الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد زكي يكتب : العبث الحزبي في قضية تيران وصنافير المصرية

صدى البلد

إنه العبث السياسي بامتياز ، فجل الأحزاب تناضل اليوم من أجل كعكة الحكومة والهروب من تحمل مسؤولية المعارضة. ففي أي نظام ديمقراطي يحترم نفسه توجد معارضة متنبهة لكل الاختلالات التي يمكن أن تنتج عن التسيير اليومي للحكومة.

فعلا الدستور لم يحدد سقفا زمنيا لتشكيل فرق المعارضة الحقة المنتظمة، لكن لا يعني هذا ترك المجال مفتوحا للأطراف السياسية دون حثها على التوافق على صيغة عملية ومنطقية للتداول حول منهجية التدبير الحكومي والتحالف على أساس عوامل وقيم مشتركة.

يبدو أن زعماء الأحزاب السياسية استحلوا لعبة الزمن فاستغلوه في معركة تكسير العظم في ما بينهم، مهددين قيم التوافق على خدمة مصالح البلاد والعباد والمساهمة في تفريغ العمل الاجتماعي من روحه في عمق المنهجية الديمقراطية.

دعم مسار الخيار الحكومي من خلال إعادة التشكيلة التي عرفناها في السنوات الخمس الماضية تدعمه فرضيتان، الأولى هي أن صراعا بين موازين القوى المتعددة وصل إلى حالة من التصادم بين الرؤى في تقييم النتائج ، فتم التوافق على إعادة الهيكلة الحكومية الأولى بدل إعادة الانتخابات التي ستكون مكلفة، الفرضية الثانية تحكم السياقات والظروف ذات الصلة بتسريع هندسة قرار تشكيل الحكومة يفرض حلا وسطا يعطي الأولوية للمنهجية الديمقراطية دون رفع سقف التوقعات ولا الضغوطات.

بين الديمقراطية والدكتاتورية خيط رفيع يمكن أن يتآكل بسهولة ويسر كلما تكثفت الرغبة في استغلال الآلة الديمقراطية لاستجماع قوة الدكتاتورية، وكلما توحدت المصالح الشخصية ضد رغبات الصالح العام ، بينهما عنصر جامع وآخر يقع سدا منيعا لاختلال موازين القوى بينهما، إنه الثقة والتوافق والرغبة العميقة في تسهيل التداول على السلطة والاحتكام إلى صناديق الاقتراع وإلى قانون المحاسبة.

اليوم تتصرّف بعض الأحزاب بلهفة غريبة للمشاركة في كل دائرة سياسية وتنفيذية ، رغم أن المواطن الذي شارك في العملية الديموقراطية لم يمنحها تفويضا فعليا لفرض وجهة نظرها باعتبار العضوية الهزيلة التي حازتها، إلا أن الغريب في الأمر أن هناك من يفرض شروطه بعجرفة، وآخر يهدد بالويل والثبور إذا لم يشارك وكأن لهم فعلا امتداد شعبي ومؤسساتي يؤهلهم لفرض أنفسهم دون وجه حق.

فكيف يمكن لمثل هذه الأحزاب التي لم تقدم وصفة ناجعة في عز الحملة الديموقراطية للرفع من نسبة النمو والحد من البطالة، وتطويق آفة التطرف، وفتح علاقات دبلوماسية مثمرة والحد من تدخل المؤسسات الدولية في الشأن الداخلي، واستجلاب انتباه الشباب للعملية السياسية وإعطائه الدافع الحقيقي للمشاركة المكثفة في الانتخابات؟

أحزاب يمكن أن تصبح ألغاما مزروعة في طريق ديمقراطية مازالت تتلمس طريقها وتشوش على مسارها، إذ كيف يمكن لمثل تلك الأحزاب أن تعمل على تفعيل خطابات إصلاح الإدارة والاهتمام الفعال بالوضعية التي تعيشها الفئات المهمشة وتقديم مقترحات خاصة بالرفع من تواجد مصر داخل أفريقيا والتصدي لمناورات الخصوم؟