الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عنف المجتمع ضد البراءة


ما أجمل الطفولة، تجد في ابتسامتهم البراءة وفي تعاملاتهم البساطة ، من منا لا يشعر بالراحة والتفاؤل عندما ينظر لطفل يتصرف بتلقائية وعفوية تنم عن الفطرة السليمة ، كلنا فى حاجه لبراءة الأطفال فى مواقف عده من حياتنا، وكما يتردد على مسامعنا من حين لأخر الأطفال هم أمل المستقبل ، وهم الجيل الصاعد ، والأمل فى الأجيال القادمه ، وغيرها من العبارات التى تتنافى فى غالبية الوقت من الواقع الأليم الذى يعيشه غالبية أطفال مصر.

كثيرًا ما سمعنا عن قانون حماية الطفل المصرى ، وقانون منع عمالة الأطفال ، وإنشاء المجلس القومى للأمومه والطفوله ، وخط نجدة الطفل ، وغيرها من المجالس والتشريعات والقوانين التى تسن لحماية الطفل ورعايته.

وكم نجد من انتهاكات لبراءة الأطفال ، وتعدٍ على طفولتهم ، دون حسيب أو رقيب ، نتعامل معهم كفئة تربى نفسها بنفسها ، دون تدخل او دور من مؤسسات التنشئة المسئولة عن أجيال مصر ورجال المستقبل ، لا نتفحص ما يقدم لهم من مأكل ولا مشرب ، لا ننظر للمناهج التى تشكل عقول ووجدان هؤلاء الصغار ، لا نهتم ببيئة اللعب وتنمية المهارات الذهنيه والحركيه والاجتماعيه الخاصه بهم.

بل نجد هؤلاء الأطفال يساء استغلالهم من المجتمع والقضاء على طفولتهم بحجة الظروف الاقتصاديه وتدنى مستواهم الاجتماعى وعدم وجود عائل للأسره أو بحجة عدم رغبة الطفل فى استكمال تعليمه فيتم الزج به فى أصعب المهن وأخطرها على صحته وبراءته.

فنجد من يعمل فى مهنة الدباغة حيث الأصباغ والأبخره المميته ، والآخر يعمل فى محاجر الطوب الرملى حيث الأتربه والغبار القاتل ، ومن يعمل فى جمع الذهور والياسمين فيصاب بالربو وأمراض الجهاز التنفسي الخطيره ، والبعض يعمل فى ورش السيارات ودهان العربات ، والبعض يعمل فى طلاء بعض دواجن الفخار ببودرة التلك فيصاب بالسرطانات ، وبعض الفتيات تعمل فى الخدمه فى منازل الطبقه المترفة ، أو فى تعبئة المنتجات فى بعض المصانع الرديئة.

وغيرها من المهن التى لا حصر لها من الخطوره على صحة هؤلاء الأطفال وتقضى على كافة أشكال حقهم فى حياه كريمه ، داخل مجتمع يعمل على حمايتهم ورعايتهم ضد كافة الانتهاكات التى تسلب براءتهم وحقهم فى الحياه السويه ، فنتركهم ضحايا لعنف أصحاب المهن الخطره تارة ، وللتسرب من حقهم فى التعليم تاره أخرى ، حتى يصبحون ضحايا للأمراض الصحيه والسرطانات وسوء التغذيه والضعف العام، وللأمراض الاجتماعيه من تحرش لفظى وجسدى وجنسي ، فيصبح المنتج النهائى ، الإرهابى فكريًا والانتحارى الذى يضحى بنفسه وبمجتمعه للخلاص من حياته وحياة الآخرين ، والمدمن الذى يعبر عن كرهه لنفسه ولمجتمعه بإيذاء نفسه وإعلان انتحاره البطيء ، وطفل الشارع الهائم على وجهه من ظلم المجتمع وإهماله ، والمتحرش المنتقم ممن تحرش به فى الصغر فعاد ليتحرش بالمجتمع الذى لم يدافع عن كرامته ووقف مكتوف الأيدى حياله ، وأطفال الموت على شواطئ أوروبا والدول الغربيه هربًا من قسوه الحياه والبحث عن الموت.

كل هذا ونجد مؤسسات التنشةه الاجتماعية ، والقوانين والمجالس والتشريعات غائبة عن كفالة الأطفال وتوفير الحق فى الحياه لهم.

أرى أنه لا وجود لدولة متقدمة وحديثة كما نأمل جميعا، إلا بوجود رقابة صارمة على مقدرات الأطفال فى مصر من خلال أجهزه ومؤسسات تسعى لنهضة الطفوله فى مصر من خلال تعليم جيد ، وغذاء صحى ، وأماكن للترفيه واللعب للأطفال ، وتجريم عمالة الأطفال فى أى مهنة ، والاهتمام بتذوق الفنون من رسم وموسيقى وكتابه وأغانٍ وأعمال فنيه متنوعة ومسابقات رياضيه ، ومحاضرات للأسر لإرشادهم على التربيه السليمه للأبناء داخل مناطقهم السكنية.

نحن فى حاجه أن نتأهل نفسيًا واجتماعيًا وثقافيًا ودينيًا قبل أن ننجب الأطفال أو حتى نتعامل معهم ، وعلينا أن نعى جميعًا أن رعاية الطفل ليست مهمة ثانوية ، بل هى واجب مقدس ومسئولية مجتمعية، علينا أن نعطى أطفالنا الحب والحنان والرعاية والبيئة النظيفة وليس الإهمال والعنف والإدمان والإرهاب والمرض والجهل.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط