الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«زواج المسيار» وسيلة «الثريات» للهروب من العنوسة .. والعلماء: حلال شرعًا.. وتنازل المرأة عن بعض حقوقها ليس امتهاناً لها

صدى البلد

  • علي جمعة: «زواج المسيار» مباح شرعًا وليس فيه امتهان للمرأة
  • الإفتاء: صحيح ولا شيء فيه ويحق للزوجة الرجوع في الاتفاق
  • عبد الجليل: صحيح شرعًا طالما استوفى شروط وأركان الزواج


مع تعقد الحياة الاجتماعية، وغلاء المعيشة، تراجعت نسبة الزواج في حياة المسلمين، وبدأ الناس يفكرون في حلول عملية، للحصول على حقهم في تكوين أسرة وقضاء الحاجة الفطرية، فظهر في سطح الحياة الاجتماعية ما يعرف بـ«زواج المسيار».

ويطلق «المسيار» في اللغة العربية على الزيارة السريعة، أو الزوار الذين لا يطيلون البقاء عند من يزورونهم، وهو عند الفقهاء المعاصرين: زواج شرعي مكتمل الأركان والشروط، لكنه يأخذ واحدًا من شكلين: إسقاط النفقة والمسكن على الزوج، أو وجوب النفقة والمسكن، وإسقاط العدل في المبيت بين الزوجتين، بحيث تتنازل الزوجة عن مساواتها للزوجة الأخرى في المبيت.

واختلفت وجهات النظر حول «زواج المسيار»، ولكن الفيصل في الحل والحرمة إنما هو للشرع، فما هو رأي علماء الشريعة في هذا الزواج؟

أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، أن «زواج المسيار» الذي يستوفي الأركان والشروط الشرعية مباح شرعًا، ولا يحمل أي لون من امتهان كرامة المرأة أو الرجل.

الأزهر أباح «المسيار»:

وقال «جمعة» إن مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر أجاز زواج المسيار طالما فيه شهود وإشهار وولي، والمرأة وافقت على ذلك برضاها، فهذا الزواج صحيح وتترتب عليه كل آثار الزواج الشرعي فيما عدا ما تنازلت عنه الزوجة.

ليس فيه امتهان للمرأة:

ونبه المفتي السابق، على أن هذا النوع من الزواج بصورته وشروطه الشرعية ليس فيه أي امتهان للمرأة أو الرجل أو خرق لحقوق الإنسان، بل يظهر من خلاله مدى سعة الشرع الشريف وقدرته على تلبية احتياجات النفس البشرية بحسب تنوع واختلاف الأحوال والأشخاص والأمكنة والأزمنة، وذلك من خلال حلول شرعية تمنع الوقوع في حرج نفسي أو محرم شرعي أو مساءلة اجتماعية، وبما يوضح مرونة الفقه الإسلامي وقدرته على مواجهة التغيرات الاجتماعية ووضع الحلول المناسبة لها".

«للحاكم أن يقيد المباح»:

وتابع: «على الرغم من ذلك فإنه للحاكم أن يمنع زواج المسيار إذا كان في منعه مصلحة وفي استمراره مفسدة تهدد الأمن الاجتماعي، كانصراف الناس إليه وترك الصورة الأصلية المثالية للزواج، أو إذا ترتبت عليه أضرارٌ اجتماعية، وذلك إعمالًا للقاعدة الشرعية المقررة في هذا الباب والتي تنص على أنه «للحاكم أن يقيد المباح».

التنازل عن المبيت:

ورأى أنه يجوز للمرأة أن تتنازل عن حقها في المبيت، مستدلًا بأن أم المؤمنين سودة بنت زمعة - رضي الله عنها - قد تنازلت عن ليلتها لعائشة، كما يرى أنه يجوز أن تتنازل عن مهرها أو نفقتها لأن الله يقول: «وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا» [النساء: 4]، مؤكدًا أنه للمرأة أن ترجع فيما تنازلت عنه في أي وقت.

حلال شرعًا ولا شيء فيه:

عرف الدكتور أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، «زواج المسيار» بأن يتفق الطرفان على الزواج بالتراضى وباكتمال شروط عقد الزواج، ولكن تعفى الزوجة زوجها من النفقة والمبيت لأن الرجل يكون من بلد والمرأة من بلد أخرى.

يحق الرجوع في الاتفاق:

واعتبر «ممدوح»، أن هذه الصورة من الزواج مشروعة ولا شيء فيها، منوهًا بأن المرأة لها أن ترجع فى هذا الاتفاق وتطلب منه النفقة والمبيت، لأن هذه الحقوق متجددة والاتفاق عليها ليس اتفاقًا أبديًا.

لابد من توافر شروط الزواج:

وأيدهما في رأيهما، الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف سابقًا، مؤكدًا أن «زواج المسيار» صحيح شرعًا ما دامت توفرت فيه شروط صحة الزواج من وجود وليّ وإشهار وشهدين.

نوع حديث من الزواج:

وأوضح «عبد الجليل»، أنه في السنوات الأخيرة ظهر ما يسميه الناس «زواج المسيار» وهذه التسمية جاءت في كلام العامة، تمييزًا له عما تعارف عليه الناس في الزواج العادي، لأن الرجل في هذا الزواج يسير إلى زوجته في أوقات متفرقة ولا يستقر عندها.

وألمح إلى أن صورته المعروفة: هو زواج مستوفي الشروط والأركان، ولكن تتنازل الزوجة عن بعض حقوقها الشرعية باختيارها ورضاها مثل النفقة والمبيت عندها.

مكروه شرعًا:

وخالفتهم في الرأي، الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، حيث أفتت بأن زواج المسيار مكروه شرعًا، رغم أنه مستوفٍ للشروط والأركان، من ولي وشهود وإشهار، ولكن المرأة تتنازل فيه عن بعض حقوقها الشرعية باختيارها ورضاها مثل النفقة والمبيت عندها.

سبب إبابحة زواج المسيار:

ولفتت «صالح» إلى أن الدكتور يوسف القرضاوي أفتى بإباحة زواج المسيار، نظرًا لعدة أمور، منها أن تفيد النساء الثريات في البلاد الخليجية» حيث لديهن الأموال، ويرغن في الزواج ولا يشترطن النفقة عليهن، وأيضا تحد من العنوسة.

يخالف المقصود بـ«القوامة»:

ونوهت أستاذ الفقه المقارن، بأنها تفتي بكراهية هذا الزواج، لأن الرجل يتدخل عن قوامته المثملة في الإنفاق على المرأة، كما ورد في قول الله تعالى: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا» النساء/34.

ونبهت على أن الشريعة الإسلامية قررت عظمة حق الزوج على زوجته، كما في قوله سبحانه: «وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» البقرة/228، مؤكدة أن هاتين الآتين تؤكدان وجوب إنفاق الرجل على زوجته.


مجمع الفقه الإسلامي:

يشار إلى أنه في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثامنة عشرة المنعقد بمكة، قال ما يلي: «يؤكد المجمع أن عقود الزواج المستحدثة وإن اختلفت أسماؤها وأوصافها وصورها لا بد أن تخضع لقواعد الشريعة المقررة وضوابطها من توافر الأركان والشروط وانتفاء الموانع، وقد أحدث الناس في عصرنا الحاضر بعض تلك العقود المبينة أحكامها فيما يأتي:

إبرام عقد زواج تتنازل فيه المرأة عن السكن والنفقة والقسم أو بعض منها وترضى بأن يأتي الرجل إلى دارها في أي وقت شاء من ليل أو نهار، ويتناول ذلك أيضًا إبرام عقد زواج على أن تظل الفتاة في بيت أهلها ثم يلتقيان متى رغبا في بيت أهلها أو في أي مكان آخر حيث لا يتوفر سكن لهما ولا نفقة، وهذان العقدان وأمثالهما صحيحان إذا توافرت فيهما أركان الزواج وشروطه وخلوه من الموانع ، ولكن ذلك خلاف الأولى.