الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السعودية تواجه الحكم بمصرية «تيران وصنافير» بـ«صمت رسمي».. وصحف المملكة: الحكم ليس النهاية.. وإعلاميون سعوديون: اللجوء للتحكيم الدولي ليس في صالح مصر ولا المملكة

صدى البلد

  • جمال الذيباني: الحكم القضائي يزيد أجواء التوتر بين الشقيقتين العربيتين
  • سعود الريس: الموقف بين الرياض والقاهرة لن يصل لحد الأزمة.. وهناك من يسعى لتأزيم القضية
  • خالد الدخيل: الجزيرتان ليستا محل تنازع بين مصر والسعودية والقضية «محسومة»

لم تبد الحكومة السعودية أي رد فعل تجاه القرار القضائي المصري ببطلان اتفاقية بين مصر والسعودية تقضي بتبعية جزيرتي «تيران وصنافير»، الواقعتين بمدخل خليج العقبة في البحر الأحمر، للمملكة، وهو ما فسره محللون وكتاب سعوديون بتأكيد أن حكم القضاء هو «شأن داخلي مصري» وأشاروا إلى أن اللجوء للتحكيم الدولي قد يكون حلًا، إذا ما عرقلت آليات تنفيذ الاتفاقية، فضلا عن أن هناك حالة من الترقب في الرياض لموقف الحكومة والبرلمان المصريين بعد حكم المحكمة الإدارية العليا.

الصمت الرسمي في الرياض على قرار المحكمة الإدارية العليا في القاهرة أمس، قوبل أيضا بصمت رسمي في القاهرة، إذ لم تعلق القاهرة أيضا على الحكم، فيما كانت ردود الأفعال غير رسمية من قبل عدد من الإعلاميين والصحفيين وكتاب الرأي وبعض المتخصصين من خبراء القانون والعلاقات الدولية من الطرفين، ممن عرضوا وجهات نظرهم حيال الموقف الجديد، مشيرين إلى أنه قد يلقي بظلاله على مستوى العلاقات بين الشقيقتين العربيتين أو كما دأب تسميتهما بـ«الحليفتين التقليديتين الأقوى عربيا».

ومن خلال هذا التقرير، نستعرض وجهات النظر والآراء التي عرضتها الصحف العربية وأقلامها في إطار تفسيرهم للمشهد.

واستعرضت صحيفة «عكاظ» حكم تأييد مصرية جزيرتي تيران وصنافير، بتسليط الضوء القرار وإعلان القاضي المستشار أحمد الشاذلي، في جلسة النطق بالحكم: «إن سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير مقطوع بها، وإن الحكومة لم تقدم وثيقة تغير ما ينال من الحكم السابق» وتابع قائلا: «لهذه الأسباب وغيرها، حكمت المحكمة بإجماع الآراء برفض طعن الحكومة».

وذيلت الصحيفة للحكم بأن محكمة الدرجة الأولى في مجلس الدولة، كانت قد أصدرت في 21 يونيو 2015 قرارا ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية «المتضمنة نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير» للسعودية.

وأضافت أن السعودية ومصر وقعتا الاتفاقية أثناء زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى القاهرة في أبريل العام الماضي.

وأشارت إلى أن الاتفاقية أثارت اعتراضات عدة، إذ صدرت أحكام بالسجن تراوحت بين سنتين وخمس سنوات بحق 152 متظاهرا، وتضمن بعضها فرض غرامة مالية قدرها مائة ألف جنيه (نحو خمسة آلاف دولار) ضد كل متظاهر لإخلاء سبيلهم، كما أثارت الاتفاقية نقاشا تجدد بعد إحالتها إلى البرلمان للتصديق عليها في 29 ديسمبر الماضي.

وعرضت الصحيفة رأي قانونيين وبرلمانيين قالوا إن الحكومة المصرية ستلجأ إلى أدوات قانونية أخرى للتعامل مع الحكم الذي أصدرته المحكمة الإدارية العليا أمس، ببطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة، موضحين أن حكم البطلان مجرد جولة من جولات التقاضي.

وأوضح وكيل اللجنة التشريعية في مجلس النواب النائب نبيل الجمل، أن الاتفاقية لم تحل إلى اللجنة التشريعية حتى الآن، وبالتالى لم تبدأ في مناقشتها، مضيفا أن اللجنة ستنظر الأحكام القضائية الصادرة بشأنها فور إحالتها إليها للمناقشة، وأن أحكام القضاء ليس لها علاقة بإجراءات الإحالة أو المناقشة داخل البرلمان.

في السياق نفسه، ذكر نائب رئيس هيئة قضايا الدولة المستشار رفيق شريف، أن الهيئة ستدرس حكم «تأييد الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري، ببطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية واستمرار السيادة المصرية على جزيرتي تيران وصنافير» من جميع جوانبه تمهيدا لاتخاذ إجراءات قانونية أخرى بشأنه.

وأشار إلى أن الحكم ليس نهاية المطاف، وهناك منازعة تنفيذ أمام المحكمة الدستورية العليا لإلغاء أي حكم صادر ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية، مضيفا أن هذه الأحكام ستسقط بمجرد أن يمارس البرلمان حقه الدستورى في مناقشة الاتفاقية وإقرارها.

ووفقا للرأي الذي عرضته له صحيفة «هافينجتون بوست»، قال الكاتب والمحلل السياسي جميل الذيابي، رئيس تحرير جريدة «عكاظ» السعودية، إن حكومة المملكة ولا تقبل عملية المساجلات والجدل، فهي واثقة من امتلاكها تاريخيًا للجزيرتين؛ لذا تفضل مناقشة القضية بعيدًا عن حالة الغضب، والقضاء المصري عندما يُصدر حكمًا فهذا شأن داخلي مصري، ولكن على صعيد الشأن الدولي «المملكة لن تفرط في ما هو لها».

وأضاف «الذيابي»: "عندما زار خادم الحرمين الشريفين مصر في أبريل الماضي، كان هناك اتفاق رسمي واضح بملكية تيران وصنافير للسعودية، وأخرج الكثير من العسكريين والمثقفين والمؤرخين وثائقَ تُثبت ذلك، كما أكدت الأمر ذاته صحف وفضائيات مصرية".

وتابع: «هناك وثائق تكشفت أن الجزيتين سعوديتان، وأن المملكة جعلت مصر تستفيد منها في الحروب ضد إسرائيل».

واستطرد رئيس تحرير «عكاظ» قائلا إن الحكم القضائي قد يزيد الأجواء بين الدولتين توترا، ليس في صالح أحد، فمصر والسعودية شقيقتان، بينهما روابط وقواسم مشتركة، ولا يمكن ضرب علاقتهما بأي شكل من الأشكال.

وعن احتمال لجوء السعودية إلى التحكيم الدولي لحسم الأمر، قال: «إن اللجوء لمحكمة لاهاي، للفصل في المشكلة الحدودية أمر ربما لا تتمناه المملكة، ولا ترغب فيه مصر أيضا».

أما صحيفة "الحياة" السعودية فلم تتبنَ موقفا أيضا سواء معارض أو مؤيد لتبعية الجزيرتين، غير أنها اكتفت بنقل تطورات القضية ومستجدات المشهد على أرض الجزيرتين موضوع اتفاقية ترسيم الحدود المصرية السعودية.

ووفقا للتقرير الذي استعرض رأي رئيس تحرير الطبعة السعودية من صحيفة «الحياة»، سعود الريس، والذي قال إن اعتبار حكم الجزيرتين ملزم أو غير ملزم فهذا الأمر ليس من شأن المملكة، كونه شأنا داخليا مصريا، تبت فيه جهات أخرى، لافتا إلى أن القضية ما زالت خاضعة لمناقشة البرلمان المصري، مؤكدا أن السعودية تعمل وفق أطر المعاهدات والاتفاقيات الدولية.

وأضاف: «موقفا مصر والسعودية الرسميان متطابقان بشأن قضية الجزيرتين، ولكن ما سيحدث هو تأجيل البت في مستقبل تحديد هويتهما، وهناك ثقة بأن القاهرة قادرة على التعامل مع هذا الملف».

وتابع «الريس» أن «السعودية قدمت وثائق، تؤكد ملكيتها للجزيرتين، ولا أعتقد أن الأمر قد يصل بين البلدين لمرحلة الأزمة».

واتهم الكاتب السعودي الآراء السلبية في القضية بإثارة النعرات المغرضة سعيا لتأزيم القضية عبر «التجييش الإعلامي»، حسب ما أوردته الصحيفة، لافتا إلى أن تصعيد الموقف ليس في صالح السعودية ولا مصر، مؤكدا أنه ليست هناك حاجة للجوء للتحكيم الدولي، طالما «لا يوجد خلاف على الصعيد الرسمي، وبالتالي لا داعٍ للتقاضي».

ويرى الكاتب والمحلل السياسي السعودي، الدكتور خالد الدخيل، أن " قضية الجزيرتين ليست محل تنازع بين مصر والسعودية؛ معللا بأن الحكومات المصرية منذ عام 1950، وحتى الآن لا تتعامل معها على أنها قضية تنازع حدود، بل هي قضية محسومة، حتى من قِبَل الحكومة المصرية».

وعن الحكم قال الدخيل: «أرى أن المحكمة المصرية انطلقت من مسألة دستورية، في أنه لا يجوز التنازل عن سيادة مصرية على الأرض».

وحول إمكانية اللجوء للتحكيم الدولي لحسم الأمر، قال الكاتب السعودي: «الأمر يعتمد على موقف القاهرة».