الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هذيان إسرائيلي بمشروع "رد ميد".. حلم قديم بالالتفاف على قناة السويس .. وخبراء: المشروع فاشل وخطر استراتيجي

صدى البلد

خبير إسرائيلي:
إسرائيل يمكنها الاستفادة من المشروع عبر المناورة الجيوسياسية
خبراء:
المشروع فاشل ويفتقر للتقييم الاستراتيجي والجدوى الاقتصادية
أمريكا واليابان تعارضان سياسات البنك الآسيوي


عرضت صحيفة "كلكليست" الإسرائيلية، مشروعا من شأنه الالتفاف على قناة السويس، وجعل إسرائيل مركزا لوجستيا عالميا، يساهم في عملية الربط بين الشرق والغرب، بحسب زعم الصحيفة.

المشروع يتمثل في ربط ميناء إيلات على البحر الأحمر بميناء أسدود على البحر المتوسط بواسطة طريق سكة حديد يتكون من خطين، الأول للركاب والثاني للبضائع، ويعرف في وسائل الإعلام الإسرائيلية باسم "رد – ميد" أي "الأحمر – المتوسط". وبذلك فإن البضائع القادمة من آسيا عن طريق المحيط الهندي والبحر الأحمر يتم تفريغها في ميناء إيلات ثم تنقل إلى ميناء أسدود بواسطة شاحنات، وهناك يتم إعادة تحميلها على السفن لتأخذ طريقها إلى أوروبا عن طريق البحر المتوسط، وبذلك يتم الالتفاف على قناة السويس وتهميش دورها كحلقة وصل بين البحرين الأحمر والمتوسط.

المشروع الذي تحدث عنه الخبير الإسرائيلي، جلعاد كابيلو، يعود إلى عام 2012، حينما خرج نتنياهو على وسائل الإعلام وأعلن عن المشروع مؤكدا أنه سيكون خطوة استراتيجية كبيرة جدا لإسرائيل، حيث وافقت عليه الحكومة الإسرائيلية في جلستها التي انعقدت يوم 5 فبراير 2012.

وبحسب خبراء، فإن المشروع من الناحية النظرية مفيد، ويمكنه تحقيق هدفه المرجو، لكن النظر إلى المشروع بشكل معمق يتضح أنه غير مجدٍ، ولا يستحق ما تنفقه إسرائيل عليه.

ويقول رئيس الموساد السابق، أفراهام هليفي، في تصريحات لموقع "والا" الإسرائيلي إن هذا المشروع يمكن أن يسبب الكثير من التوترات مع القاهرة، ونظرا لحساسية الموضوع، لا يمكنني التوضيح أكثر من ذلك. وأضاف هليفي في تصريحاته عام 2013، قائلا، إذا كانت مصر في الوقت الحالي منهمكة بأشياء أخرى، فإن هذا المشروع يمكن أن يؤدي إلى إعادة النظر في اتفاقية السلام.

وتابع الرئيس السابق للموساد، نحن نريد بناء قدرت تضاهي القدرات المصرية، طريق بديل لنقل البضائع من آسيا إلى البحر المتوسط، هذا الأمر سوف يأتي على حساب مصر، ويشكل مصدر تهديد على على اقتصادها وكبرياءها الوطني، هذا المشروع يمكن اعتباره عمل عدواني ضد مصر، وأنا اعتقد أن هذا الأمر يمكن أن يؤثر بشكل سيئ للغاية على منظومة علاقاتنا مع مصر، وحسب ما لدي من معلومات، فإن الحكومة الإسرائيلية لم تناقش الانعكاسات الجيوسياسية للمشروع.

ما قاله هليفي تطرق إلى الناحية الجيوسياسية، لكن آراء الخبراء الاقتصاديين في مجال النقل البحري والبري، أوضحت المزيد حول هذا المشروع الذي وصفوه بأنه خيالي وعديم الجدوى.

ويقول الخبير الاقتصادي والمسؤول السابق بشركة "تسيم" للنقل البحري، دافيد روزين، إنه لا يوجد أي احتمالية لأن تفضل شركات الشحن الطريق البري على قناة السويس، وأوضح أن نقل حاوية عن طريق المشروع الإسرائيلي سيكون أغلى 30 مرة من قناة السويس، ويطيل زمن الرحلة بمقدار 21 يوما، في حين يستغرق مرور سفينة بقناة السويس نحو 12 ساعة فقط.

وأوضح روزن أن تفريخ سفينة حاويات في ميناء إيلات قد يستغرق نحو اسبوع، ثم يتم إعادة تحميلها على القطار وتفريغها في ميناء اسدود، ثم يتم إعادة تحميلها على السفن مرة أخرى، وبذلك ستكون التكلفة التشغيلية فقط لعملية تفريغ الحاوية ونقلها وإعادة تحميلها حوالي 1000 دولار، بينما يتكلف نقل الحاوية في قناة السويس حوالي 30 دولارا فقط.

من جهته، المؤرخ الإسرائيلي وخبير التخطيط بوزارة النقل الإسرائيلية، بنحاس بن شاؤول، إن هذا المشروع منذ بن جوريون وحتى نتنياهو، يتم استعماله كأداة للاستهلاك الإعلامي، حيث طرح المشروع ويتصدر عناوين الصحف، وبعدها يعود إلى أدراج المكاتب مرة أخرى.

ويقول كابيلو، إنه يجب على إسرائيل في الوقت الحالي أن تستغل هذا الوضع من أجل تطوير وتشييد مراكز لوجستيه لشركات الشحن ونقل البضائع كجزء من السياسات الصينية. وهذه الخطوة إلى جانب بنية تحتية جيدة، من شأنها خلق واقع تشغيلي ومعيشي جديد لسكان النقب، ويجعل إسرائيل مركزا لوجستيا عالميا.

وطالب الخبير الاقتصادي الإسرائيلي بلاده بضرورة المناورة في الواقع الجيوسياسي الجديد النابع من سياسات "الدائرة الواحدة"، وأوضح أنه إذا نجحت إسرائيل في أن تجعل من نفسها رائدة إقليمية في مجال الخدمات اللوجيستية، ستكون قادرة عن أن تصبح بديلة لجيرانها مثل مصر وتركيا، وبذلك تنجح في تهميش وتحجيم وضعهم وفي الوقت ذاته، زيادة أهميتها في المنطقة.

وأوضح كابيلو أنه على الرغم من أن الصين لن تكون قريبة وحليفة لإسرائيل مثل الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن الاندماج الإسرائيلي في سياسات "الدائرة الواحدة" أو "الحزام الواحد" يمكنه تحسين وضع إسرائيل بالنسبة للاقتصاد الثاني على مستوى العالم، خاصة وأن الصين لا تتدخل في صراعات المنطقة.

الجدير بالذكر أن سياسات "الدائرة الواحدة " أو "الحزام الواحدة" هي مشروع يقوم به البنك الأسيوي للبنية التحتية والاستثمار " AIIB" وهي مبادرة لم تقبلها الولايات المتحدة الأمريكية حتى اللحظة الراهن، كما امتنعت اليابان عن المشاركة فيها حتى لا تغضب الولايات المتحدة، فيما انضمت إسرائيل إلى البنك الآسيوي ولذلك، عليها إدارة مصالحها مع الصين بدون أن تغضب الولايات المتحدة. وبذلك سوف تستفيد إسرائيل من عملية الربط العالمي التي تسعى الصين لتنفيذها.