الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كواعب البراهمي تكتب: عار علينا أن نفعل ذلك

صدى البلد

عندما تصمت الدولة ولا تتحرك ويتم غلق المصانع الوطنية واحد تلو الآخر، ولا يتم استصدار قوانين تعاقب من يتسبب في غلق تلك المصانع، فذلك تدمير لاقتصاد مصر.

وعندما يكون لدينا هذا الكم من الخبراء والمختصين والعلماء والاقتصاديين ولا يتم إنشاء مصانع جديدة تستوعب العمالة والبطالة الموجودة في كل مكان في مصر، فذلك ضرب من العبث.

في كل دول العالم يتم استخدام كل مقدرات الدولة من منتجات زراعية وحيوانية وثروات بشرية في الإنتاج، ونحن للأسف أصبحنا نتصدر العالم في الاستيراد.

هذا ليس كلاما من وحي خيالي ولكن هو موجود على أرض الواقع.

للأسف لا يهتم أحد بتشغيل المصانع التي أغلقت، ولا يهتم أحد بفتح مصانع جديدة لتشغيل الشباب العاطل عن العمل، والذي من الممكن أن يتم استغلاله أسوأ استغلال في الإرهاب وفي تعاطي المخدرات.

لا يهتم أحد بمنع استيراد المنتوجات التي يوجد بديل لها في مصر أو مثيل لها.

كل دول العالم تشجع الصناعات وتحاول دعم الصناعات التي تقوم على بعضها.

فعلى سبيل المثال صناعة السكر، تلك الصناعة الوطنية التي بدأت منذ القرن التاسع عشر والتي توجد لها مصانع على جانبي النيل من الجيزة إلى أسوان.

بدأ الهجوم المقنع والخفي عليها، ففي البداية تم الاحتفاظ بالمنتج الذي تقوم المصانع بإنتاجه من السكر وعدم بيعه، بل والأسوأ يتم استيراد سكر من دول أخرى مع العلم اليقيني بأن لدينا مخزونا من السكر بتلك المصانع.

ثم بدأ ما هو أسوأ، وهو عدم تقدير سعر طن القصب كما يجب وكما يتناسب مع ما ينفقه المزارع على زراعته، وتلك خطة محكمة لتحويل المزارعين إلى زراعات محاصيل أخرى غير قصب السكر، ثم يلي تلك الخطوة توقف المصانع وربما بيعها، وذلك من أجل من؟ من أجل من؟ من الذي سيستفيد من تسريح العمال وغلق المصانع وضرب الاقتصاد وتجويع الشعب وتحويله إلى شعب مستهلك فقط.

ففي دولة مثل البرازيل، تحولت صناعة البلاستيك "الأخضر" إلى تجارة مربحة تدر أموالا طائلة، فهذا البلد يعتبر على نطاق العالم رائدا في مجال صناعة السكر، وتستغل شركة "براسكم" للبترول الازدهار الذي تشهده البلاد في صناعة الإيثانول من قصب السكر لتصنيع البلاستيك "الحيوي".

كما أنه يوجد بالبرازيل مشروع ألماني برازيلي في معهد سيناي كلايمت في مدينة سلفادور دي بايا البرازيلية، يقوم بإنتاج البلاستيك "الحيوي" حصرا من مخلفات قصب السكر القادمة من مصانع الإيثانول في البلاد.

وعادة ما يتم التخلص من أعواد قصب السكر المطحونة بعد استخلاص عصيرها، المعروفة بـ"الباغاس"، عن طريق حرقها، لكن هذه العملية تتسبب في تصاعد كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الجو. إن الهدف هو أن يحل البلاستيك "الحيوي" المصنع من الباغاس مكان البلاستيك العادي، وذلك في إحدى القطاعات الكبرى وهو قطاع تصنيع السيارات.

فلماذا لا نستفيد نحن من مخلفات مصانع السكر المستخرج من القصب؟؟؟؟؟

توجد حاليا صناعة الخشب المضغوط الـ"MDF"، والذي انتشر في كل دول العالم، والعالم كله يصنعه من إعادة تصنيع الخشب القديم، ولكن في مصر يمكن تصنيعه من مصاصة القصب.. لماذا لا يتم إنشاء مصانع له في مصدر ونصدره لكل العالم.

كما أن المولاس الذي ينتج بعد عصر القصب له استعمالات عديدة، وعلى رأسها صناعة العلف للحيوانات، لماذا لا ننشئ مصانع لتصنيع الأعلاف على مخلفات عصير القصب بدلا من استيراده من الخارج بأسعار كبيرة وبالدولار، في الوقت الذي ينتج عن الأعلاف المستوردة مشكلات صحية خطيرة لأن العلائق المستوردة من الخارج تحتوي على مواد بروتينية استخرجت من لحوم حيوانات نافقة، وذلك أدى إلى ظهور الأمراض التي أصابت الأبقار، ومنها جنون البقر.

أما الأعلاف المحلية والتي تصنع محليا من علف الخميرة أو مخلفات المواد الزراعية الجافة، فهي أكثر أمنا، كما أنها توفر مساحات زراعية يمكن زراعتها بأي مزروعات أخرى.

فعندما نحد من الاعتماد على العلائق الخضراء مثل البرسيم، سيتم استغلال التربة في إنتاج حاصلات زراعية أكثر، بالإضافة إلى قيام صناعة الخشب الحبيبي على مخلفات قصب السكر.

ومن المولاس أيضا يتم صناعة الخل والكحول الأبيض والكحول الأحمر، والذي من الممكن أن نصدره، كما أن تصنيعه يستوعب عمالة كثيفة.

أتمنى أن يكون المسئولون على قدر المسئولية، وأن يتم تقدير سعر طن القصب بما يتناسب مع تكاليفه وما تم إنفاقه عليه، وحتى لو الدولة دعمت تلك الصناعة، حيث من الممكن أن تقوم عليها صناعات أخرى كثيرة جدا تنقل مصر من مرحلة الاستهلاك لمرحلة التصدير، وتحول الشباب إلى طاقات عاملة بدلا من الطاقات التي تستهلك في الجلوس خلف شات النت والمقاهي.

الشباب عماد الدولة وطاقته الخلاقة تصنع أمما، وليت المسئولون يفهمون ذلك ويستوعبونه بدلا من غلق المصانع وتدمير اقتصاد مصر، يكفينا نهاية صناعة الغزل والنسيج والنصر للسيارات وغيرها من المصانع التي تم غلقها بعد خصخصتها دون أدنى شعور بالمسئولية أو تأنيب الضمير.