الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علاج الجذور..من هنا نبدأ


مجرد اتخاذ القرار لزيارة طبيب الأسنان قرار شجاع فى ظل الصورة الذهنية الثابتة لدى الأغلبية عن صوت أدواته المزعج وحساسية الفم ونزيف اللثة أثناء أى إجراء طبى بالفم، ولدى شريحة ضيقة – المثقفين – فضلًا عن كونها زيارة لبوابة العدوى والمرض لا أملًا فى شفاء من مرض هو الأكثر إيلامًا، إلا أن مجال طب الأسنان كأى مجال طبى آخر سريع التطور فى أدواته وتدخلاته وتقنياته.

وإهمال علاج تسوس الأسنان فى بدايته يؤدى لتوغل التسوس وصولًا لهدفه الأسمى فى الإفساد وهو جذر السن – جائزته الكبرى – فهذا من وجهة نظر السوسة نجاح، ويوضح أخصائى علاج جذور الأسنان الألمانى هيلموت فالسه " أن ثمة أعراض دالة على التهاب عصب الأسنان تشمل: الحساسية من المشروبات الباردة والساخنة، ودوام الإحساس بآلام الأسنان"، وهذا الالتهاب يؤثر على اللثة وقد تمتد آلامه لجيران أُخر فى جغرافيا الوجه البشرى فيكون تورمه وانتفاخه دليلًا لوصول الالتهاب وتوغله لجذر السن مبتغاه النهائى.

وقد يكون أحد مسوغات ومبررات السقوط فى بئر الإهمال هذا والتأخر فى علاج التسوس هو عدم الإحساس بالألم فى المراحل الأولى بسبب عدم وجود متابعة وتشخيص دورى، بينما السوسة تباشر عملها فى وصولها لجذر السن – مكمن الحس – وكأنها تؤجل مكتسباتها بآلام أقل أو لا آلام فى سبيل تعظيم تلك الآلام مستقبلًا حال تمكُنها من جذر السن حينها تكون آلامًا لا تُحتمل ومكاسب جمة لصالحها.

ويتم اللجوء فى المحطة قبل الأخيرة إلى علاج الجذر بدلًا من إزالته بُغية الحفاظ على السن لأطول وقت، ويتم ذلك باستخدام أجهزة دقيقة كالميكروسكوبات العلاجية للوصول لقنوات الجذر وهى عملية قطعًا شديدة التعقيد خاصة فى ظل وجود حالات كثيرة يكون فيها السن يحوى العديد من القنوات – البنية التحتية للسن -وفى المحطة الأخيرة قد يضطر أو يلجأ الأطباء لاستئصال قمة الجذر المسماه " قطع الذروة " ويتم من خلال الوصول للجذر عبر العظام القريبة فى الفك وهو اجراء أجمعت البحوث الطبية أن مستوى نجاحه يصل حوالى 90% من إجمالي الحالات.

ومن المقدمة الطبية البسيطة السابقة...نرى كيف؟ دخلت السوسه فى تفاوض فى البداية انقلب إلى صراع للبقاء مع السن فى بيئة شديدة التعقيد سريعة التطور عالية الخطورة...وبهدف تقريب الصورة Zoom In وإسقاط مفهوم علاج الجذور سابق الوصف على حياتنا وما بها مشاكل اكتسبت خبرة التعايش وانجاب مشاكل كثيرة وصغيرة لها مستقبل ومُتسَع للكبر، ونحن نسير فى مسارات خاطئة للعلاج عبر تشخيص خطأ يؤدى قطعًا لعلاج خطأ...فلا حل والمشكلة تتفاقم فى هدوء ودعه وتفاجئنا بكارثة – السرطان الخامل – فمثلا قضية مثل الارهاب...هل مرة فكرنا؟ ...فى إجابة ناجعة لسؤال على شاكلة كيف يفكر الإرهابى؟ أو كيف يُصاغ/ يُصنَع الإرهابى؟ بمحاكاة السوسة فى المقاربة الطبية السابقة...كيف يقتنع أشخاص بأفكار هدامه ليحطموا بها أفكار وأشخاص وأشياء (كيف يفجر نفسه؟!) متوهمًا دخول الجنة؟!...وكيف؟ أن المواجهة تكون فى حيز (الشيئية) تهتم بالأشياء وعلى هامش الأشخاص فقط لاترتقى للأفكار وهذا ليس انتقاص من كوّن أحد الأذرع أمنيه، لكن لاينبغى أن تكون جميعها، لأنها ببساطة ليست مهمته ولا توجد لديه خبره سابقة بها فينبغى أن يكون هناك وحدة (كيان) تعمل كبنك للأفكار والحلول بناءًا على التجارب السابقة الكثيرة لنا ولبعض دول العالم التى عانت وتعانى وآمُل أن تتوقف معاناتها مستقبًلا وأتخيل هذا مرهون بالسرد الآتى من شرح وتشريح لمفاهيم وبيئة الإرهاب الشديدة التعقيد والخبث خاصة بعد اكتسابها صفة العالمية.

متابعة خطوط انتاج وتشكيل وعى وثقافة الإنسان مثل ( الأسرة، الحضانة، المدرسة، الجامعة، العمل) أى المجتمع كله وشبكه علاقاته؛ كى لا تحيد عن سواءها وتنتج لنا ارهابيين جُدد وعنف هو الابن الشرعى للتشدُد وعدم قبول أى مختلف سواء شخصًا أو فكرة، ويكون ذلك من خلال خطط ثقافية وأُطر قانونية ومحتوى تعليمى فاعل ومؤثر ومفيد ومراقبة المحتوى الثقافى الذى يقتحم على الناس بيوتهم عبر الكابلات التى أصبحت كثيرة جدًا عبر تفعيل مفهوم جديد أقترح تسميته أنسنة التكنولوجيا أى جعلها أداة بناء إنسانى مشترك تصب فى الإرث الإنسانى، ويكون ذلك من خلال رفع جودة المواد المعروضة على الجماهير؛ بُغية الارتقاء بذوق المُتلقى وتحفيز طاقاته الإبداعية فيصبح التفكير هو الأصل فى العلاقات جميعها...فلا ينمو التكفير فى أرض مزروعة بالتفكير، وهدم عقدة " الناس عايزه كده" وربط هذا كله بجهود التنمية واستدامتها وتقليل مساحة القابلية للاحباط، الاحباط المحطة التى تسبق اليأس الذى يعتبر أحد المكونات الخام لتوليفة الإرهاب كفكرة.

الإرهاب فكرة مسمومة وأغلب الأحيان يتم تسويقها مُغلفة ومُغلقة فى عبوات جيدة الشكل ذات جاذبية بُغية استقطاب كثير من الأتباع والمستهلكين لها، وهذا يؤكد أن توليفة العلاج يتحتم احتوائها على أفكار مضادة ذات جذور متينة تستمد قوتها من الأرض – الجغرافيا – والتاريخ محلية الصُنع، ولا نستورد أفكار للحل من خارج أرضنا! لأنها ببساطة لاتُنبت وإن أنبتت لاتحيا طويلًا وإن حدث لاتنتج ثمارًا.

وأخيرًا: "من الممكن مقاومة غزو الجيوش ولكن لا يمكن مقاومة فكرة حان زمانها" فيكتور هوجو
الخلاصة: أعتذر عن صياغة السؤال القائل : كيف يفكر الارهابى؟ لأنه لو فكر ما أصبح ارهابى مجرِم ومجرَم فعله.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط