الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كلكوعة مصرنا


مصر مشاكلها كتير.. ده واقع لا خلاف عليه مشاكلها متداخلة ومتشابكة حد "الكلكعة" تشبه لفف خيوط من الصوف بعد أن عبثت بها قطط الشارع.. ولكن حتى مع أقصى درجات التعقيد والتشابك مفيش مستحيل إذا قررت أن تفك "اللعبكة" فتحل بالإرادة والنفس الطويل وابدأ بسحب الخيوط واحدا واحدا لن يكون الأمر سهلا، خاصة عندما تصل لرأس "الكلكوعة".

ولكن إياك واليأس، فنصف حل المشكلة هو الاعتراف بوجودها في الأساس، فما بالك وأنت معترف بها ومتخذ قرارًا بالحل بل ووصلت قلب العقدة!! فهنيئا لك فأنت على أعتاب النجاح في مهمتك.. حال مصر لا يختلف كثيرًا عن الحال العبثي لتلك الخيوط، ولكن الفرق الأكيد أن كل مواطن في التسعين وبضع مليون يرى "الكلكوعة" غير المواطن اللي جنبه، فلذلك يشعر كل منا أن مفيش فايدة.. كل مواطن لا يرى غير "كلكوعته".

ربما لو وحّدنا رؤيتنا للأسباب الرئيسية وراء مشاكلنا لاستطعنا أن نتخلص منها، وبما إني مواطن ولي قناعاتي الخاصة فكل يقيني أن مصر تعاني من كلكوعتين متضخمتين النظافة والنظام.. اركب أي وسيلة مواصلات عامة وستلاحظ فورًا انعدام مفهوم النظافة في المكان وناسه، فصيفًا رائحة العرق فواحة وشتاءً رائحة الكمكمة صداحة.

أما النظام فحدث ولا حرج ابتداءً من انتظار المركبة في نهر الطريق وصولًا للنزول منها في نصف الشارع وهنا أتحدث عن كل أطراف المنظومة السائق والراكب وفوقهم التبّاع.. ادخل مستشفى أو كما يدّعون عليه المشفي وانظر حولك سرنجات على الأرض، حمامات متدنية، أغطية الأسرة تصيبك بالقولون العصبي بلا حول منك ولا قوة، حتى بلاطي الدكاترة واضح أنها لم يزرها الصابون من أيام ما كان الصابون بريحة.. أما عن الهرج والمرج داخل طرقات المستشفى، فكأنك في السيرك القومي تشاهد فقرة الأراجوزات.

وكما المرض واحد فمنهج المستشفيات واحد ومن الميري للاستثماري يا قلبي لا تحزن.. الأكل الذي يباع في شوارعنا من الرصيف وحتى المحلات أم دورين برخام كله نفس البائع البائس الذي يشعِرَك بأنه في حاجة ماسة لغسيل يديه ووجهه ودعك أسنانه قبل أن يحشو لك شطيرتك أو يناولك كوب الشاي، فالله أعلم أين كانت يداه قبلها.. مصر أصبحت بحاجة لأمطار غزيرة ليست من الماء الطهور بل من الصابون السائل يغسل الشوارع والبيوت والسيارات والأشجار وضمائر البني آدمين لعل بعد هذا القدر من النظافة نحصل على ذاك القدر من النظام ونفك نحس "الكلكوعتين" فتكون البشارة لحل مشاكلنا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط