الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى ميلاد صاحب "قنديل أم هاشم" يحيى حقي .. عمل دبلوماسيًا وأقيل بسبب زواجه من أجنبية.. واتجاهه للكتابة خلّد اسمه في التاريخ

صدى البلد

استطاع أن يحفر لنفسه مكانًا بين عمالقة الأدب في مصر والعالم العربي، وأصبح علامة بارزة في الأدب والسينما وهو من كبار الأدباء المصريين بجانب نجيب محفوظ ويوسف ادريس، فقضى عمره كله في الخدمة المدنية وعمل بالسلك الدبلوماسي المصري، انه الكاتب الكبير يحيى حقي، الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده.

ولد يحيى حقي في 17 يناير 1905م في بيت صغير متواضع، من بيوت وزارة الأوقاف المصرية بـ"درب الميضة" ـأي الميضأة، خلف "المقام الزينبي" في حي السيدة زينب بالقاهرة؛ لأسرة تركية مسلمة متوسطة الحال؛غنية بثقافتها ومعارفها، هاجرت من "الأناضول"، إلى مصر. وحصل على تعليم جيد حتى انخرط في المحاماة حيث درس في معهد الحقوق بالقاهرة وكان تخرجه منه في عام 1925م.

تلقى يحيى حقي تعليمه الأول في كُتَّاب "السيدة زينب"، وبعد أن انتقلت الأسرة من "السيدة زينب" لتعيش في "حي الخليفة"، التحق سنة 1912 بمدرسة "والدة عباس باشا الأول" الابتدائية بحي "الصليبية" بالقاهرة، وقضى "يحيى حقي" فيها خمس سنوات غاية في التعاسة، خاصة بعد رسوبه في السنة الأولى إثر ما لقى من مدرسيه من رهبة وفزع ؛ لكنه استطاع بعد صدمة التخلف عن أقرانه أن يقهر إحساسه بالخوف وأن يجتهد محاولًا استرضاء والدته التي تكد وتكدح جاهدة للوصول بهم إلى بر السلامة، وأكمل تعليمه حتى حصل على درجة "الليسانس" في الحقوق عام 1925، وجاء ترتيبه الرابع عشر.

قضى يحيى حقي فترة التمرين بمكتب نيابة "الخليفة" ومقرها شارع نور الظلام "وذلك في مبنى المحكمة الشرعية" لقربه من مسكنه، وبهذه الوظيفة بدأ يحيى حقي حياته العملية، وأصدق وصف لها هو " صبي وكيل النيابة" -على حد تعبيره - . وما لبث أن ترك بعد مدة وجيزة هذه الوظيفة التي تجعل منه تابعًا، ولا تعطيه الحق في تحمل المسئولية؛ ليعمل بعدها بالمحاماة تلك المهنة التي تحتاج إلى معارف ومعاملات مع الناس، بعدها سافر إلى الإسكندرية ليعمل في أول الأمر عند زكي عريبي، المحامي اليهودي المشهور وقتذاك، وذلك بمرتب شهري قدره ستة جنيهات، لم يقبض منها شيئًا ثم انتقل إلى مكتب محام مصري بمرتب قدره ثمانية جنيهات شهريًا، وسرعان ما هجر الإسكندرية إلى مديرية البحيرة ليعمل فيها بمرتب شهري قدره اثنا عشر جنيهًا، وقد سمح له هذا العمل بالتنقل بين مراكز مدينة البحيرة، وكثيرًا ما تعرض للخداع من قبل الوسطاء الذين يعملون بين المحامين والمتقاضين، وهذا الأمر جعله يفقد الإحساس بالأمن والاستقرار، كما أغرقه في الشعور بالخوف من المستقبل، فلم يلبث في عمله بالمحاماة أكثر من ثمانية أشهر؛ لأن القلق على مستقبله بدأ يساور أهله؛ فبدأوا يبحثون له عن عمل حتى وجدوا له وظيفة معاون إدارة في منفلوط بالصعيد الأوسط؛ وبعد وفاة والده عام 1926، لم يجد بُدًا من الخضوع لأوامر العائلة وقبول تلك الوظيفة ؛ التي تسلم عمله بها في الأول من يناير عام 1927.

عمله الدبلوماسي..
عين حقي أمينا لمحفوظات القنصلية المصرية في جدة، عام 1929 ثم نقل منها إلى اسطنبول عام 1930م، حيث عمل في القنصلية المصرية هناك، حتى عام 1934؛ بعدها نقل إلى القنصلية المصرية في روما، التي ظل بها حتى إعلان الحرب العالمية الثانية في سبتمبر عام 1939م؛ إذ عاد بعد ذلك إلى القاهرة في الشهر نفسه، ليعين سكرتيرًا ثالثًا في الإدارة الاقتصادية بوزارة الخارجية المصرية، وقد مكث بالوزارة عشر سنوات رقي خلالها حتى درجة سكرتير أول حيث شغل منصب مدير مكتب وزير الخارجية، وقد ظل يشغله حتى عام 1949م ؛ وتحول بعد ذلك إلى السلك السياسي إذ عمل سكرتيرًا أول للسفارة المصرية في باريس، ثم مستشارًا في سفارة مصر بأنقرة من عام 1952 وبقى بها عامين، فوزيرًا مفوضًا في ليبيا عام 1953.

إقالته من العمل..
أُقِيلَ من العمل الدبلوماسي عام 1954 عندما تزوج في 22/9/1953م من أجنبية وهي رسَّامة ومثَّالة فرنسية تدعي جان ميري جيهو، وعاد إلى مصر ليستقر بها؛ فعين مديرًا عامًا لمصلحة التجارة الداخلية بوزارة التجارة؛ ثم أنشئت مصلحة الفنون سنة 1955 فكان أول وآخر مدير لها، إذ ألغيت سنة 1958، فنقل مستشارًا لدار الكتب، وبعد أقل من سنة واحدة أي عام 1959 قدم استقالته من العمل الحكومي، لكنه ما لبث أن عاد في أبريل عام 1962 رئيسًا لتحرير مجلة المجلة المصرية التي ظل يتولى مسئوليتها حتى ديسمبر سنة 1970.

مـــــؤلفات يحيي حقي..
أولا : مجموعات القصص القصيرة :" قنديل أم هاشـــم ، عام 1945"، "دماء وطــين ، عام 1955"، "أم العواجز ، عام 1955"، "عنتر وجو لييت، عام 1960"، "سارق الكحل ، عام 1985".
ثانيا : الروايــــــات، "صح النوم ، عام 1959".
ثالثا : اليوميات- "خليها على الله ، عام 1956".
رابعــا : الدراسات والمقالات، "خطوات فى النقد ، عام 1960"، "فجر القصة المصرية ، عام 1960"، "فكرة وابتسامة ، عام 1961"، "دمعـة وابتسامة ، عام 1966"،" تعال معى إلى الكونسير ، عام 1969"، "حقيبة فى يد مسافر ، عام 1971"، "عطــر الأحباب ، عام 1971"، " ياليل ياعـــــين ، عام 1972"، " أنشودة البساطة ، عام 1973"،"ناس فى الظـــل ، عام 1984".
خامسا : الترجمـــة، قدم الكثير من الأعمال المترجمة في كافة المجالات ففي المسرح" دكتور كنوك ، لجول رومان ، سلسلة روائع المسرح العالمى ، عام 1960، و"الطائر الأزرق ، لموريس مترلنك ، عام 1966 "، أما في الرواية "الأب العليــل" و"لاعب الشطرنج لستيفان زقاينج ، عام 1973"، و"البلطة - لميخائيل ساد وفيانو ، عام 197"، و"طونيو كروجر ، لتوماس ربمان"، وفي الأدب الوصفـــى ترجم "القاهرة ، لدز موند ستيوارت ، عام 1969".

جوائز يحيي حقي..
حصل يحيى حقي في يناير عام 1969 على جائزة الدولة التقديرية في الآداب، وهي أرفع الجوائز التي تقدمها الحكومة المصرية للعلماء والمفكرين والأدباء المصريين ؛ تقديرًا لما بذله يحيى حقي من دور ثقافي عام، منذ بدأ يكتب، ولكونه واحدًا ممن أسهموا مساهمةً واضحةً في حركة الفكر والآداب والثقافة في مصر، بدءًا من الربع الأول من القرن العشرين.

كما منحته الحكومة الفرنسية عام 1983 م، وسام الفارس من الطبقة الأولى، ومنحته جامعة المنيا عام 1983 الدكتوراه الفخرية؛ اعترافا من الجامعة بريادته وقيمته الفنية الكبيرة، ثم كان يحيى حقي واحدًا ممن حصلوا على جائزة الملك فيصل العالمية ـ فرع الأدب العربي ـ لكونه رائدًا من رواد القصة العربية الحديثة، عام 1990م.