشافعي" و"جمال سالم" و"إسماعيل فريد"، وكان الملك ينتظره، فأدى له التحية العسكرية فرد عليها الملك، ومضت فترة سكون ثقيل، وبعد ذلك قال له "نجيب": "أفندم.. أنت تعرف أنني كنت الضابط الوحيد الذي قدم استقالته في عام 1942".. وذلك اعتراضًا على محاصرة الإنجليز لقصر عابدين وإجبارهم الملك على قيام "مصطفى النحاس" بتشكيل الحكومة أو التنازل عن العرش.

فرد عليه "فاروق" قائلا إنه يتذكر ذلك، فقال "نجيب": "لقد كنت خجولا للمعاملة التي تلقاها الملك في ذلك الوقت.. كنا مخلصين للعرش في عام 1942، ولكن أشياء كثيرة تغيرت منذ ذلك الوقت".

قال الملك: "نعم أعرف أشياء كثيرة تغيرت"، فاستطرد "نجيب" قائلا: "أنت تعرف يا فندم أنك السبب فيما فعلناه، وجاءت إجابة فاروق محيرة جدا وشغلتني طيلة حياتي، حيث قال:"أنتم سبقتوني بما فعلتوه فيما كنت أريد أن أفعله".

وأعرب "نجيب" عن دهشته من ذلك الرد، مشيرًا إلى أنه لم يجد شيئا يقوله للملك، وقدم له التحية ثم سلم عليه، وقال له "فاروق": "إن مهمتك صعبة جدا فليس من السهل حكم مصر"، وكانت تلك آخر كلماته.